يمثل قرار وكالة موديز برفع التصنيف الائتماني السيادي للأردن من B1 إلى Ba3 مع نظرة مستقبلية مستقرة، خطوة بالغة الأهمية تنعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الوطني، إذ إن هذا التقدم الذي لم يشهده الأردن منذ عقدين، يأتي كنتيجة مباشرة للإدارة الفعالة والمتقنة للسياسات المالية والنقدية والاقتصادية التي تبنتها الحكومة والبنك المركزي الأردني.
أولًا وقبل كل شيء، يجب التأكيد على أن هذا التحسن في التصنيف لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة لسنوات من الجهود المكثفة في إدارة المالية العامة والاقتصاد الكلي، فالحكومة وبالتعاون مع البنك المركزي، نجحت في تنفيذ سياسات استباقية حافظت على استقرار الاقتصاد الأردني خلال أزمات عديدة، مثل جائحة كورونا وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء عالمياً، فضلاً عن تحديات الصراع العسكري الدولي.
وتلك السياسات لم تحمِ فقط الاقتصاد من تداعيات الأزمات، بل أسهمت في تعزيز المنعة الاقتصادية للأردن بما يتماشى مع معايير التصنيف الائتماني الأعلى.
إن رفع التصنيف الائتماني يحمل في طياته العديد من الفوائد المباشرة والمتوسطة الأجل، أهمها تخفيض كلفة الدين العام، فهذا الإنجاز يعني بالضرورة تقليل العبء المالي على الخزينة الأردنية، مما يسمح بتوجيه المزيد من الاستثمارات نحو مشاريع التنمية الشاملة كالتعليم والصحة والبنية التحتية، الأمر الذي سيُعزز من جودة الحياة للمواطن الأردني.
الإصلاحات الاقتصادية التي تم تطبيقها، والتي شملت توسيع قاعدة الإيرادات المحلية بطريقة عادلة وتدريجية دون اللحاق برفع الضرائب، تُظهر نهجًا متوازنًا يُركز على النمو الاقتصادي مع الحفاظ على الاستقرار المالي والاجتماعي، فهذه السياسات لم تُسهم فقط في استقرار الدينار وحماية الأردن من التقلبات الاقتصادية العالمية، بل زادت أيضًا من الثقة بالاقتصاد الأردني على المستوى الدولي.
ويُشير التزام البنك المركزي الأردني بسياسة نقدية متوائمة مع المعايير العالمية إلى رصانة في التعامل مع التحديات المالية، فالحفاظ على استقرار التضخم ونظام سعر الصرف الثابت يُعد دليلًا على كفاءة السياسة النقدية التي انتهجها البنك المركزي، كما أن توفر مستوى قياسي من الاحتياطيات الأجنبية يعزز من القدرة على مواجهة أي تحديات مستقبلية.
ومن المتوقع أن يُسهم هذا التحسن في التصنيف الائتماني في جذب استثمارات أجنبية أكبر، والتي ستعمل بدورها على تعزيز النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل. هذه الديناميكية الجديدة تمنح الأردن فرصة ذهبية لتحقيق تقدم اقتصادي ملموس ينعكس إيجاباً على جميع المستويات.
وبناءً على ما تقدم، يمكن القول بأن الأردن على المسار الصحيح نحو تحقيق استقرار اقتصادي مستدام يُمكنه من التعامل بفعالية مع الأزمات المحتملة واستغلال الفرص العالمية بشكل أفضل، وهذه الخطوة من وكالة موديز تُعد إشارة قوية للمستثمرين والمراقبين الدوليين بأن الأردن هو سوق ناشئ واعد ومستقر.