تتبنى قضية ذوي الإعاقة مكانة مركزية في المجتمعات العربية، حيث تتطلب اهتماماً خاصاً وجهوداً مشتركة وتفكير جاد لتحسين وضعهم وتوفير الفرص المتكافئة لهم. فالحديث عن ذوي الإعاقة يعد جزءاً أساسياً من نسيج المجتمع الأردني، فهم جزءاً لا يتجزأ من تنوع الهويات والقدرات في المجتمع، إذ يشكلون 11.2% أي ما يقرب من 1,250,000 شخص في الأردن يعيشون مع تحديات الإعاقة، لذا فإن تمثيلهم وتأمين فرص متساوية لهم يعكس التزام المجتمع بالعدالة والتضامن. ويعد التوجه نحو بناء مجتمع أردني شامل يضمن حقوق ذوي الإعاقة ويعزز مشاركتهم الفعالة في الحياة السياسية والاجتماعية أمر لا يمكن فصله عن التحديات الكبرى التي يواجها المجتمع الأردني في الوقت الحالي.
أما في السياق السياسي الحالي في الأردن، يظهر ضرورة تسليط الضوء على المسائل المهمة المتعلقة بذوي الإعاقة. أبرزها عدم توفر إحصائيات دقيقة للناخبين، كناقم يعيق فهم الوضع الفعلي وتخصيص الدعم اللازم لهم. وفي إطار التذكير بالمقولة "من يمتلك لغة الأرقام هو من يمتلك لغة الحروف"، فإن هذا يبرز الحاجة الماسّة لوجود البيانات والإحصائيات بهدف استخدامها في توجيه السياسات بما يضمن تمثيل جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك ذوي الإعاقة، بشكل عادل وفعّال في العملية الديمقراطية.
على الرغم من النقص في البيانات الرسمية بشأن عدد الناخبين من ذوي الإعاقة في الأردن، إلاّ أن الاهتمام بحقوقهم ومشاركتهم في الساحة السياسية لا يزال أمراً مهماً. فوجود عضو ذوي إعاقة في الغرفة التشريعية في مجلس الأعيان يُظهر التزام الدولة الأردنية بدعم هذه الشريحة ويؤكد على الدعم الملكي لها. كما لم يقتصر الأمر على ذلك فكان لذوي الإعاقة حصة -وإن كانت متواضعة- في الجهود المبذولة من قبل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ومخرجاتها التي نتج عنها تعديلات قانونية تدعم حقوقهم في قانوني الانتخاب والأحزاب، لكنه ما زال هناك تحدي في تحقيق تقدم فعّال، يظهر بعدم الإلمام الكامل لدى صناع القرار بشؤون وتحديات ذوي الإعاقة، الذي يُعزى إلى تغيب إشغال الأشخاص ذوي الإعاقة المناصب القيادية والتشريعية بشكل كافٍ. ففي الواقع يمكننا القول بأن أهل القضية هم الأفضل والأحق في الدفاع عنها.
في ضوء ذلك، ينبغي لنا الآن أن نبحث عن خيارات تمثيلية ملائمة تساعدنا في التعبير عن مصالح ذوي الإعاقة بشكل أفضل، والتركيز على إجراء حملات خاصة ضمن الجهود العامة للهيئات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية على المستوى الدولي والمحلي لتعزيز المشاركة الفعّالة له في العملية الديمقراطية، بما يضمن حقهم في التصويت والترشح. يهدف هذا التخصيص بشكل أساسي إلى تشجيع الترشح لأولئك الذين يمتلكون من الكفاءة والمهارات والمعرفة اللازمة لتمثيلهم بفاعلية تحت قبة البرلمان تمثيل فاعل في المجلس المقبل. مما ستسهم هذه المشاركة الجادة من إثراء الحوارات تحت القبة. فهناك من هو الأصم الذي يزيد أن يُسمع صوته والكفيف الذي يريد أن يشعر بتطبيق التشريعات دون أن يبصر، ومن يحتاج إلى رفع يده بمداخلة تهم الوطن أو قانون يصوت له.
في هذا السياق، يبرز المشهد السياسي في الأردن كمرآة تعكس الجهود المبذولة والتحديات المواجهة في هذا الصدد. فالأردن يعتبر نموذجاً مهماً للدول العربية في مجال دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع وتوفير الفرص العادلة لهم في مختلف المجالات وأهمها السياسي، وواقع الحال هذا يستدعي التأمل والتقييم الدقيق للسياسات الحكومية والمبادرات المتخذة تجاه وضع ذوي الإعاقة في الأردن. فالفهم الشامل يشكل أساسًا لبناء مجتمع أردني يحتضن الجميع بلا استثناء، ويسعى جاهدًا لتوفير الفرص والموارد لكل فرد ليعيش حياة كريمة ومليئة بالتحديات والإمكانيات.