خلال الخمسة وعشرين عاما الماضية قرر «الأردنيون» بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني الانتقال بالدولة إلى مصاف الدول المتقدمة والأكثر تقدما وتطورا واستقرارا وعلى مختلف الاصعدة اقتصاديا وسياسيا وحضاريا، معززين لمراحل التأسيس والبناء التي قادها الهاشميون والأجداد منذ قيام الدولة، متحدين في مواجة التحديات ومتفقين على جعل الوطن قصة نجاح تبهر العالم، فهل نجحنا؟
في هذا المقال سأتجاوز عن المشككين والحاقدين والسوداويين ممن اعتادوا جلد الذات والتنظير خارج اطار المسؤولية، وسأكتفي بالأرقام والمؤشرات سبيلا ودليلا على عمق الإنجاز وحجمه، فما تحقق من منجزات خلال الربع قرن الماضي في المملكة كبير ومهم لدولة لاتمتلك من الامكانات والموارد والثروات سوى الموارد البشرية مقابل ما واجهته من تحديات جسام.
نعم, ما تحقق كبير وكثير ويعجز عن ذكره مقال او حتى كتاب او حديث عبر الكميرات ولساعات، ولهذا لنبدأ معا من العقبة ثغر الاردن الباسم وما تحقق فيها وبالارقام، ففي المدينة الساحلية اليوم يوجد 12 ميناء و 32 رصيفا بعدما كان «ميناء وحيد» قبل 25 عاما وحجم الاستثمارات فيها وصل 28 مليارا وتشغل ما يقارب 85 الف بشكل مباشر ومئات الالاف بشكلا غير مباشر وبما يقارب 1800 شركة مسجلة.
مطار العقبة تحول لمطار دولي ويستقبل «2 مليون راكب» من السياحة العالمية والمحلية بعدما ان كان مطارا محليا للرحلات الداخلية، فعشرات الفنادق والمنتجعات السياحية من فئه 5 نجوم موجودة في العقبة الان بعد ان كان عددها لايتجاوز اصابع اليد الواحدة.
المؤشرات الاقتصادية للمملكة خلال الربع قرن الماضية تبين ان هناك تقدما واضحا بمجمل مكونات الاقتصاد الوطني وبمقدمتها صعود الناتج المحلي الإجمالي من 5.9 مليار دينار عام 2000، إلى 34.544 مليار دينار خلال عام 2022 و ارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 1278 دينارا عام 2001 ل 3056 دينارا عام 2022، وكذلك الصادرات الكلية من نحو 1.081 مليار دينار عام 2000، إلى نحو 8.082 مليار دينار في عام 2022.
القطاع المصرفي ايضا شهد نقلة نوعية بعد إدخال مفهوم «البنك الشامل» على القطاع حيث بلغ بنهاية عام 2023 20 بنكاً وتشمل 15 بنكاً أردنياً مدرجاً في بورصة عمان منها 3 بنوك إسلامية 5 أجنبية كما شهد القطاع خلال 25 عاماً تطورا كبيرا في الانتشار الجغرافي فقد تضاعف عدد فروع البنوك من 463 عام 1999 إلى 941 فرعا في عام 2022.
واما البنية التحتية في المملكة قلبت راسا على عقب خلال الـ 25 عاما من طرق وجسور ومطار وصحة وتعليم وكل ما يلزم للتنمية المستدامة بالمحافظات ففي كل محافظة تجد تطورا عمرانيا واقتصاديا مبهرا ويوجد في جميعها مدن صناعية ومستشفيات وجامعات ومدارس وكهرباء وماء ولم كانت موجودة قبل عام 2000 نتيجة قلة الامكانيات ومحدودية السكان.
خلاصة القول، ان ما واجهته المملكة من تحديات كبيرة، اذ ما تم مقارنته مع ما تحقق من انجازات كبيرة سنجد ان الاردنيين نجحوا في ابهار العالم وحققوا بقيادتهم الرشيدة قصة نجاح وتقدم على كافة الاصعدة فهم اليوم في المراتب الاولى في التكنولوجيا وريادة الاعمال وفي استقطاب المستثمرين والبنية التحتية والتنمية المستدامة صناعيا وتجاريا وخدميا، فما تحقق لا تكفية سطور ولا حتى مجلدات ويصعب ان يروى، فالانتقال الكبير للاردنين اكبر من بكثير من ان يحصى.