حماس قبلت الهدنة وحساباتها ومصالحها في ذلك معقدة، منها خلط الأوراق أمام إسرائيل بشأن معركة رفح التي تعتبرها مفصلية حاسمة. حماس تقبل الهدنة لتربك توجهات إسرائيل في رفح، ويبدو أن إسرائيل أدركت ذلك ما يفسر أفعالها الميدانية في رفح ومعابرها. مصلحة أخرى لحماس بقبول الهدنة هو شراء الوقت ومعه تشتري مزيدا من الضغوط الشعبية المتوقعة على حكومة نتنياهو وأيضا الولايات المتحدة وجامعاتها، وهذا قد يؤدي لتحسين موقفها التفاوضي وربما زيادة عزلة إسرائيل دوليا. أما أهم المصالح الحمساوية في قبول الهدنة أن تظهر حماس لقواعدها والغزيين في الميدان أنها تدرك معاناتهم وتشتبك ومستعدة للتهادن ولا تأخذ معاناتهم دون حسبان. هذا مهم لحماس بسبب حالة متنامية من المعاناة وتعالي الأصوات بسبب شدة ما يتعرض له الغزيون.
في معرض التعاطي مع الوساطات تتحرك إسرائيل ميدانيا مدركة أن قبول حماس الهدنة التي صاغها الوسطاء سيضع إسرائيل في موقف صعب سياسيا، لأنها لا تريد أن تخسرهم. إسرائيل كانت تتمنى ألا تقبل حماس الهدنة لكي تمضي بعملية رفح التي تعتبرها آخر مواقع حماس. الوقت ضاغط على إسرائيل كما على حماس، وقبول حماس الهدنة معناه أن إسرائيل أمامها حسابات سياسية معقدة لا بد أن تتنبه لها. ستحاول إسرائيل إفشال الهدنة بكل السبل فهي تريد تحقيق الهدف النهائي من طرد حماس من غزة وبغير ذلك سوف تسقط حكومة نتنياهو؛ هذه هي القناعة السائدة، لذا لا بد من الانتباه وعدم رفع سقف التوقعات بشأن هدنة مستدامة، لأن لا مصلحة لحكومة إسرائيل بذلك، وإن كانت عودة الرهائن ستكون ثمنا سياسيا مهما للحكومة اليمينية. إسرائيل مضطرة للتعاطي مع الهدنة احتراما للوسطاء الذين ترتبط معهم بعلاقات مهامة إستراتيجية، ولكنها لن توفر جهدا لإعاقة الهدنة والمضي بخططها الميدانية.