رنة الأسى والحزن الكبيرة التي تركها رحيل المغفور له باذن الله نذير رشيد، ورثائه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من وسائل النشر، اشعرت المتابع ان الراحل كان صديقا شخصيا لمعظم الأردنيين،بالرغم من ان بعض الذين زعموا انهم يكتبون عن الراحل نذير رشيد تحدثوا عن انفسهم أكثر مما تحدثوا عن نذير ،ليزعموا ان لهم تاريخ، ومع ذلك يظل حجم ما كتب عن الراحل كشف الى اي نوع من المسؤولين تحن قلوب الأردنيين، ولإي نمط من الرجال تخفق هذه القلوب وتحزن لرحيلهم.
لم يكن نذير رشيد من الذين تولوا المناصب بالصدفة اوبضربة حظ، اولأنه جزء من شلة، لكنه كان من أولئك الرجال الذين يفتقدون في الليلة الظلماء، عندما كان الوطن ينثر كنانته ليعجم سهامها ايها اصلب عودا فيرمي بها اعدائه وازماته، ويصل بها الى بر الأمان.فكان نذير من اصلب الرماح عودا في كنانة الوطن.
ورغم ان نذير رشيد كان شخصية عسكرية و أمنية بامتياز، قاد دائرة المخابرات العامة في واحدة من اشد مراحل تاريخ الوطن حرجا وخطورة، حمل فيها روحه على كفه، مما يستوجب معه ان يكون الرجل منغلقا شديد الحذر، إلا ان نذير رشيد رحمه الله كان على العكس من ذلك تماما، فقد كان رجل شديد الانفتاح، ومسؤول لا يؤمن بالابواب المغلقة، وكانت هواتفه الشخصية متاحه للجميع، ولم يكن يؤمن بالحجاب من مدراء مكاتب وطوابير سكرتاريا، مما يشهده الأردني هذه الأيام في مكاتب شاغلوها اقل مكانة وظيفية واقل اهمية من المناصب التي تولاها نذير رشيد، عضو تنظيم الضباط الاحرار، رئيس قسم فلسطين في المخابرات العامة،قبل ان يصبح مديرها، ثم السفير ووزير الداخلية وعضو مجلس الاعيان، فوظيفة مدراء المكاتب والسكرتاريا عنده كانت لتسهيل تنظيم وصول الناس اليه، لا وضع العراقيل والسواتر بينهم وبينه،كما لم اره يوما يسير بحراسة مشددة، لذلك كان نذير رشيد قريبا من الناس يقرأ نبضهم،ويبادر الى الاتصال بهم ان انقطعوا عنه، ولذلك ايضا كان ناصحا امينا لقيادته، يبني نصيحته على معرفة خاصة باحوال الناس وتوجهاتهم، ويقول رأيه بصراحة حتى ولو لم تعجب من يستمع اليه، لأنها لم تات على هوى هذا المستمع، فقد كان نذير يؤمن (ان صديقك من صدقك) اي من قال لك الحقيقة مهما كانت مرة ومؤلمة، وبأمثال نذير رشيد اجتار الأردن كل الصعاب، وانتصر على كل المحن، وبأمثله بنيت الثقة بين الأردنيين ومؤسسات دولتهم، وظل ان يتعلم منهم من جاء بعدهم الى مواقع المسؤولية،فان هذا السلوك هو طريق محبة الناس واحترامهم للمسؤول، فيظل في ذاكراتهم، كما هو يفعلون الشهيد وصفي التل وهزاع المجالي ونذير رشيد رحمهم الله وغفر لهم وعفى عنهم.