استمعت إلى مقابلة سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني مع قناة العربية والتي كانت في الأسبوع الماضي (مدتها 48 دقيقة).بكل تأكيد أنها كانت مقابلة شمولية المحتوى على الصعيدين الداخلي و الخارجي . في هذه المقابلة فهمت أكثر من أي وقت مضى طبائع الأمير حسين الشخصية و منهجية تفكيره ومواقفه المختلفة تجاه الماضي و الحاضر و المستقبل. بدون أدنى شك أن المقابلة ولعمق ما جاء بها فإنها تحتاج الى محاضرة نوعية في وصف وتحليل محتواها . لكنني اليوم وعبر هذه المقالة القصيرة أريد التوقف على عدة موضوعات في البعد الوطني الاردني والتي تناولها الأمير في مقابلته الإعلامية . والتي تشمل ( طبيعة النظرة إلى المعارضة السياسية والهوية الوطنية ومنهجية الحكم لديه ). أما الفائدة من تناول هذه الموضوعات الثلاث فهو يأتي من أنها تشكل هوية الأمير السياسية في موضوعات يوجد حولها و عليها جدل وآراء متباينة .
نبدأ من الموضوع الأول وهو حقيقة نظرته إلى المعارضة . ومع أن سموه رفض هذا المصطلح لكنه حدد من هي المعارضة المقبولة . وهي استنادا إلى كلامه فهي التي تمثل النقد البناء الذي يتضمن تقديم رأي آخر مستندا إلى آراء مدروسة . مضيفا أنها تعتبر مطلبا سياسيا يؤكد واقع التنوع . مؤكدا أن الرأي الناقد وفقا لهذه المواصفات هو كامل الوطنية . مع الدعوة إلى أن يكون الحوار مستقبلا قائما على برامج للعمل . في رأيي الشخصي فإن موقف الأمير من المعارضة هو ذات موقف الملك عبدالله الثاني تجاه ذات الموضوع حينما تناول الملك عبدالله الثاني مواصفات المعارضة المقبولة والمعارضة المرفوضة في الأوراق النقاشية الملكية .
أما الموضوع الآخر في المقابلة والذي استوقفني فهو نظرة الأمير إلى جدلية العلاقة ما بين الهوية الوطنية وما بين الهويات الفرعية . لقد كان رأيه في ذلك رأيا متوازنا. حينما أقر بحقيقة أن الهويات الفرعية هي شيء طبيعي . وانه ليس عيبا أن يفتخر الإنسان باصوله . لكن ضمن الهوية الوطنية والتي تعتبر المظلة الأساسية . مع التأكيد أن تماسك النسيج الاجتماعي الأردني هو السبب في خروج الأردن من الأزمات التي مر بها . في تعليقي الآخر على حديث الأمير في هذا الموضوع. أجد أن رأي سمو الأمير يمثل حلا توافقيا بدلا من الآراء المتناقضة . سواء تلك التي تريد الانحياز الكامل إلى الهوية الوطنية دون الاعتراف بالهويات الفرعية .أو الآراء المناقضة لها و التي تقدس الهويات الفرعية ولا تكترث بالهوية الوطنية.
بقي الموضوع الثالث والذي استوقفني في المقابلة الإعلامية . وهو وجهة نظر سمو الأمير حول فلسفة الحكم ودور الأمير في صناعة السياسات وتعيين القيادات في المناصب العليا . في الإجابة على ذلك فقد أكد سمو الأمير أن له رأي في صناعة السياسات عبر تقديم المشورات لكن دون التعدى على السلطات . و فيما يتعلق بالعلاقة ما بين القصر و الناس . فنهج الأمير هو التواصل مع الناس والاستماع إليهم مباشرة مع إشارة منه إلى المتابعة غير المباشرة عبر الفضاء الإلكتروني . في ذات الاتجاه وهذه هامة جدا فإن الثقة في علاقة الأمير مع الآخرين فإنها حسب قول سموه تأتي بالتدرج عبر المواقف وليس الكلام فقط. من هنا والكلام لسموه فإن المهم هو الإنجاز . موضحا أنه وعندما تكرر الأخطاء وما تفضي إليه من ضياع الفرص . فإن هذا ما يولد غضب الأمير تجاه هؤلاء .في تعليقي على هذه الجزئية .أقول إن كلام سموه هو في قمة الصراحة . وبالتالي فهي رسالة إلى جميع من قد يعملون بمعيته في المستقبل أن هذا هو نهجه و هذه خطوات اكتساب ثقته و هذه أسباب الاستمرارية معه.
ختاما .في هذه المقابلة يواصل سمو الأمير نجاحاته المتتالية والمتصاعدة القريبة إلى نبض الشارع . والتي نتج عنها ارتفاع متنامي متصاعد في شعبية الأمير . فهو يتكلم بهدوء ودقة وثقة ووضوح مع نضج سياسي عميق وعرض للفكرة التي يؤمن بها بأسلوب قريب إلى العقل و النفس . مع استخدامه عدد من مفرداتنا الشعبية في إعلان الموقف أو تأكيده في بعض الموضوعات . والتي تؤكد أن من يتحدث هو واحد منا و يتحدث عنا.