المحزن فيما كشفته احتجاجات الطلاب في الجامعات الاميركية والاوروبية ليس في مدى التشابك الاقتصادي والعسكري والبحثي والعلمي مع اسرائيل جامعات وشركات مدنية وعسكرية بل في مدى سطحية العلاقة مع نظيرتها في العالم العربي.
علاقة الجامعات العربية وحتى الشركات او المؤسسات الرسمية العربية مع الجامعات الاميركية لا تتجاوز تبادل الطلاب وبعض الابحاث الهامشية والاخيرة بفضل هيمنة اللوبي الصهيوني ليس بامكانها تجاوز خطوط رسمها لها اللوبي الصهيوني في شكل التعاون وحدوده.
شكل التشابك القوي بين الجامعات الاميركية واسرائيل مفاجأة للكثير من الدوائر العربية لكن هذا التعاون الذي تسربت تفاصيله بشكل اوسع على وقع الاحتجاجات كانت مؤسسات طلابية وحقوقية اميركية مناهضة الصهيونبة قد اشارت اليه في مناسبات عدة فيما كانت الاوساط العلمية والسياسية العربية تتجاهله بالرغم من خطورته على الامن القومي العربي.
اهم مطالب الطلاب كانت وقف الحرب على غزة، لكن ما اقلق اسرائيل والادارة الاميركية والكونغرس وادارات الجامعات هو اصرار الطلاب على وقف التعاون القائم بين هذه الجامعات مع مؤسسات تعليمية إسرائيلية، وسحب الاستثمارات في الشركات التي تدعم إسرائيل.
التعاون بين الجامعات الأمريكية ونظيراتها من الجامعات الإسرائيلية، عميق ومتشابك وتنوع بين ما هو اكاديمي وعلمي بحثي وعسكري واقتصادي وتكنولوجي.
ارتبطت الجامعات والشركات الأميركية مع نظيراتها في إسرائيل ومؤسساتها العسكرية بمنظومة شديدة التعقيد وتراكمت بما يكفي ليجعل من تفكيكها غاية في الصعوبة سواء في شقها المالي المباشر، أو في الشق المرتبط بالتعاون البحثي والتطوير التقني.
استحوذ انهاء التعاون الاقتصادي على تركيز مثير في مطالب الحركة الطلابية، بقطع كافة أشكال العلاقات الاقتصادية مع «إسرائيل»، ومع الشركات والجهات الضالعة في دعم السياسة الإسرائيلية والمستفيدة من حرب الإبادة في فلسطين وفي غزة خصوصا وهو ما يكشف مدى عمق هذه العلاقة واهميتها لاسرائيل.
حجم صناديق الوقف في الـ20 جامعة الكبرى في الولايات المتحدة بلغ في نهاية عام 2021 نحو 927 مليار دولار وتنضم إلى هذه الجامعات نظيراتها في أوروبا وأستراليا واليابان. حجم الأموال في صناديق الوقف في الجامعات الأميركية تفوق رقم التريليون دولار بكثير، وقد تصل إلى أكثر من تريليوني دولار وفق تقديرات غير رسمية عندما تنضم لها الجامعات الأوروبية.
وتظهر القائمة تمويلا تجاوز 11 مليون دولار منذ عام 2015 في أبحاث أبرزها مشروع لتحسين أداء المسيرات العسكرية الإسرائيلية في تعقب الأهداف التي من بينها المدنيون في غزة.
أشارت لجنة التبادل الأمني الفيدرالية الأمريكية (SEC) إلى سلسلة علاقات متشابكة تربط الجامعات الأمريكية بالنظام الإسرائيلي، منها ما هو اقتصادي مباشر تستثمر بموجبه هذه الجامعات في شركات ومؤسسات ضالعة بشكل مباشر في الانتهاكات الإسرائيلية، وعلى رأسها سياسة الفصل العنصري؛ ومنها ما هو اقتصادي غير مباشر تتعاون بموجبه الجامعات مع شركات ومؤسسات ضالعة في تطوير ودعم الخدمات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية.
الجامعات منخرطة حتى اذنيها في الصناعات الأمنية وغيرها داخل المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ليس من السهل سحب الاستثمارات من خلال بيع الأسهم والأصول وفسخ عقود الشراكات وكافة صور الاستثمار وهو ما يفسر عنف ادارات هذه الجامعات والامن في التعامل مع الاحتجاجات وهو ما يفسر حالة الفزع التي انتابت النواب الاميركيين وهو ما يفسر تخصيص رئيس الوزراء الاسرائيلي خطابا لمهاجمة هذه الاحتجاجات.
السؤال هو اين اسهامات جامعاتنا العربية في خدمة مؤسساتنا بحثا وتطويرا وتكنولوجيا ؟.