يبدو ان فصول المسرحية الأمريكية الإسرائيلية لم تنته بعد، كما لم ينطلِ زيفها وكذبها على احد.
وكل ما نسمعه عن تعليق لشحنات أسلحة او رفض لأي عملية اجتياح لرفح هي مسرحية متفق على سيناريوهاتها وتبادل أدوارها بين طرفي الشر دولة الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد أكثر من 218 يوما من الحرب ما زال نتنياهو يبحث عن نصر ويسعى لاصطياد غنيمة ليعود بها إلى الشارع الإسرائيلي الغاضب والمطالب باقالته ومحاكمته.
وبما ان رفح هي آخر معاقل لفصائل المقاومة الفلسطينية كما يعتقد نتنياهو التي تحتفظ باربع كتائب لحماس ومرجحا بأن أسراه قد يكونوا في هذه المنطقة المكتظة بالسكان فانه يلعب على الورقة الاخيرة حسب اعتقاده. وها هي دولة الاحتلال الإسرائيلي اجتاحت رفح وقصفت المدنيين وقتلت الأطفال والنساء دون اي التزام بالمعايير الدولية او القيم الأخلاقية والإنسانية.
حتى انها لم تقم وزنا لأي رأي خالف هذا الامر وتم هجومها وقامت بمجازرها في رفح دون تقديم اي خطة لحماية المدنيين او تنفيذ اي اجراء لاجلائهم كما وعدت الامريكان الامر الذي اثبت كذب الولايات المتحدة الأمريكية وعراها امام العالم بأن كل ما يجري اليوم في رفح وقبل ذلك في غزة متفق عليه.
وبعد موافقة حماس وفصائل المقاومة على مسودة الاقتراح المصري القطري في موضوع الرهائن وتبادل الأسرى الذي جرى بمشاركة وإشراف أمريكي. يبدو ان نتن ياهو طلب فرصة اخيرة على أمل تحقيق امر لم يتمكن من تحقيقه خلال الأيام ال 218 الماضية الذي استخدم بها جيشه جميع انواع الأسلحة واشدها فتكا ضد قطاع غزة، مخلفا ما يقارب ال 40 الف شهيد وأكثر من 100 الف جريح غير المفقودين وغير المعروفين لغاية الآن. ناهيك عن الدمار والخراب الذي حول قطاع غزة الى مكان غير قابل للحياة.
و خلال السيطرة على معبر رفح الذي يعني احتلالا او سيطرة أمنية على القطاع حيث تخطط دولة الاحتلال للبقاء والتحكم في المعابر لأهداف عدة وفرض سياسية الامر الواقع واستباقا لأي امر تفضي اليه المفاوضات. والدليل على ذلك انها اي دولة الاحتلال ابقت على باب المفاوضات مواربا فهي لم تغلقه تماما كما لم تفتحه على مصراعيه لانها تلعب على عامل الوقت باعتبار ان رفح هي المرحلة الاخيرة في فصول حربها الهمجية وابادتها الجماعية.
كما ارادت إرسال رسالة لحماس وفصائل المقاومة بأن حربها مستمرة وامامها شهرين بهدف الضغط للتنازل عن شروطها في عملية المفاوضات خاصة موضوع الأسرى الذي يعتبر الورقة الوحيدة والاقوى في أيدي المقاومة الفلسطينية.
ويامل نتن ياهو في مراحله الاخيرة ليس الضغط على حماس فقط اننا يتعدى إلى فرض سيادة أمنية او القضاء على حماس او اضعافها على الاقل أملا بخروحها من المشهد مستقبلا.
وهذا ما اقنع الامريكان به تمهيدا لليوم الذي يلي الحرب وكيفية إدارة القطاع الذي تبحث بعض القيادات الفلسطينية عن دور في ذلك.
ومن ناحية اخرى فما زال لديه أمل او بمعنى اخر وهما _ نتن ياهو_ بأن يعيد اسراه عن طريق الحرب كما وعد سابقا وما زال، الذي اذا ما تحقق سيمنحه نصرا مظفرا وتعمل منه بطلا ومحررا ينصب له تمثالا، تسمح بالتجاوز عن أخطائه وتغفر له ما تقدم وتأخر من ذنبه امام الشارع الإسرائيلي وبعدها لا يحتاج الى مفاوضات او الانصياع إلى شروط باعتباره منتصرا لا قدر الله.
واذا لم يتم له ذلك فأعتقد عندها سيعود إلى باب المفاوضات والعودة بالجلوس على طاولتها لكن بعد ان يكون كسب الوقت الكافي وحقق كل ما يدور برأسه من دمار وخراب وقتل وعدم ابقاء فصائل المقاومة في رفح على حالها.
لتبدأ بعدها مرحلة اخرى تتعلق بالإدارة وكيفية الوضع الذي سيكون عليه القطاع الذي ستشهد صراع نفوذ ومصالح كما سيتضح دور الميناء العسكري الامريكي على حقيقته وتتضح اهدافه بشكل اكثر.
وبالتالي فان ما قبل 7 اكتوبر ليست كما بعدها بالنسبة لقطاع غزة وشكلها مستقبلا، خاصة بعد ان استغل نتن ياهو الفرصة دون ان يفوتها لتنفيذ مخططه وما كان يفكر به منذ سنوات خاصة وهو الذي كان رافضا الخروج من غزة عام 2005.
وهذا ما ستريه لنا الأيام القادمة.