انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات مقالات مختارة الموقف مناسبات شهادة جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

القضاه يكتب: تحديث أنظمة الموارد البشرية في القطاع العام ودسّ السُم بالدَسَم


الدكتور محمد أمين القضاه

القضاه يكتب: تحديث أنظمة الموارد البشرية في القطاع العام ودسّ السُم بالدَسَم

مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/02 الساعة 18:28
استفاق الشعب الأُردني قبل أيام على كارثة إدارية يقال بأنها جاءت لإصلاح أنظمة الموارد البشرية، وكان من بين ما أُعلن عنه في هذه الإصلاحات آلية التعيين، والحد من الإجازة بدون راتب للعمل خارج وداخل المملكة، وكذلك إلغاء ما يُسمى بالترفيع الجوازي، وفي هذا المجال أرجو أن أُبيّن ما يلي:
أولاً: العمليات الجراحية لإصلاح القطاع العام الحكومي قديمة جداً جداً ولم تكن جادة في معظم الأحيان، ولعل المُتابعين لهذا الشأن يعلمون بأن معظم الخطط الرامية إلى ذلك كانت " شلفقة بشلفقة" ومُجرّد عنتريات لا تُسمن ولا تغني من جوع.
ثانياً: تعديلات الأنظمة والتعليمات الخاصة بأنظمة الموارد البشرية ومنها نظام الخدمة المدنية كانت في معظمها تعديلات مبنيّة على إحساسات وتنفيعات شخصية ولم يقم فيها أصحاب الاختصاص ولا حتى تمت استشارتهم فيها، باستثناء التعديلات التي تمت عام ٢٠٠٦ حيث تم توزيع مسودة النظام على أصحاب الاختصاص والوزارات والدوائر الحكومية وتم إجراء تعديلات جوهرية نالت استحسان الجميع.
ثالثاً: فيما يتعلّق بموضوع الإجازة بدون راتب وعلاوات، فقد كانت في الأنظمة السابقة سبع سنوات وتم تعديلها لعشر ثم أصبحت مفتوحة؛ والتعديل الأخير هنا برأيي كان خطأ قاتل، وجاءت شهقة الإصلاح الأخيرة لتنقض كل ما كان وتحددها بثماني شهور طيلة خدمة الموظف، وهذا الأمر يعني حرمان الموظف والوطن من ملايين الدنانير سنوياً وعودة معظمهم من إجازاتهم هم وعائلاتهم، مما سيرتّب أعباءً كبيرة عليهم ويقضي على طموحاتهم وآمالهم في حياة كريمة، وكانت حُجّة من سَلَق الموضوع بأنه لا يجوز حجز شاغر لموظف، والأصح بأن الأنظمة المتعاقبة سمحت بالتعيين على وظائف بدل المجاز والمعار، وهذا يعني أيضاً زيادة حجم البطالة المُتفاقم أصلاً والذي ينذر بخطرٍ لا يعلمه الله، حيث تجاوزت النسبة اليوم ما يزيد عن ٢١٪؜ وفق النسب الرسمية، كما أن مخزون الديوان فيه ما لا يقل عن نصف مليون متعطّل.
رابعاً: فيما يتعلق بالترفيع الجوازي فقد كان للمتميزين وبنسبة ٦٪ من اعداد الموظفين الذين يجوز ترفيعهم، ثم تم رفع النسبة إلى ٨٪ تحفيزاً للموظفين، ثم جاء التعديل الأخير ليجهض كل طموحات الموظفين في الترفيع وليطلع علينا بعضهم ليقول بأن الترفيع الجوازي من صلاحية الوزير وتم الغاؤه، وهو في الأصل من الصلاحيات الممنوحة للجنة الموارد البشرية في الدائرة وفقاً لنص النظام، وهذا يعني قتل أمل من كان يحلم بالترفيع لدرجة أعلى بناءً على إنجاز أو كفاءة، وفيه أيضاً من الضرر المادي والمعنوي ما فيه، وخاصة من كان يحلم بالترفيع للدرجة الخاصة.
خامساً: التغنّي بأن الإصلاحات الأخيرة تمّت بأيدي أردنية يعيب هذه الأيدي، فالأردني بطبعه لا يحب الضرر بالغير، والمواد المضرّة معروفٌ أصحابها وعرّابيها، وأعتقد بأنها فئة بعيدة كل البعد عن التطوير والتحديث لمنظومة الموارد البشرية والتنمية والتطوير والتحديث.
سادساً وأخيراً: يجب إعادة النظر بكافة المواد الضارة المُضرّة حتى لو تم اقراره وسار بجميع مراحله الدستورية، ففيه من الضرر ما فيه، وفيه سماً بالدسم، وكان الله في عون الوطن.
إننا اليوم مطالبين جميعاً بأن نقف مع مصلحة الموظفين في القطاع العام وأن لا ندع مثل هذه التعديلات التي فيها من الضرر ما فيها أن تمر مرور الكرام، وأدعو من هذا المنبر جميع المتخصصين في شؤون الموارد البشرية أن يقدموا ما يُمليه عليهم ضميرهم تجاه هذه التعديلات المُجحفة، كما أن الأحزاب ومؤسسة البرلمان القادمة مطالبين من الآن أن يضعوا هذا الملف في صُلب أولوياتهم، لأن ما يضرّ الموظف العام سينعكس سلباً على الدخل القومي في وطننا وسيكرّس ثقافات سلبية في العمل لا تحفّز على الابداع والابتكار وستُبقي هذا الملف بلا تقدّم كما يروجون له، ونأمل أن لا تمر هذه التعديلات مرور الكرام، وللحديث بقية.
مدار الساعة ـ نشر في 2024/06/02 الساعة 18:28