حين تدخل الفحيص تجد أن أهم مطاعمها... سميت بالعربية: (وتر زرياب, لقمة ع الكاونون, هيف وريف....الخ) حتى أماكن عرض الفنون والأماكن التي تعرض التراث سميت أيضا بالأسماء العربية القديمة مثل: رواق البلقاء والذي يبدع صديقنا فادي الداوود في إدارته..
الفحيصي بطبعه يلتصق بجذوره العربية، ويحب الاعتداد بلغته وبإرثه الإجتماعي والعروبي.. وربما سر نجاح هذه المدينة في استقطاب السياح، واستقطاب الناس من عمان ونجاح حركتها التجارية يكمن في التصاق الناس هناك بهويتهم.. ورفضهم الإنسلاخ عن تلك الهوية.
وزارة السياحة عليها أن تدرس نموذج هذه المدينة، وتسقطه على مدن أخرى في المملكة... عليها أن تدرس فكرة رواق البلقاء, والتي ساهم في إنجازها الفنان خلدون الداوود والراحل جريس سماوي... فكرة البلدة القديمة وكيف ظلت بنفس الشكل ولم يتم هدم سور فيها.. أو إزالة منزل، فكرة العروبة المنثورة في وجوه الناس وأسماء الأماكن والجدران.
فكرة المسيحية في الشرق, والتي لا تتخندق حول رأي أو تتعصب لفكرة.. بل هي مسيحية وطنية, تلم بمظلتها وإنجازاتها الجميع, وتحمي هوية الدولة وموروثها..الكنيسة في الفحيص ليست مؤسسة دينية فقط، بقدر ماهي مؤسسة تعمل على حماية الهوية والإرث, وتصنع التنوير بكل مجالاته.
كتب زميلنا مفلح العدوان كتابا شيقا قبل فترة, عن القرى التي تشكلت منها عمان..وللعلم هذه القرى اختلفت معالمها, وتغيرت بنيتها الإجتماعية وذابت في زمن الشقق والإسمنت، والفحيص في الجغرافيا تعتبر الأقرب لعمان وأهلها.. أغلبهم يعملون في العاصمة، ومع ذلك لم تسمح للإسمنت وثورة العمران.. بأن يغيروا في أنماط أهلها الإجتماعية, أو في دورهم الثقافي والفني والسياحي..
أنا لا أكتب هذا المقال.. في إطار الإشادة بالفحيص, ولكنه في إطار الرد على صديقنا الفنان العراقي داوود الشكرجي, والذي أثار أول أمس انتباهي لهذه النقطة.. حين أخبرني عن الأسماء العربية, وعن شكل المنازل.. وعن حبه لهذه المدينة.. حتى أنه أغرق في وصف تفاصيلها حين قال لي: حتى طعم الخبز فيها أشهى..
الفحيص مدينة يجب أن يعمم نموذجها على مدن المملكة... وأظن أن تعبيرات الهوية الوطنية الأردنية تتجلى فيها.