تظلنا اليوم مناسبة احتفال وطنية كبيرة صنعها بناة، وحماة، وشهداء، ورجال دولة، مناسبة تذكرنا بقدسية مملكة الهواشم، حملة الرسالة المباركة وقادة الفكر والعلم والسلام والازدهار، أحفاد سيد الخلق نبي الله محمد عليه الصلاة والسلام، رائد البشرية في التنمية وقدوة الدنيا في بناء المجتمعات والدول.
وها نحن اليوم ونحن نستنشق عبق الأردن برائحة شهدائه، ومستذكرين تضحياتهم حتى يصل الأردن لما وصل إليه اليوم، هذا الأردن الذي أسسه الملك الشهيد جلالة المغفور له عبد الله الأول بن الحسين المعظم، وصاغ دستوره جلالة الملك طلال بن عبد الله المعظم، وبناه ملك السلام والاقتصاد والإدارة والإنسانية جلالة الملك الحسين بن طلال المعظم. وها هو جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، يمسك دفة القيادة ويبحر بالأردن بين أمواج متلاطمة، ويقوده إلى المجد والعلا بحكمة الهاشميين، فهو صاحب رسالة عمان للأمن والسلام العالمي، ومطلق العنان للحوار بأوراقه النقاشية التي طرحت كل شيء على الملأ، فاتحة الباب على مصراعيه لتقديم الحلول والمقترحات، هذا الملك الذي نفتديه بأرواحنا وأبنائنا، صاحب رؤية التحديث الاقتصادي والاجتماعي التي تسعى إلى الوصول بهذا الوطن إلى بر الأمان، أساسه منيع بأعمدة أصلها ثابت بالأرض كشجر الزيتون، وفروعها في عنان سمائه.
وفيما نستذكر مناقب سيد البلاد وحامي حماها، يستحضرني خطاب له، حيث قال: "الاستقلال يا إخوان ليس مجرد مناسبة نحتفل فيها في يوم من السـنة، وإنما هو حالة مستمرة من العطاء والبناء والاعتماد على الذات، لتعزيز الاستقلال وبناء المستقبل الذي يليق بأهل العزم والإرادة من الأردنيين الأحرار. وهذا المستقبل ليس مسؤولية شخص أو مجموعة من أبناء هذا الوطن، وإنما مسؤولية الجميع، كل واحد من الموقع الذي هو فيه، العامل والمزارع والموظف والطالب والجـندي والأم التي تربي أطفالها على الانتماء ومحبة هذا الوطن"
ففي هذا اليوم، وجب علينا ان ننظر لبلادنا كأرض فرص ومكان لتحقيق الأحلام، وعلينا أن نكون على قدر المسؤولية التي وضعها جلالة الملك المفدى بين أيدينا، وهي النهضوض بهذا الوطن المعطاء بسواعد أبناءه وبناته. فالاقتصاد القوي لا تبنيه القوالب التقليدية، التي أدت لهدر الموارد وزيادة الفئات الهشة والمهمشة في المجتمع، فلا بد من إشراك كافة شرائح المجتمع في عملية تطوير وتعزيز الاقتصاد والتنمية المحلية المستدامة، ليكون الأردن سدًا منيعًا أمام كل الظروف، وكل هذا لا يتأتى إلى بمشاركة كافة فئات المجتمع، والاستثمار بشباب وشابات هذا الوطن، وخلق فرص حقيقية على أرض الواقع لهم، وتوفير بيئة العمل الملائمة لهم، ليساهموا بتحقيق متطلبات الأمن الشامل وعلى رأسه الأمن الغذائي وسلامة سلاسل التوريد.
ففي هذا الصدد يجب علينا الإيمان المطلق بشباب وشابات هذا الوطن المعطاء، فكلما نعطيه نجده يجود ويعطينا أكثر، وأسلط الضوء هنا على مشروع الخدمات البلدية والتكيف الاجتماعي، والذي تشرفت بإدارتي له، فهذا المشروع استسقى رؤيته ومساعيه من أوراق الملك النقاشية، فعملنا على إشراك المجتمعات المحلية في عملية تنمية مجتمعاتهم كل بموقعه وبإجماع فئات المجتمع، وإشراك القطاع الخاص أيضًا، وهذا ما إدى إلى الوصول إلى قصص نجاح تجعلني أفخر أن أكون جزءًا منه، فاستطعنا التخلص بطالة الإناث في مجتمع السرحان، وخفض فاتورة الطاقة الكهربائية في الأزرق، وأضفنا معلمًا سياحيًا جديدًا في عجلون (سوق ريف عجلون السياحي التراثي)، وإنشاء مزرعة مائية في الزعتري، وتحسين واقع التنظيم الحضري في وادي عربة، وهذا كل تم بالاستثمار في الموارد المحلية المتاحة والتنمية البشرية.
وأضع هذه التجربة اليوم بين يدي صناع القرار والجهات المعنية، كبديل جاهز أثبت فعاليته على أرض الواقع، بعيدًا عن النظريات، والمناوشات، والتشاؤمات، لحدو حدوه ونعمل يدًا بيد جميعًا لرفعة هذا الوطن ومكانته في قلوبنا.
دامت بلادنا واحة أمن واستقرار وعز وكرامة، وحفظ الله لنا قيادتنا الهاشمية المباركة ودامت لنا فرحة استقلالنا.. وكل عام ووطننا بكل خير.