لقد استقل الأردن عام 1946 ، و تحركت صهيونية ثيودور هرتزل 1897 و التفت على الأمم المتحدة عام 1947 مستهدفة تقسيم فلسطين التي التحمت مع الأردن وقتها وعبر قرار للأمم المتحدة رقم 181 الى تاريخية أطلقت عليها إسم الدولة العبرية " إسرائيل " ،و الى عربية ، أي فلسطينية ، و هو الذي رفضته الجامعة العربية التي سبق أن تأسست عام 1945 لقدسية فلسطين والتي لا تقبل القسمة على اثنين . وبسبب رفض العرب لقرار التقسيم شنت إسرائيل المكونة من مجموعة من العصابات الإرهابية مثل ( الهاجاناه ، شتيرن ، الأرجون ، بلماح ، بيتار ) هجوما عسكريا على الأردن و على المكون الأردني – الفلسطيني التاريخي المشترك عام 1948 و احتلت فلسطين التاريخية و بمساحة بلغت 80% من أرض فلسطين وبالتعاون مع الغرب . و غابت حينها الوحدة العربية المطلوبة التي نادى بها الملك المؤسس عبد الله الأول و استشهد من أجلها عام 1951 .
و قررت القومية العربية عام 1967 ترجمة شعار جمال عبد الناصر ( ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ) الى ميدان للقتال العربي مع إسرائيل ، وتم تنسيق الجبهة بين مصر و سوريا و زج الأردن في اللحظات الأخيرة ، و اشراك العراق ) ، وعارض التوجه للحرب في تلك المرحلة وصفي التل الذي استشعر خسارة تفوق البشر ، وهو الذي حصل بخسران كامل فلسطين ( الضفة الغربية و قطاع غزة ) ، و سيناء ، و الجولان – الهضبة العربية السورية ،و جنوب لبنان. وبطبيعة الحال فإن إسرائيل ساندها الغرب دوما في حروبها . وغاب عن شعار القوة العربية غياب الوحدة الحقيقية الشاملة ،و الاستخبار القوي ، و القوة العربية العسكرية المطلوبة .
وفي حرب الكرامة المنتصرة عام 1968 حارب الفدائي الفلسطيني الى جانب الجندي الأردني تحت مظلة القوات المسلحة الأردنية الباسلة – الجيش العربي دفاعا عن الأردن و فلسطين في زمن الملك العظيم الراحل الحسين و مشهور حديثة الجازي القائد الميداني للمعركة . و قدم الفلسطينيون الى جانب الأردنيين و العرب الشهداء في كل الحروب مع إسرائيل . و أسس نصر الكرامة لتحقيق النصر الثاني في معركة تشرين عام 1973 بمشاركة فاعلة للجيش العربي الأردني و تحرير مساحات واسعة من مدينة القنيطرة الجولانية . وسبق لوصفي التل أن قدم نفسه شهيدا دفاعا عن الأردن و فلسطين معا مطلع سبعينيات القرن الماضي .
ولما لم تكن حرب حزيران 1967 مقنعة للعرب ،ولما لم تأت حرب تشرين 1973 بكل ثمار النصر، توجهت مصر لعقد سلام مع إسرائيل عام 1979 مرورا بكامب ديفيد 1978 و حررت سيناء . وبقيت الجولان تحت الاحتلال بسبب رفض دمشق الشروط الإسرائيلية المسبقة ، و يرفض حزب الله شروط إسرائيل لتوقيع سلام معها يعيد للبنان جنوبها ، و خرجت إسرائيل من غزة طوعا عام 2005 ، وهاجمتها عدة مرات لاحقا.
وتقاطر السلام مرورا بالأردن الذي قبله عام 1994 حماية لسيادته و لتحقيق خدمة للأشقاء الفلسطينيين عبر قضيتهم العادلة ،و تمكن الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني من تحرير إقليمي ( الباقورة و الغمر ) من فكي المعاهدة ،وحافظ على حدوده و مصادره المائية ،وعلى وصايته الهاشمية على المقدسات في القدس ،وبقي يتطلع ليوم المشاركة في المخرجات النهائية للسلام ذات العلاقة بورقة اللاجئين ،و القدس .و فتحت أبواب السلام في عام واحد 2020 شمل مجموعة من الدول العربية ( الامارات و البحرين و المغرب ) ، و برنامج أمريكي – سعودي اقتصادي جديد ، و مناورة عسكرية مشتركة الهدف منهما فتح الطريق لسلام إسرائيلي مع المملكة العربية السعودية المتمسكة بحدود الرابع من حزيران و بقمة العرب في بيروت لعام 2002 و مخرجاتها .
إذا كانت إسرائيل التي بالغت في ردة فعلها العسكري على السابع من أكتوبر 2023 بعد مقتل أكثر من الف عسكري و مستوطن يهودي من حملة السلاح ، و بسبب قضية الأسرى الإسرائيليين لدى حماس المحدودة أعدادهم ، ومنها قضية المجندات المفبركة ، يرفض ليكودها الدولة الفلسطينية ، و يصر على تصفية حماس – حركة التحرر العربية الإسلامية ( الأيدولوجيا ) وقادتها ، و يدمر غزة و يتحرش بالضفة الغربية و رفح ، فإن المجتمع الدولي ثار بوجهها لإرتكابها حرب إبادة راح ضحيتها حتى الساعة حوالي 36 الف شهيد فلسطيني معظمهم من الاطفال و النساء و الشيوخ ، و عندما تصلهم صور الشهداء في اطار واحد سيزداد المجتمع الدولي غضبا و مطالبة بالحرية لفلسطين و بالدولة الفلسطينية من النهر الى البحر و بكل القدس . و انتفاضة جامعة ( كولومبيا) ،وقطع كولومبيا و بوليفيا العلاقات مع إسرائيل خير مثل ، و إعلان دول ( النرويج و الدنمارك و اسبانيا ) اعترافهم بالدولة الفلسطينية مثل أخر أقوى .
تبقى خيارات المجتمع الدولي واسعة بشأن سلوك إسرائيل السلبي تجاه الفلسطينيين أصحاب الأرض و التاريخ الكنعاني العريق منذ أكثر من خمسة الاف عام ،و القضية العادلة . ومثلما أن إسرائيل حصلت على دولتها عام 1948 بقوة السلاح ، الأصل أن تلملم أوارقها وتعترف علنا بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على أقل تقدير ، خاصة و أن الأمم المتحدة التي اعترفت بها ذاتها تطالبها بالالتزام بقرارها 242 المنادي بضرورة مغادرتها الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 .
عدم استجابة إسرائيل للمجتمع الدولي وكبريات دول العالم وفي مقدمتها روسيا الاتحادية و الصين لضرورة وقف اطلاق النار في غزة و في عموم الاراضي الفلسطينية يدفعها للوقوف أمام خيار أخر مفاده القبول بتفكيكها و ترحيلها و يهودها من المنطقة الى حيث رغب الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين عام 1950 بداية ، الى القرم و سخالين . أو الى حيث اقترحت مرارا الى إقليم ( الاسكا ) الأمريكي – الروسي الأصل . و توجيه التوراة اليهودية ومنها المزورة لبناء إسرائيل فوق الاراضي الفلسطينية بحجة وجود هيكل سليمان السرابي هناك محظ خدعة تاريخية كبيرة المطلوب التراجع عنها . و تخطيء إسرائيل عندما تصور للعالم بأن المقاومة العربية ومنها الفلسطينية و في مقدمتها حماس ارهابية ، و تبيح قتل الفلسطينيين المسالمين القاطنين في بيوتهم بحثا عن حماس . الفلسطينيون و العرب ليسوا ارهابيين ، بل مناضلين ، يبحثون عن دولتهم و مستقبلهم ، و أمنهم على أرضهم التاريخية .
شكرا لمحكمة العدل الدولية التي أصدرت قرارا بوقف اجتياح إسرائيل لرفح حتى لا تتكرر مجزرة غزة و حرب الإبادة فيها ، ونعم لاعتقال قيادة الليكود وفي مقدمتهم بنيامين نتنياهو من قبل المحكمة الجنائية الكبرى ، ونعم لمعاقبة إسرائيل على جريمتها البشرية الكبرى البشعة في فلسطين و التي لا تقارن و لا بأي شكل من الاشكال بقتلى إسرائيل في السابع من أكتوبر بعددهم المحدود ، و لا بأسرى إسرائيل لدى حماس التي ستفرج عنهم جميعا حال توقف الحرب نهائيا ، ونعم للأفراج عن أسرى فلسطين لدى الاحتلال الإسرائيلي الذي تجاوز تعدادهم الألف أسير ،و ربما أكثر بكثير .