مدار الساعة - كتب: حسين الرواشدة - صحيح هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها الأمير الشاب في مقابلة طويلة مزدحمة بالأسئلة ، وفي توقيت لافت تزامن مع ذكرى الاستقلال ومرور 25 عاما على عهد المملكة الرابعة، وفي ظل تحولات كبيرة تشهدها المنطقة والعالم ، آخرها الحرب على غزة، صحيح ، ايضاً، اتسم حديثه بالشمولية والتلقائية وسعة الأفق والصراحة ، وتجاوز كثيرا من الألغام الصحفية بجرأة وشجاعة ، لكن ثمة ثلاثة عناوين -على الأقل - استوقفتني ، الأول : خزان كبير من الثقة بالنفس والبلد والأردنيين ، وجرأة بالطرح ، ودقة بتوجيه الرسائل ، الثاني: وعي عميق على التاريخ الأردني، وعلى الواقع بتفاصيله ، وقدرة على استشراف المستقبل ، الثالث : روح وطنية تتحرك في إطار عربي وإسلامي، ممتلئة بالهمة ،ومفتوحة على الأمل.
بصراحة ، حرصت على متابعة هذه المقابلة ، قلت : الأمير يمثل نموذجا لأبنائنا الذين وُلِد معظمهم في الألفية الثانية ،ويحتاجون إلى شاب مثلهم يتحدث إليهم وباسمهم ، خاصة في القضايا التي تزدحم بها أجنداتنا الوطنية ، والأخرى التي تداهمنا من الخارج، الأمير ، بحكم موقعه كولي للعهد ، يستطيع ان يطمئننا على استمرار مسيرة الدولة /دولتنا ، ويعيد لأجيالنا الثقة بمؤسساتها وقدرتها على الصمود ومواجهة الأزمات ، الأمير يواجه أسئلة السياسة ويجيب عليها بوضوح ، ثم يوجّه النقاش العام ، بعيدا عن الانفعالات التي يشهدها واقعنا ، إلى الإطار الصحيح ؛ حيث موازين المصالح الوطنية العليا ، وقضايا الأمة العادلة ، وعلاقاتنا مع عمقنا العربي ومحيطنا الإقليمي والدولي.
كل ما ذكره ولي العهد في المقابلة مع قناة ( العربية) يصب في هذه الاتجاهات ؛ الدولة الأردنية التي واجهت الأزمات وتجاوزتها بالصمود وبمزيد من القوة والحكمة والإنجاز ، الإعتماديه على الذات والاكتفائية هي قاعدة الانطلاق نحو المستقبل ، وضمان الاستقرار والازدهار ، المملكة الفتية التي يشكل الشباب أغلبية مواطنيها تخوض معاركها السياسية والتنموية والثقافية من بوابة الاعتزاز بالذات ، والانفتاح على العصر والعالم ، بكل ما يحفل به من تحديات ومستجدات، كما أننا نحظى بقيادة تتعامل مع القضايا والأزمات بحكمة وهدوء وشجاعة.
مهمة الأردن ، كما قال الأمير ، لم تكن سهلة بالماضي ، ولا بالمستقبل ، لكنه اثبت جاهزيته الدائمة لمواجهة العواصف والتحديات، استطاع -بجهود الملك ومصداقيته، أن يكسب احترام العالم ، لا نخشى في الأردن من التصدع الداخلي ، ولا نريد أن نكون أسرى لأزمات تاريخية تصدينا فيها للفوضى وتجاوزناها ، كما أننا نراهن دائما على وعي الأردنيين الذين اثبتوا أنهم يقفون مع بلدهم عند أي أزمة ،هنا لا فرق بين الموالاة والمعارضة ، فكلاهما داخل الدائرة الوطنية الكاملة، ما دام أن هدف الجميع هو خدمة البلد والحفاظ على مصالحه.
أمام الأردن ، كما قال ولي العهد ، ملفات عديدة يتعامل معها بمنطق الدولة الحريصة على استقرارها واستقرار المنطقة والعالم ، القضية الفلسطينية في صلب الهم الأردني ، صحيح الحرب على غزة صدمتنا، والتطرف الإسرائيلي دمر أي افق للسلام ، لكن لابد من حل الصراع على أساس الوصول لدولة فلسطينية وفق القوانين الدولية ، ملف العلاقة الأردنية مع إيران مفتوح على حوار قائم يقوم على احترام حسن الجوار ، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية ، أما ملف العلاقة مع المملكة العربية السعودية الشقيقة فيستند إلى أواصر عميقة ، تاريخيا وسياسيا، ويحظى بالاهتمام الدائم ، ويصب في مصلحة الطرفين والمنطقة أيضا.
غدا نكمل ان شاء الله