انتخابات نواب الأردن 2024 أخبار الأردن اقتصاديات جامعات دوليات برلمانيات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مقالات مختارة مناسبات شهادة جاهات واعراس الموقف مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة

جوزيف بايدن: نحن الدولة التي 'لا غِنى عنها'.. أحقاً؟


محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo

جوزيف بايدن: نحن الدولة التي 'لا غِنى عنها'.. أحقاً؟

محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2024/05/27 الساعة 08:52
ثمانٍ وأربعون ساعة انقضت على تلعثُم الإدارة الأميركية, حول «الأمر» الذي أصدرته محكمة العدل الدولية, إلى دولة العدو الصهيوني بوقف هجومها على مدينة رفح, واكتفاء البيت الأبيض بإصدار بيان غامض يستبطن ارتباكاً واضحاً, خاصة أنه/ بيان البيت الأبيض, لم يزد عن «كلمتين» فقط تقولان: إنه كان «واضحاً وثابتاً» في موقفه/البيت الأبيض, بخصوص رفح. ما يعني من بين أمور أخرى أن إدارة بايدن امتنعت عن قصد في دعوة شريكتها الصهيونية, في حرب الإبادة والتجويع والتدمير, إلى الإنصياع لأمر أعلى هيئة قضائية دولية, فضلاً عن أنها لم تُهاجم محكمة العدل الدولية أو تُهدد فضاتها بالعقوبات ومنع دخول الولايات المتحدة, وتجميد حساباتهم في البنوك الأميركية, كما فعل بايدن وبلينكن والسينتاور الخرِف/ ليندسي غراهام, الذي لم يتورّع عن القول في غطرسة ووقاحة: «فلـتذهب محكمة العدل الدولية إلى الحجيم». وهو ذاته بالمناسبة الذي دعا جيش العدو الفاشي, إلى ضرب قطاع غزَّة بـ«القنبلة الذريّة».
نقول بعد أقل من يومين على هذا الموقف الأميركي, المزدري بغطرسة للقانون الدولى والمستهين بفظاظة بالمؤسسات الدولية, التي تكفل تطبيق ما تواضعت عليه أُسرة الشعوب بعد الحرب العالمية الثانية, وبخاصة ما أسفرت عنه تلك احرب الكارثية, من خسائر بشرية فادحة وخراب في العمران وانتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان, على يد جيوش النازية الألمانية والفاشية الإيطالية والعسكريتاريا اليابانية. خرجَ الرئيس الأميركي/جوزيف بايدن «الهارِب» من إحتجاجات طلبة الجامعات الأميركية, الذين يهتفون ضده «بادين الإبادة الجماعية", على العالم بخطاب - أول أمس السبت - أمام خريجي الأكاديمية العسكرية الأميركية في «ويست بوينت», مُتفاخرِاً بالقول: (بفضل القوات المسلحة الأميركية، نفعل ما وحدها الولايات المتحدة قادرة على فِعله, «بصفتها أمة لا غِنى عنها, والقوة العظمى الوحيدة في العالم").
هي إذاً «القوة العسكرية» وحدها, التي تجعل من الولايات المتحدة قادرة على فعل ما تشاء, وعطفاً على ذلك يتم تلويح واشنطن الدائم باستخدام القوة, على نحو لا يمكن لدولة أخرى أن تتوفر عليها/القوة العسكرية, فإن الإمبراطورية الأميركية, التي ما تزال نُخبها السياسية والعسكرية وكارتل المجمع الصناعي العسكري, فضلاً عن مراكز الفِكر والدراسات يُضاف اليهم نُخب الأكاديميا, لا يعترفون صراحة بأن الإمبراطورية الأميركية بدأت رحلة الإنحدار والأفول, وانها لم تعد القطب الوحيد القادرعلى كتابة جدول الأعمال الدولي. وان عالماً مُتعدد الأقطاب قد وُلِد, وأن الأمر لا يعدو مسألة وقت حتى يجِد ساكن البيت الأبيض المُقبل أو الذي يليه, أنه «واحد بين مُتساويين", وليس رئيس «الدولة التي لا غنى للعالم عنها».
وإذا كان الرئيس بايدن قد نوّهَ في خطابه هذا، بالدور الذي تؤديه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مشيراً إلى انخراط في «دبلوماسية طوارئ» سعياً للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و«حركة حماس», والإفراج عن رهائن تحتجزهم الحركة منذ السابع من أكتوبر، وأيضاً لـ«إحباط هجوم غير مسبوق شنّته إيران ضد إسرائيل في 13 نيسان الماضي». فإنه تجاهل عند عمد وسابق تصميم, الدعم غير المحدود بل شراكته, في حرب الإبادة والتجويع التي تشن منذ ذلك التاريخ على القطاع الفلسطيني المنكوب.
ربما يكون من المفيد التذكير بما كان واجهه الرئيس الأميركي قبل أسبوع, أثناء رعايته حفل تخريج طلبة كلية «مور هاوس", إذ فاجأه طالب مُتفوق قائلاً له: أوقفوا إطلاق النار في غزّة, لم يلبث بايدن (الذي كان قال في وقت سابق بعد إنتقاده الإحتجاجات الطلابية: إن هذه الإحتجاجات لن «تُجبره» على إعادة النظر في سياساته!!), لم يلبث أن إنضمَ للحضور الذين صفقوا للطالب رغم إرساله السلاح لقتل سكان غزة. قال الطالب، وهو يقف أمام بايدن: «بصفتي أحد طلاب مورهاوس، وكإنسان، أدعو إلى وقف إطلاق النار الفوري والدائم في قطاع غزة، يا أيها العالم غنوا معاً أغنية العدالة.. شكرا لكم».
وسادت ـ بعد ذلك ـ حالة احتفاء وتصفيق شديد من أعضاء هيئة التدريس والمشاركين في حفل التخرج، بعبارات الطالب، ولم يكن أمام الرئيس الأميركي سوى مُشاركتهم التصفيقَ على كلمته.
أين من هناك؟.
رغم ذلك كله فإن الولايات المتحدة لمّا تزل تدافع عن إرتكابات حليفتها الفاشية, تاركة لها حرية مواصلة حربها الإجرامية على الشعب الفلسطيني, غير آبهة بما صدر عن «المحكَمتيْن» الدوليتيْن, سواء الجنائية، أم العدل, وما قيل أميركياً وصهيونياً في حق ما أصدرته المحكمتان, إن لجهة طلب كريم خان أوامر إعتقال بحق مجرم الحرب/نتنياهو ووزير حربه الفاشي غالانت, أم «أمر» العدل الدولية لجيش النازية الصهيونية بوقف حربه على رفح, يضع واشنطن نفسها في دائرة الإتهام أيضاً.
إذ كيف يُعقل أن يقول بايدن نفسه, إن «طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال بحق قادة إسرائيليين أمر مُشين». فيما لم يتورع وزير خارجيته عن الزعم, «بأن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص قضائي في هذه المسألة. فقد أنشئت المحكمة الجنائية الدولية من قِبل الدول الأطراف فيها كمحكمة ذات اختصاص محدود».
في وقت «رحّبت» إدارة بايدن وبحماسة, بما أصدره/كريم خان بحق الرئيس الروسي/بوتين, الذي لم يُقارف جيشه (واحد في المليون), مقارنة بارتكابات التحالف الصهيوأميركي بحق الشعب الفلسطيني.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ نشر في 2024/05/27 الساعة 08:52