يبدو أن بازار خلافة نتنياهو قد تم افتتاحه مُبكراً في البيت الأبيض الأميركي. رغم أن مُجرم الحرب/نتنياهو ما يزال في موقعه, ورغم الأزمات المُتلاحقة التي برزت ضده, على نحو غير مسبوق هذا الأسبوع, والتي تمثّلت في «تمرّد» وزير الحرب/غالانت الأسبوع الماضي, وتبعه «الإنذار/ المُهلة» الذي وجهه مُؤخراً, عضو حكومة الطوارئ/ مجلس الحرب بيني غانتس رئيس حزب «المعسكر الوطني». (زد على ذلك كله مذكرة الإعتقال التي تنتظره من المحكمة الجنائية الدولية).
ديفيد إغناطيوس كاتب العمود في صحيفة «واشنطن بوست», هو الذي تولى قبل يومين, في مقالة له الإضاءة على «الإنسجام» حدود التطابق بين إدارة بايدن وغالانت, على نحو لم يتردّد إغناطيوس في الكشف على لسان مسؤول أميركي رفيع قوله له: إن غالانت «شخص لا غِنى عنه». مشيراً/ المسؤول الرفيع إلى موقف غالانت من الإجراءات التي يجب ان تُتخذ في «اليوم التالي» للحرب في قطاع غزة.
وإذا كان غالانت قد فاجأ الجميع بعقده مؤتمراً صحفياً لم يُعلَن عنه مُسبقاً, طارحاً في جرأة/ تحدٍ مُعلن لرئيس حزبه/الليكود, وجهة نظر تتعارض كلياً مع موقف نتنياهو, خاصة في شأن «الحكم العسكري الصهيوني للقطاع الفلسطيني» كما يُصر عليه نتنياهو, فإن الدعوات التي أطلقها الكاهانيّان بن غفير وسموترتش لإقالته, قد ساهمت في رفع أسهمه السياسية ونقصد غالانت, ما يطرح السؤال حول ما إذا قرّر غالانت الإنشقاق عن الليكود, أم سيختار البقاء في الحزب حتى لو «أقاله» نتنياهو من منصبه. رغم أن إستطلاعات الرأي بعد موتمره الصحفي منحته «?» مقاعد, في حال قرّر خوض إنتخابات الكنيست بقائمة منفصلة عن الليكود, لكن المقاعد الستة هذه, لن يأخذها من الليكود والأحزاب اليمينية, بل من أحزاب المعارضة الحالية.
نأتي إلى بيني غانتس الذي «تأخّر» كثيراً وتردّد طويلاً «كعادته», في إتخاذ مواقف حاسمة من تشدّد نتنياهو ورفضه المتواصل لصفقات تبادل الأسرى مع حركة حماس, بل ومن الإهمال واللامبالاة التي أبداها الأخير/نتنياهو تجاهه وتجاه شريكه في الحزب ومجلس الحرب الجنرال/آيزنكوت, بعدم إطلاعهما على آخر المُستجدات, وعدم دعوتهما لمداولات مجلس الحرب والمسارعة إلى تسفيه مواقفهما.
هل سرقَ غالانت الأضواء من غانتس؟
قليلاً.. إذ ليس بينهما «فروق» في السياسة, أو في استخدام القوة المُفرطة تجاه الشعب الفلسطيني, سواء في قطاع غزة أم في الضفة المحتلة. ناهيك عن رفضهما المطلق إقامة دولة فلسطينية مستقلة, بل مُجرد حكم ذاتي ربما يكون «مُوسعاً» مُقارنة بصيغة أوسلو, على قاعدة «أكثرُ من حُكم ذاتي وأقل من دولة». ما يستدعي التوقف عند الأهداف/ الشروط الستة التي طرحها غانتس على نتنياهو, مُمهلاً إياه فرصة الإستجابة لها حتى الثامن من حزيران الوشيك, تحت طائلة «الإستقالة» من حكومة الطوارئ/مجلس الحرب.
والأهداف الستة كما جاءت على لسانه/غانتس..هي:
1- إعادة الرهائن إلى ديارهم.
2- إسقاط حكم حماس، ونزع السلاح من قطاع غزة، وضمان «السيطرة الأمنية» الإسرائيلية (على القطاع).
3- إلى جانب الحفاظ على السيطرة الأمنية الإسرائيلية، إنشاء إدارة أميركية - أوروبية - عربية - فلسطينية، تتولى إدارة القطاع مدنياً، وتضع الأساس لبديل مُستقبلي غير «حماس أو عباس»/ أي سلطة الفلسطينية. لا يُمكن أن نسمحَ لـِ«أي طرف، صديقاً كان أو مُعادياً، أن يفرض دولة علينا نحن الإسرائيليين».
4- إعادة سكان الشمال إلى منازلهم بحلول الأول من أيلول، وإعمار النقب الغربي.
5- دفع التطبيع قُدماً كجزء من تحرّك شامل, من شأنه خلق (تحالف مع العالم الحُرّ والعالم العربي) ضد إيران وأذرعها.
6- اعتماد مُخطط للخدمة عسكرية, يؤدي إلى خدمة جميع الإسرائيليين (يقصد الحريديم) والمساهمة في الجهد الوطني الأعلى.
هل يمكن لمتابع حصيف إكتشاف أي «فرق» بين غانتس ونتنياهو, اللهم إلا في بعض التفاصيل غير الجوهرية؟. رغم أن نتنياهو هاجمَ غانتس زاعماً أن «شروطه تعني إنهاء الحرب, وهزيمة إسرائيل».
ماذا قال غالانت في مؤتمره الصحفي المُفاجئ؟.
حذرَ غالانت.. نتنياهو من حُكم قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، وطالبَه بوضع خطة لإقامة حكومة بديلة لحكم «حماس». مُضيفا «اليوم التالي لحماس لن يتحقق إلا من خلال سيطرة (الكيانات الفلسطينية) على غزة، برفقة جهات فاعلة دولية، وإنشاء حكومة بديلة لحكم حماس». متابعاً: أدعو رئيس الوزراء/نتنياهو إلى «إتخاذ قرار» والإعلان أن «إسرائيل لن تُمارس سيطرة مدنية على قطاع غزة، ولن تُقيم حكماً عسكرياً في القطاع، وأن وجود بديل لحماس سيحكُم.. سيتم وضعه على الفور».
مشيراً «لن أوافقَ على إقامة حُكم عسكري إسرائيلي في غزة، ويجب على إسرائيل ألا تُقيم حُكما مدنيا في غزة»، مُحذراً من أن «الاحتلال العسكري للقطاع سيتسبّب في خسائر فادحة», مثل «إراقة الدماء وسقوط ضحايا، فضلا عن الخسائر البشرية».» كما «حذّر من تكلفة اقتصادية باهظة».
اللافت هنا ان عضو مجلس الحرب/ بيني غانتس، «أيّدَ» موقف غالانت، قائلاً: إنه «يقول الحقيقة». فيما الأهداف «الستة» التي طالبَ/غانتس نتنياهو بتحقيقها حتى الثامن من الشهر المقبل, تضمَّنت إقامة «حُكم عسكري صهيوني في القطاع الفلسطيني». ومع ذلك ثمة في منطقتنا مَن «يتمنى» وصول غانتس الى حكم الدولة العنصرية الفاشية.