تضمنت مقابلة صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله ولي العهد مع "العربية" توجيهات عملية مهمة في جميع الاتجاهات ولا بد من أن تكون محط اهتمام المسؤولين على اختلاف مواقعهم، بل ومحل اهتمام الجميع.
لم أتفاجأ بعمق طرح صاحب السمو الملكي وجمال الأسلوب. وبكل تأكيد، صاحب السمو الملكي لا يحتاج لإي مديح ولا ينتظر مني ولا من غيري شيئا من هذا القبيل. ولهذا سأدخل بشكل مباشر في صلب الموضوع.
حاولت تحليل المفاصل الأساسية في حديث سموه ووجدته يحمل توجيهات بطريقة مباشرة لكل مواطن ومسؤول. وتوصل بي الاجتهاد إلى استنباط المضامين التوجيهية التالية:
أولا: سر نجاح الأردن في مواجهة التحديات هو وعي الشعب ووحدته وتماسكه. ولهذا، سمو الأمير يحث المسؤولين على الانفتاح على الشعب والتعامل معهم بشفافية في كل ما يتعلق بالوطن ومستقبل الأجيال.
ثانيا: قوة الدولة من قوة مؤسساتها. ولذلك، سمو الأمير يوجه القيادات إلى التفكير طويل المدى واستشراف المستقبل والتخطيط له واتخاذ القرارات المتزنة بعيدا عن المزاجية أو الانفعال. هذا بالاضافة إلى ضرورة الواقعية في التخطيط والمرونة فيه. بمعنى قبل أن يطلب المسؤول تنفيذ شيء عليه أن يدرك الممكن من غير الممكن. وعلى المسؤول أيضا الأخذ برأي أصحاب الاختصاص لأنهم أعرف بالتفاصيل. وكذلك، لابد من وضع اهداف فيها تحدي ولكنها في ذات الوقت قابلة للتحقيق وخطط أيضا قابلة للتنفيذ مبينة على تحليل دقيق لمعطيات واقع الحال مع المرونة وعدم الجمود ذلك للتكيف مع المستجدات والتركيز في كل شيء على ما ينفع الناس.
ثالثا: علاقات الأردن مع دول العالم مبنية على الاحترام المتبادل. ولهذا، صوت الأردن مسموع ومُقدر حتى لو اختلفت وجهات نظر مختلف الاطراف. كما أن الأردن القوي قادر على مد العون لمن يحتاج.
رابعا: على القيادات أن تضع عينها على المستقبل. ولهذا، فهي بقدر ما تقيم الماضي لكي تستفيد مما كان، إلا أن اهتمامها يجب أن ينصب على المستقبل وما فيه من فرص وتحديات. لذا، لابد من قراءة المستقبل وما يحمل من فرص وتحديات وتحليلها والاستعداد المسبق للتعامل معها وما ينتج عنها من تداعيات.
خامسا: العمل المؤسسي لا يرتبط بأشخاص بل يستمر مع تغير الأشخاص. ولابد من التركيز على الاستثمار في الانسان وتعزيز انتاجيته والتوجه للتعليم المهني والتقني الذي يحتاجه سوق العمل. العولمة جعلت العالم كله سوقا واحدا. ولهذا، لابد من استغلال كل فرصة ومناسبة وحدث للترويج للأردن سياحيا وتاريخيا وثقافيا واستثماريا. وهذا ما حدث مع سمو الأمير حيث استخدم المقابلة ذاتها في الترويج للأردن.
سادسا: محطة الوصول التي نسعى لولوجها جميعا هي الاكتفاء الذاتي. ولهذا، لابد من تعزيز سبل الاعتماد على الذات تدريجيا والعمل وفق مستهدفات والاصرار على النجاح وقياس نجاح الإدارة بالاعتماد على مؤشرات أداء.
سابعا: الصدق مع الذات هو سبيل النجاح مع ضرورة هدوء وحكمة المسؤول التي تنتقل إلى من حوله بعيدا عن الانفعال والتوتر الذي يؤثر سلبا على الاداء والقرار وكذلك على الجو العام. وعلى المسؤول تقبل الانتقاد فالنقد البناء صحي ويضمن تطور الاداء. ولأن الاداء الحالي ليس بالمستوى المطلوب، لابد من قبول التحدي والسير للامام ليس خطوة واحدة بل خطوات. أما الثقة بالمسؤول فتأتي بالتدرج وتعتمد على الأفعال لا مجرد الأقوال. والخطأ في الاجتهاد وارد ولكن لابد من الانجاز على ارض الواقعة وعدم ضياع الفرص ذلك لانها لا تعود.
ثامنا: التحليل الدقيق للواقع وفهمه بالشكل الصحيح يقود الى حلول مناسبة. ويجب أن يكون توجهات القيادات وسياساتها مبنية على حقائق وتحليل عميق لمختلف القضايا والمعطيات. والتأكيد على شمولية القرار وآثاره. ولهذا، لابد من تحليل شمولي يأخذ كل الابعاد بعين الاعتبار عند دراسة وتحليل الخيارات.
تاسعا: الانضباط والارتباط الوطني. ولهذا، تحدث صاحب السمو عن دور خدمة العلم في ذلك. وحث الشباب على ادارة الوقت والاستفادة من كل لحظة في حياتهم في تعظيم المعرفة والمهارات.
عاشرا: لا شيء يتقدم على الاقتصاد فهو أولوية ومنه تنطلق بقية الاهتمامات. والتركيز على الميزة التنافسية النسبية والتوجه للتكامل الاقتصادي وتوسيع الاسواق.
خلاصة القول، محاور ومضامين حديث صاحب السمو الملكي نهج عمل وقواعد سلوك تضمن تحقيق الأهداف واستدامة النجاح.