لا ينتج زميلنا محمد الخالدي مقدم برنامج نبض البلد (ثرثرة عابرة) بقدر ما ينتج جدلا حقيقيا، نبض البلد هو البرنامج الوحيد الذي تكمله حتى اخر دقيقة.. لسببين الأول: أنه يخرج عن مألوف البرامج الحوارية والثاني: أن محمد الخالدي شخص بسيط ومتزن وهادئ.. ومحايد.
كنا نداعبه دوما بكلمة (ابو قرعه)، وللعلم (ابو قرعه) في البرنامج الذي يقدمه لم يحصل على دعم من قوى سياسية مؤثرة، هو لا يتقاضي ألوف الدنانير من الإعلانات.. لأنه لم يدخل إلى الإعلام من زاوية التاجر، محمد الخالدي أيضا لا يملك شركة إنتاج.. وليس له رافعات خارجية، لا يحظى بالدلال الرسمي وبرفع قيمة العقد مع القناة سنويا... لا تقوم شركات السيارات الفاخرة بتبديل سيارته كل سنة على حساب الإعلان التجاري... مع كل ذلك.. يبقى هو المذيع الأكثر تأثيرا في المملكة، والأقرب إلى القلب.
أنا لا أمدح هذا الرجل من قبيل التقرب إليه، لأننا من حال واحد... فهو لا يملك شيئا يقدمه لي وأنا لا أملك ما أقدمه له سوى هذا المقال، ولكن السؤال الذي أطرحه دائما لماذا في لحظة نحتضن حالات أقل بكثير جرأة ومهنية وعمقا من محمد الخالدي، بالمقابل تدير وجهها عن الحالات التي تدرجت بالمهنة عبر قوى الدفع الذاتي وطورت نفسها، وهي من خلقت مساحات الحرية لذاتها، وهي من أقنعت الدولة في لحظة بضرورة طرحها وبضرورة رفع السقف.
الإبداع لا ينتج بقرار رسمي، هو مسألة فطرية مرتبطة بالموهبة والشخصية، ونحن في الغالب نهتم بالحالات المطيعة وليس بالحالات المبدعة...وأحيانا النضج لايرتبط بالكرسي أو المنصب بقدر ما يرتبط بالشخص ذاته، بقوته وقدرته على تطوير نفسه.
أعرف أن الزميل محمد الخالدي بكل ما أنتج من حراك وجدل على الساحة الأردنية، وبكل ما قدم من رفع لسقف الحرية، ومن إبداع في تقديم وجهات النظر..ومن جمع الخصوم على طاولة الوعي لا على طاولات التناحر، ربما لم يجد تكريما يليق به عبر هذه السنوات الطويلة من العمل خلف الشاشة، ولكن تكريمه يبقى مرتبطا بالناس بعشرات الألوف لابل مئات الألوف التي تراقبه من خلف الشاشة وتستمع للحقيقة..كاملة وليست ناقصة.
وليكن هذا المقال بمثابة تكريم مني شخصيا لأخ مبدع، ساهم كثيرا في رفع سقوف الحريات والتعبير وطرح القضايا الوطنية بدون خجل... وظل كما هو ولم يتغير.. محمد النشمي والطيب والعميق.. والوطني الحر.