طيلة ستة وسبعين عاما مضت من عمر قضية فلسطين، كنا وما زلنا نحن العرب نخطب إعلاميا وبلغتنا الأم على بعضنا بعضا بشأن هذه القضية، ناسين أن هناك شعوبا أخرى غيرنا في هذا العالم، منها شعوب هي من تختار ساستها وصناع القرار فيها.
كان إعلامنا العربي وما زال، يحمل أخبار الإدانة والشجب والإستنكار والحديث محليا عن القضية وحقوق الشعب الفلسطيني، مع أن العرب جميعاً وعلى تتابع أجيالهم اتخموا إعلاميا وسياسيا في حديث متكرر عن القضية والظلم الذي لحق ويلحق كل يوم بالشعب الفلسطيني.
في المقابل، اجتهدت الحركة الصهيونية التي تقوم أصلاً على ثلاثة مرتكزات هي المال والإعلام والجنس، في توظيف آلاف المنابر الإعلامية في الغرب ولدى دول النفوذ العالمي بالذات، لصناعة رأي عام وإنطباعات مزورة بين شعوب تلك الدول، مضمونها أن هناك دولة ديمقراطية متطورة جداً في الشرق الأوسط إسمها إسرائيل، تعيش وسط محيط من دول وشعوب متخلفة غير ديمقراطية لا بل وحركات دينية وغير دينية إرهابية تسعى للقضاء على تلك الدولة النموذجية في العلم والتطور، وتجذير قيم العدل والحرية وحقوق الإنسان وسوى ذلك من قيم سامية مثلى!.
تلك هي الصورة وذلك هو الانطباع السائد بين اوساط الشعوب الغربية والرأي العام فيها هي بالذات، فالعربي والمسلم إرهابيان قتلة لا يؤتمن جانبهم، أما إسرائيل التي تحتل فلسطين وأراضي دول عربية أخرى، فحمل خفيف لطيف لا بد من دعمه كي يتفوق على كل من حوله من أولئك المتخلفين الذين يعملون على تقويض وجوده بينهم.
اليوم، وحيث كشفت المنابر الإعلامية الحديثة حجم الجرائم الكبرى التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة وسائر فلسطين، حدث تحول ملموس في الرأي العام الغربي خصوصاً، وتبين لكثيرين من شعوبهم أنهم قد خدعوا طويلا ولأجيال عدة بالدعاية الصهيونية الكاذبة، وأن هناك شعبا ظلم طويلاً ولا يطالب سوى ببعض حقوقه التاريخية التي أقرتها القوانين الدولية كافة دون أن تجد طريقها للتطبيق.
من هنا، تتجسد الأهمية الكبرى لأحاديث وتصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، عبر المنابر الإعلامية الغربية بالذات.
الملك والملكة يخاطبان عقول وضمائر ووجدان الشعوب في الغرب خصوصاً وعلى امتداد الكوكب، بقوة المنطق والحقائق الموثقة لشرح مضامين قضية فلسطين وما لحق بشعبها من ظلم كبير وكبير على مدى ستة وسبعين عاماً.
الملك والملكة، يعرفان تماماً أن تلك الشعوب التي خدعتها الآلة الإعلامية الصهيونية لعقود طويلة عانى فيها الشعب الفلسطيني الأمرين، تواقة لمعرفة الحقيقة ورافضة للظلم والكذب والتزوير والخداع، ومن هنا يغدو الحديث إليها وبلغتها وبالحجة الدامغة التي لا تحتمل التأويل، ذا أثر فاعل في تبديد الأكاذيب وإظهار الحق والحقيقة التي غابت عنها طويلا تحت وطأة الدعاية الصهيونية الماكرة التي خلت لها ساحة الغرب كله على امتداد عقود.
تلك الشعوب التي تتظاهر اليوم في أميركا وأوروبا ضد حرب الإبادة ودعماً للشعب الفلسطيني المظلوم، هي هدف أحاديث الملك والملكة بارك الله فيهما، فهي شعوب باتت ترفض وبوضوح مواقف حكومات دولها المنحازة للظلم الصهيوني على حساب عذابات شعب يريد حقوقه المشروعة في حياة حرة كريمة لا أكثر، ككل شعوب المعمورة.
الملك والملكة جديران بالشكر وبالثناء على ما ينهضان به من دور طليعي ذكي لا ينازعه دور في كشف الغطاء عن ظلم استفحل طويلاً، وحق أبلج ما زال أهله بانتظاره. وحتماً فإن حركة الشعوب في الغرب عموما، تقض اليوم مواجع العدو الصهيوني الذي بات معزولاً وهو يدرك تماماً أن زمن التدليس والكذب قد ولى وإلى غير رجعة.
الحقيقة تقول أن أثر أحاديث الملك والملكة، لا يقل أهمية في تسليط الضوء على الحقائق الدامغة، من صور المذابح التي تنقلها بعض الفضائيات من قطاع غزة الجريح.
الإعلام يجب أن يخرج من محليته المغرقة إلى العالمية الأوسع لنقل الحقيقة كما هي وبالصوت والصورة التي تحكي الواقع كما هو من دون رتوش. هذا ما يفعله الملك والملكة ومنذ زمن، فشكراً لهما وليجزيهما الله الخير عما يفعلان.
الله من أمام قصدي.