لقي التحسن التاريخي على تصنيف الأردن الائتماني السيادي من وكالة موديز تقديرا من قبل المراقبين والمتابعين والمثقفين المدركين لأهمية هذا التحسن وانعكاساته الإستراتيجية على مستويات الاستثمار والنمو وخدمة الدين وبالتالي معدلات البطالة والفقر.
اللافت للجميع أن رفع التصنيف الائتماني للأردن جاء بالرغم من التحديات الإقليمية الكبيرة التي يعيش الأردن في قلبها، من لجوء سوري وحرب في غزة، وما سبق من أزمة كوفيد وحرب روسيا أوكرانيا وتداعياتهما على أمن الغذاء والوقود. الأردن استطاع أن يثبت منعته الاقتصادية وقدرته على مواجهة هذه التحديات، في حين غرق غيره بأزمات اقتصادية ومالية هائلة ما يزال يعاني منها.
مجتمع المانحين والمستثمرين والمقرضين لا شك نظر بعين الإعجاب لما تمكن الأردن من تحقيقه، وشهادة وكالة موديز المحايدة الدولية تعني من ضمن ما تعني أن الأردن يمتلك حاكمية رشيدة تدير اقتصاده وقرار سياسي متزن جنب الأردن أو قلل من تعرضه لعواصف الإقليم. هذا بعد إستراتيجي يدل على رشد القرار السياسي الأردني؛ انه من جهة حافظ على استقلالية القرار الاقتصادي والمالي ونأى به عن تجاذبات السياسة والشعبويات، ومن جهة أخرى حافظ على خطوط علاقات دولية ذات مصداقية جعلت دول العالم تنحى باتجاه مساعدته واسناده، واستطاع أيضا أن يحافظ على مسافة من تداعيات الإقليم واستمر ببناء اقتصاده تحت قصف الأزمات الإقليمية المختلفة.
رفع تصنيف الأردن الائتماني صفعة في وجه الشعبويين، الذين يعتاشون على بث السواد والسلبية وان الدنيا منهارة والأردن ليس بخير، لتأتي شهادة عالمية محايدة ذات مصداقية لتقول لنا إن الأردن بخير ويسير على الطريق الصحيح، وانه بالرغم من كل الظروف والتحديات استطاع أن يثبت منعته وقدرته. هؤلاء الشعبويون يقولون الآن إن هذا التصنيف لا يعني شيئا إذا لم يحسن من أرقام البطالة والفقر في محاولة جديدة منهم للانتقاص من المنجز أو عدم فهم له، والجواب أن هذه الشهادة الدولية سوف تجلب الاستثمار وتزيد النمو وتقلل معدلات البطالة على المديين المتوسط والبعيد، وان لم يكن بشكل فوري، وهذا أبسط منطق اقتصادي معلوم.
قرارات الأردن بتنويع مصادر الطاقة، والالتزام بمعدلات الفوائد العالمية، حتى وان لم تكن شعبية لدى قطاعات من الأردنيين، إلا انها اثبتت أنها ذات فائدة كبيرة انعكست على قدرة اقتصادنا على الصمود. بعض الناس كان يطالب بسياسات معاكسة لما فعلته الحكومة بالطاقة وأسعار الفائدة، ولو ذهب صناع القرار لهذه الرغبات لصفق لهم البعض وهتفوا بأسمائهم، ولكن ذاك مؤذ للاقتصاد والمالية العامة والاستقرار النقدي. أهم ما يميز إدارتنا للاقتصاد والنقد في بلدنا ابتعادها عن الشعبوية، ويا ليت باقي قطاعاتنا تدار بذات الروحية، فالشعبوية هي السرطان الذي يطيح بالأمم ومستقبل الأجيال، والأردن كان دوما الدولة القويمة القوية التي تتخذ القرار الصائب الذي يصب في مصلحة البلد بعيدا عن الشعبوية.