منذ (30) عاما والبنوك تطلق علي لقب (عميل).. في أوراقهم الرسمية يضعون خانة مكتوب فيها (توقيع العميل).. على شباك صرف الشيكات يخاطبك النداء الالي بكلمة: عميل... حتى البنات الجميلات اللواتي تطلب مساعدتهن يلتفتن لك ويقلن: (عفوا عمو مشغولة مع عميل)..
في البنوك كلنا (عملاء)... لقد عدت لمعجم اللغة العربية, ووجدت أن التعريف الأدق لكلمة عميل هو: من يتعامل مع دولة أجنبية ويمنحها معلومات قد تضر بأمن وطنه ويوازيها كلمة (جاسوس).. وجدت أيضا تعريفا اخر يقول: (العميل هو من يعامل غيره في شأن من الشؤون)... لكن في النهاية كل دلالات الكلمة تشير إلى أن العميل هو الجاسوس والعمالة تعني: الإرتهان لدولة أجنبية.
أنا لست عميلا لأحد, وأريد تعويضا مجزيا عن وصفي بالعميل لمدة (30) عاما, أريد رد اعتبار مشرف لي, ماذا مثلا لو وضعت البنوك بدلا من كلمة العميل.. مصطلح (نشمي)... ماذا مثلا لو كتبوا بدلا من توقيع العميل, توقيع (الذيب).. ماذا مثلا لو استعملوا مفردة... (الوسيم)... ماذا مثلا لو أصدروا قائمة سلوك للموظفين تمنعهم من استعمال كلمة عميل, وحين أسال صبية في عمر الورد.. عن مكان مراجعة القروض تخاطبني بكلمة: (عفوا مشغولة مع هالبطل... بس اخلص برجعلك)...
أنا لا أقدم هذه الملحوظة في سياق السخرية, ولكني أقدمها في سياق احترام اللغة العربية... وفي إطار ما نعانيه من العملاء, الذين قصموا ظهور شعوبهم... الذين أساءوا للكرامة الوطنية, والذين تحالفوا مع تراب غير ترابهم.. والعمالة لم تعد اليوم مجرد تقديم معلومات تضر بالأمن الوطني, العمالة صار لها وجوه وأشكال... وتعددت صورها, صرت أحيانا اتهم الجميد ذاته بالعمالة, إن لم تلفحه شمس الكرك.
الإخوة في بنك القاهرة عمان:
أرجو أن تغيروا وصفي في معاملات القروض الخاصة بي لديكم, لا أريد كلمة عميل أنا كلما شاهدتها أحسست بقلبي ينقبض.. ضعوا بدلا منها (أخو خضرة).. ضعوا كلمة (النشمي)... (ذيب العيال)... (طير شلوة)... أي شيء, لي في هذه المهنة (30) عاما أو أقل بقليل, وقد كتبت في التراب الوطني الأردني ما جعل الحروف تزهر وردا أحيانا.. وما جعل الورق يضج بالندى, ولا أستحق بعد مغيب العمر.. أو بعد رحلة التعب هذه أن أختم حياتي... ووصفي في سجلاتكم هو: (العميل)..