الفلسطينيون والعرب عموما دعاة سلام، وباحثون عن الشرعية التاريخية التي أنصفها المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة وفقا لقرارها 242 الذي طالب إسرائيل بمغادرة الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 وردا على قرارها 181 الداعي عام 1947 لتقسيم فلسطين رغم معارضة العرب لها عبر جامعتهم العربية المؤسسة عام 1945، وهم ليسوا إرهابيين بمقياس إسرائيل العابرة في التاريخ وبحجم ثمانون عاما من عمر المنطقة ، وتاريخهم كنعاني أصيل عمقه خمسة الاف عام قبل الميلاد و أكثر . ولقد عانى الفلسطينيون كثيرا و العرب كذلك و قدموا الشهداء جراء الاحتلالات الإسرائيلية المتتالية عامي 1948 و 1967 ، وفي الحروب العربية المنتصرة عامي 1968 و 1973 . ولقد أعاق نظام احادية القطب إيجاد حلول ناجعة للقضية الفلسطينية العالقة و لقضايا العرب الاحتلالية كذلك ، وتعاون مع إسرائيل بصددها وجامل العرب ذات الوقت ، وأضاع وقت القضية وقضايا العرب.
ولا ننسى هنا بأن اليهود عانوا من النازية الألمانية، وتعرضوا الى جانب شعوب السوفييت و أوروبا لمحرقة تدحرجت بين أعوام 1933 و 1941 و 1945 التي تسببت بمقتل ملايين من البشر منهم كما يقول اليهود أنفسهم ستة ملايين يهودي ، وهو الأمر الذي دفع بالزعيم السوفيتي جوزيف ستالين بتوجيههم الى فلسطين بعدما أراد بأن يكون موطنهم الجديد بعد باراذبيجان الروسية – السوفيتية إلى منطقتي القرم في البحر الأسود أو سخالين على حدود اليابان. و الملاحظ هو بأن اليهودية و توراتهم ومنها المزورة وضعوا أمام أعينهم هدف غرس أرجلهم في التراب الفلسطيني و العربي للبحث عن هيكل سليمانهم السرابي الذي يستحال أن يجدوا له أثرا حاليا وفي عمق الزمن القادم. والأدهى هو بأنهم قدموا إلى فلسطين و إلى بلاد العرب ليفرغوا سمومهم فيها بعد معاناتهم من النازية الألمانية ، فعاثوا فيها خرابا و تدميرا وشردوا و قتلوا العديدين و سجنوا و عذبوا غيرهم ،و منعوا عن جرحى غزة أدوية التخدير الطبي العلاجي حتى.
لقد فرضت الحروب على الفلسطينيين و على العرب و لم يختاروها، ولا زال العرب في موضع دفاع حتى في حروبهم الهجومية ، و لم يتمكنوا من امتلاك سلاح غير تقليدي امتلكته إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948 و أخفته عن العرب حتى اكتشفته للصحافة البريطانية الخبير الإسرائيلي مردخاي فعنونو عبر صحيفة " صنداي تايمز " عام1986 . و غاب عن العرب حرصهم للوصول لوحدة حقيقية ، تماما كما دعاهم اليها ملك العرب و شريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه ، مفجر ثورة العرب الهاشمية الكبرى عام 1916 بعلم واحد ، واقتصاد واحد، وعملة واحدة ، وجوازات سفر واحدة ، و جيش واحد . و أضيف هنا بعاصمة واحدة ( الحركة العربية – سيرة المرحلة الأولى للنهضة العربية الحديثة 1908 – 1924 . سليمان الموسى . ص 695 ) .
السابع من أكتوبر 2023 حمل رسالة فلسطينية غاضبة عكست قسوة الاضطهاد و الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية و العربية على مدار 75 عاما ، ووجهت الرسالة لإسرائيل أولا ، و لتحريك الضمير العربي ثانيا ، و الدولي كذلك ، و نجحت في مهمتها و هدفها ، فالقضية الفلسطينية التي كادت أن تتوارى عن الأنظار ، تألقت وبان وهجها من جديد . و مثلما تسببت بكارثة بشرية إسرائيلية تجاوزت الألف و نصف الألف قتيل ، جاءت ردة الفعل الإسرائيلية مبالغ فيها لدرجة الوحشية و النازية و حرب الإبادة و برقم بشري فلسطيني تجاوز 36 الف شهيد ، جلهم من الأطفال و النساء و الشيوخ . و استهدفت إسرائيل المواطنين الفلسطينيين وكأنهم حماس – حركة التحرر العربية – الفلسطينية الإسلامية ( الأيدولوجيا ) ، فهدمت بيوتهم ، و قتلت إنسانهم من دون رحمة .و اشتاطت غضبا ليس من السابع من أكتوبر فقط بل نتيجة لفلشها في مقارعة حماس و المقاومة الفلسطينية الباسلة التي تحارب بما تملك من سلاح خفيف ، و رغم فقدان التوازن العسكري الذي استبدله الفلسطينيون بالشرعية التاريخية و بعدالة القضية .
إسرائيل في حربها على غزة وأطراف رفح و الضفة الغربية استهدفت تفريغ فلسطين من سكانها و تهجيرهم قسريا ،و فشلت في مسعاها ، و تشوهت صورتها إقليميا و دوليا و الأدلة كثيرة وفي مقدمتها جامعة كولومبيا ، واعتراف مجموعة دول عالمية بالدولة الفلسطينية مثل( كولومبيا واسبانيا و الأرجنتين والبرازيل و الصين و الهند و أندونيسيا و روسيا و جنوب أفريقيا و تركيا ) ،و غيرها قطعت علاقاتها مع إسرائيل ،و صورة إسرائيل مشوهة أصلا . و يكفي العالم أن يشاهد صور شهداء فلسطين بعد السابع من أكتوبر يدفنون تحت التراب جماعة لتنتهي صورة إسرائيل و إلى الأبد . و بين الحق و الحقيقة و قلب الحقائق و التزوير شعرة واحدة . ولم يعد العالم يسير خلف أساليب التضليل في زمن انفتاح ماكنة الاتصال الدولي على مصراعيها ، و تنوع قنواتها .ودهاليز إسرائيل الإعلامية باتت مكشوفة على الملأ .
لقد وافق العرب على السلام مع إسرائيل ، و ليس كل العرب ، فبدأ من منظور تحرير المحتل عبر السلام ، مثل تحرير سيناء 1979 ، و إقليمي ( الباقورة و الغمر ) عام 2019 ،و إجبار إسرائيل على الهرولة من غزة عام 2005 ،و بهدف خدمة الشقيق الفلسطيني ، و لتحريك الاقتصاد . و شنت حربا إسرائيلية في المقابل بهدف الأستيلاء على فلسطين التاريخية 1948، وتم لها ذلك بسطوة السلاح ،وحربا عربية مقابلة عام 1967 لتحرير فلسطين ،ولم يكتب لها النجاح . و لازالت إسرائيل تحارب الفلسطينيين داخل أراضيهم المعترف بها دوليا وفقا لقرار الأمم المتحدة 242 و تتصرف داخلها و كأنها أراضي إسرائيلية . و لقد أخطأ العالم عندما اعترف بإسرائيل عام 1948 فوق أرض فلسطين ،ولم يعرف بدقة سياستها العدوانية و الاستيطانية . و الفرصة متاحة الان إن لم تعترف إسرائيل بالدولة الفلسطينية لتفكيكها و ترحيلها إلى من حيث قدم يهودها من شتى أقطار العالم أو الى حيث رغب جوزيف ستالين عام 1950 الى القرم أو سخالين ، و إقليم ( الاسكا ) الأمريكي – الروسي الأصل مناسب أيضا لها .
مجلس الحرب الإسرائيلي يضم شخصيات سياسية و عسكرية متطرفة محسوبة على حزب الليكود وهم ( بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء ، و ووزير الدفاع يواف غالانت ، و رئيس هيئة الأركان السابق بيني غانتس ) و يساعدهم في الظل ( غادي إيزنكوت قائد الأركان السابق ، ووزير الشؤون الأستراتيجية رون ديرمز بالأضافة لبنغفير إيتمار و بتسلئيل سموتريش ) ، و كلهم من نفس الصنف أو العلبة .و الأهم هنا هو أن تركيز إسرائيل منصب على تحرير أسرى لها يقل عددهم عن مئتي أسير عسكري و مدني وجودهم في الأسر مؤقت و مرهون بوقف الحرب في غزة نهائيا . و لا حديث إسرائيلي عن المعتقلين الفلسطينيين المناضلين و تعدادهم كبير يزيد عن عشرة الاف معتقل في السجون الإسرائيلية .و أمريكا و الغرب يعزفون خلف الأوركيسترا الإسرائيلية و يقيمون علاقات هامة مع العرب ،وعينهم على المملكة العربية السعودية الصيد الكبير بالنسبة لهم لتوقيع سلام بروتوكولي مع إسرائيل في زمن تتمسك فيه السعودية بشرط الرابع من حزيران لعام 1967 وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية ترجمة لقمة العرب في بيروت عام 2002.