شهدت ام الجامعات البارحة انتخابات مجلس الطلبة للعام الدراسي 2024-2025 و كان عدد الدوائر الانتخابية قد بلغ 19 دائرة بواقع دائرة لكل كلية، خصص لها 93 مقعدًا، إضافة إلى دائرة انتخابية عامة على مستوى الجامعة خُصّص لها 18 مقعدًا، بما مجموعه 111 مقعدًا،و عدد القوائم المترشحة بلغ 146 قائمة، 7 قوائم منها ترشّحت على مستوى الجامعة ( نجح منها 3 قوائم فقط)، بينما ترشح على مستوى الكليات 139 قائمة، اضافة لذلك كان قد بلغ عدد الطلبة المترشحين (685) طالبًا وطالبةً، من بينهم (416) طالبًا و(269) طالبة، (92) منهم ترشحوا على مستوى الجامعة، و(593) ترشحوا على مستوى الكليات، كما ان النسبة العامة للاقتراع بلغت (52.52 %).
و من خلال ما اسلف ذكره لاحظنا بشكل واضح ان هناك ثلاث نقاط يقتضي البحث فيها:
أولاً: الاقتراع بين القبلية و البرامجية
من خلال استقراء الاشخاص الذين نجحو سواء على مستوى الكليات او الجامعة ككل لاحظنا توجه النسبة العظمى من المقترعين كانو قد اختاروا مرشحهم بناء على علاقات شخصية عشائرية لا تمت للبرامجية بصلة ويأتي هذا الحال بعد سنتين من عملية تحديث المنظومة السياسية وسعي الدولة الأردنية لتعزيز فكرة الاحزاب والحياة المدنية الديمقراطية بين مختلف اطياف المجتمع الأردني، اضف الى ان جل التركيز كان على فئة الشباب.
ثانيا: التمثيل المدني اليساري القومي
من الامور الصادمة التي جاءت بها هذه الانتخابات هو عدم وجود اي مقعد يمثل التيار المدني اليساري القومي و المتمثل بقائمتين كان قد أُعلن ترشحهم لخوض غمار هذه الانتخابات سابقاً و هما( قائمة التجديد و قائمة لنا المستقبل)، و يبدو ان هذا الامر يعطي مؤشرات مهمة وواضحة للانتخابات البرلمانية القادمة بعدم رواج الفكر اليساري بشكل كبير بين اطياف المجتمع الأردني لذلك يبدو اننا قد لا نشهد اي مقعد للأحزاب اليسار تحت قبة العبدلي في المجلس القادم، الا في حال وجود تحالف رصين يضم كافة هذه الاحزاب.
ثالثا: عودة الإسلام السياسي
شهدت هذه الانتخابات حصول قائمة (اهل الهمة) والتي تمثل التيار الاسلامي داخل الجامعة الأردنية على 9 مقاعد على مستوى الجامعة ما يقارب حصول هذه القائمة على 50% من المقاعد على مستوى الأردنية والبالغ عددها 18 مقعداً، وهذا ايضاً قد يسلط الضوء نحو الانتخابات البرلمانية القادمة و رواج الفكر الاسلامي السياسي لدى الأردنيين وقد لا يكون هذا الامر مستغرباً خصوصاً بعد تأثير المقاومة في طوفان الاقصى الذي مس مختلف شرائح المجتمعات العربية.
كل هذه النقاط يبدو انها فعلياً تعكس ما سوف يكون عليه البرلمان القادم سواء من نسبة الاقتراع من جهة و من جهة اخرى التوجهات الأيديولوجية للناخب الأردني، وبالتأكيد المال السياسي سوف يلعب دوراً كبيراً أيضاً وهذا ما قد لمسناه بشكل كبير بأنتخابات الأردنية.
وفي نهاية هذا المقال برأيي يجب على الدولة التنبه لهذه المسائل ويجب عليها ان تعلم يقيناً ان منظومة التحديث السياسي لا تتحقق فقط بأعطاء فرصة للاحزاب لخوض الانتخابات و لا يكون بتجسيد الوعي السياسي على انه عصا سحرية تضرب بها فيصبح الجميع مثقف سياسياً، بل يجب ان يتوجه جل الاهتمام لتغيير هذه العادات الاجتماعية السائدة و المتأصلة في الأردن منذ العديد من السنوات.