تستحوذ دول مجموعة بريكس على نسبة 45% (قرابة النصف) من إنتاج القمح لهذا العام والتي بدأت بالتناقص في كل عام لتصل هذا العام الى 760 مليون طن،حيث جاءت أول ثلاث دول في الإنتاج من مجموعة بريكس بمجموع يشكل 41%من الإنتاج العالمي وهي بالترتيب الصين، الهند وروسيا،في حين حلت الولايات المتحدة في المركز الرابع وبإنتاج قرابة 6% من الإنتاج العالمي،حيث بلغ إنتاج دول G7 مجتمعة قرابة 20% من الإنتاج العالمي.
إن إنتاج مجموعة بريكس والذي يزيد عن ضعف إنتاج مجموعة G7 التي تتسيد الغرب،يضع الخيار الإستراتيجي في الأمن الغذائي للسلعة الإستراتيجية بيد مجموعة بريكس للفترة القادمة،حيث يمكنها من التحكم في تصدير هذه السلعة ومنحها أو توزيعها بالمجان للدول الحليفة او التي تدخل بريكس،وهذا ما حصل العام الماضي عندما هرول القادة الأفارقة إلى حضور المؤتمر الإقتصادي الثاني الروسي-الافريقي والذي عقد في مدينة سانت بطرسبيرغ الروسية والذي تخلل هذا المؤتمر هبات من الرئيس الروسي من القمح لبعض تلك الدول من أصل 56 دولة في القارة السمراء،ولا ننسى أن التغيرات المناخية للفترة القادمة والزيادة السكانية لدول العالم سترفع من أسعار سلعة القمح والتي قد تصل في السنوات القادمة إلى 1500 دولار للطن الواحد.
إن هذه السلعة الإستراتيجية تحتم على دول العالم في التفكير الجدي لمضاعفة إنتاجها لسد إحتياجات مواطنيها، لعدم وقوعها تحت رحمة الدول المنتجة للقمح وخصوصا أن هناك قطبين يتسيدان العالم،ليتم مقايضة الدول المستوردة بالضغوطات السياسية عند تأمينها أو بيعها مادة القمح.
إن الدول العربية تستورد أكثر مما تنتج من مادة القمح لتغطي إحتياجات الشعوب العربية حيث تستورد الدول العربية ما مجموعه 20% من ما يتم تصديره من الإنتاج العالمي،وتعتبر الأردن من الدول التي تستورد هذه المادة بنسبة 97%,كون الإنتاج المحلي لا يغطي 3% من الاستهلاك المحلي.
حيث جاءت توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني أكثر من مرة بضرورة عمل استراتيجية غذائية تتمثل في تأمين الغذاء من خلال التوجه نحو زراعة المحاصيل الإستراتيجية باستخدام التكنولوجيا المتطورة ووضع الحلول القابلة للتطبيق على أرض الواقع وإيجاد الطرق المناسبة لتأمين الأمن الغذائي خصوصا من مادة القمح للفترة القادمة التي نسابق الزمن للوصول إلى أهدافنا المنشودة.
ويذكر أنني كتبت مقالة قبل عامين في جريدة الرأي الغراء بعنوان: » أين الأمن الغذائي العربي في ظل هذه الظروف العالمية»، بتاريخ 4 حزيران 2022 تتضمن الحلول الإستراتيجية للأمن الغذائي المحلي والعربي القابلة للتطبيق على أرض الواقع.