أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات أحزاب وظائف للأردنيين رياضة مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

مهيرات تكتب: القطاع العام: الأمراض الإدارية وسبل التشخيص والعلاج


الدكتورة ميرفت مهيرات

مهيرات تكتب: القطاع العام: الأمراض الإدارية وسبل التشخيص والعلاج

مدار الساعة ـ
يلعب القطاع العام دوراً حيوياً في تقديم الخدمات الأساسية للمجتمع وتحسين جودة الحياة ودفع عجلة التنمية، إلا أنه، مثل أي نظام إداري، يمكن أن يصاب بأمراض إدارية تؤثر على كفاءته وفعاليته.
من أبرز هذه الأمراض البيروقراطية الزائدة، التي تتجلى في تعقيد الإجراءات الإدارية وكثرة المستندات المطلوبة، ما يؤدي إلى البطء في إنجاز الأعمال وتأخير الخدمات، ويسبب استياء المواطنين.
كما يشكل الفساد خطراً كبيراً، حيث يستغل الموظفون مناصبهم لتحقيق مصالح شخصية على حساب المصلحة العامة، ويتجلى في أشكال متعددة مثل الرشوة والاختلاس والمحسوبية، ما يضر بنزاهة وشفافية المؤسسات الحكومية.
من جهة أخرى، يؤدي ضعف التخطيط الاستراتيجي إلى عدم تحقيق الأهداف المرسومة ويؤثر على كفاءة الأداء العام، نتيجة لغياب الرؤية الواضحة أو افتقار البيانات اللازمة لاتخاذ قرارات مدروسة.
كما أن قلة الكفاءة الإدارية والفنية، الناتجة عن التوظيف غير المناسب أو ضعف التدريب أو هجرة العقول، تؤدي إلى انخفاض مستوى الخدمات المقدمة، بالإضافة إلى ذلك، تؤدي المحسوبية والمحاباة في التوظيف والترقية إلى تراجع جودة الأداء وتعزز مناخاً من الظلم والإحباط بين الموظفين الأكفاء.
تواجه المؤسسات العامة أيضاً مقاومة للتغيير، حيث يتمسك الموظفون بالطرق التقليدية في الإدارة، مما يعيق الابتكار والتطوير ويترك القطاع العام غير قادر على مواكبة متطلبات العصر.
الجمود الوظيفي، الناتج عن انعدام الحوافز والترقيات، يؤدي إلى فقدان الموظفين للدافعية والإبداع في العمل، مما يسبب ركوداً في الإنتاجية وزيادة معدل دوران الموظفين. بالإضافة إلى ذلك، تسبب الازدواجية في المهام تداخلاً وتكراراً بين الإدارات المختلفة، مما يهدر الموارد والوقت نتيجة لضعف التنظيم أو عدم وضوح الأدوار والمسؤوليات.
لتشخيص هذه الأمراض الإدارية، يمكن اتباع منهجيات شاملة تشمل التقييم الذاتي للإدارات المختلفة، التدقيق الإداري المستقل، استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)، تحليل شكاوى المواطنين، وإجراء مراجعات شاملة للعمليات والإجراءات الإدارية بشكل دوري. هذه المنهجيات تساعد في تحديد مناطق الضعف والتعرف على المشكلات القائمة.
أما العلاج، فيتطلب تنفيذ استراتيجيات متعددة تشمل تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليل البيروقراطية من خلال تبني التكنولوجيا الحديثة، مكافحة الفساد عبر تعزيز الشفافية وتحسين نظم الرقابة، تحسين التخطيط الاستراتيجي عبر تطوير خطط واضحة ومبنية على بيانات دقيقة، وتعزيز التدريب والتطوير لضمان توافر الكفاءات اللازمة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تطبيق نظام عادل وشفاف للتوظيف والترقية يعتمد على الكفاءة والأداء، وتشجيع الابتكار عبر توفير الحوافز للموظفين المبدعين، وتحسين بيئة العمل من خلال توفير الحوافز المناسبة وفرص التطوير المهني. وأخيراً، يتعين تعزيز التواصل الداخلي لضمان تدفق المعلومات بشكل سلس وفعال، وإعادة تنظيم الهيكل الإداري لتقليل التداخل والتكرار وضمان وضوح الأدوار والمسؤوليات.
في الختام، يتطلب تشخيص وعلاج الأمراض الإدارية في القطاع العام جهوداً متكاملة وتعاوناً من جميع الجهات المعنية. بالتركيز على هذه الاستراتيجيات، يمكن للقطاع العام تحقيق مستويات أعلى من الكفاءة والفعالية في تقديم الخدمات، مما يساهم في تلبية احتياجات المجتمع بكفاءة وفعالية.
مدار الساعة ـ