مدار الساعة - نيفين عبد الهادي - اليوم العالمي لحرية الصحافة، يوم صحفي إعلامي بامتياز، كونه يأخذ المشهد الصحفي لجهة جردة الحساب والتقييم الذاتي، ليس على مستوى المؤسسات فحسب، وإنما على المستوى الرسمي بشكل عام، وحتى على المستوى العالمي، لجهة النظر إلى أين وصلنا وأين أخفقنا وماذا نحتاج وحجم الإنجاز، وغير ذلك من التفاصيل التي تضع هذا الواقع برمته محل التقييم، لا سيما إذا كانت دولة كالأردن تتمتع بإرادة سياسية عليا برفع سقف الحريات وصونها، حتى يكون سقفها السماء.
في هذا اليوم، نقف أمام جوهر معنى الحريات الصحفية، لنرى الأردن قطع شوطا بهذا المجال وحقق إنجازات متتالية، مهنيا وتشريعيا وتنفيذيا، ففي الأردن تشريعات من شأنها حماية الحريات المسؤولة، والأردن من الدول القليلة التي تتمتع بوجود قانون لحماية حق الحصول على المعلومة، إضافة للتدريب على تمكين الصحفيين والإعلاميين في موضوع الحريات، وتمكين وتدريب شبكة الناطقين الإعلاميين في كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية، إضافة إلى تجاوب الحكومة وصانع القرار مع وسائل الاعلام والإجابة عن أي استفسارات وأسئلة.
وفي هذا الشأن حتما هناك سعي حكومي عملي لتوفير المعلومة في تنظيم «منتدى التواصل الحكومي» الذي تعقده وزارة التواصل الحكومي أسبوعيا ويتم خلاله تقديم معلومات كافية عن المؤسسات الحكومية إضافة للإجابة عن أسئلة الصحفيين والإعلاميين.
يعيش الأردن حالة متقدّمة في موضوع الحريات، بتوجيهات ودعم مباشر من جلالة الملك عبدالله الثاني، فلم تغب الحريات الصحفية عن أجندة جلالته بأي مناسبة أو كلمة أو لقاء، موجها دوما بأن الحريات سقفها السماء، مما جعل لموضوع الحريات حالا مختلفا محليا، تدفع به الإرادة السياسية العليا بقيادة جلالة الملك لأن يكون بسقف عالٍ، تغيب عنه عقبات وإجراءات من شأنها خفض سقفها وعرقلة المضي بها نحو الأفضل، لتبقى الكرة في ملعب الصحافة والجهات الرسمية والنقابية بجعل هذا الأمر مجسدا على أرض الواقع بحرية مسؤولة سقفها السماء بحال حقيقي وعملي، وهو ما قطع به الأردن شوطا كبيرا لجهة الإنجاز المتميز.
وفي متابعة خاصة لـ»الدستور» حول اليوم العالمي لحرية الصحافة، وطبيعة هذا اليوم خلال العام الحالي محليا وعالميا، بدا واضحا تميّز الأردن بهذا الجانب، حيث تقدم 14 مرتبة في تقرير الحريات 2024 الذي أصدرته منظمة «مراسلون بلا حدود» بشأن تصنيف الدول في الحريات الصحفية لعام 2024، فجاء الأردن في المرتبة 132 من أصل 180 دولة تضمنها التقرير للعام الحالي، فيما كان الأردن في المرتبة 146 في تقرير العام 2023، والمرتبة 120 في ترتيب الدول، بحسب تقرير عام 2022.
تقدم مهم
وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور مهند المبيضين قال في تصريح خاص لـ»الدستور» فيما يخص التقدّم الذي حققه الأردن في مستوى الحريات، إن هذا التقدم مهم لنا، لنبني عليه في مستوى الحريات في الأردن.
وكشف المبيضين عن خطوات جديدة لدعم الحريات بقوله «سيكون لدينا إعلان عن خطوات جديدة تعزز الثقة في الإعلام الأردني وأيضا تحسين مستوى مؤشر الحريات بالذات في مستوى ضمان تمكين الصحفيين من ممارسة مهنيتهم وأدوارهم المهمة في الأردن فيما يتعلق في تطوير المشهد السياسي العام والتطور الديمقراطي من خلال وسائل حماية وتمكين أفضل وأيضا تعزيز مكانتهم ودورهم في المجتمع».
العدوان على غزة
من مفارقات الاحتفالات هذا العام باليوم العالمي لحرية الصحافة، ما يشهده قطاع غزة من حرب على البشر والحجر، وقد سجل عدد الشهداء من الصحفيين الأعلى في تاريخ الصحافة، ما يضع موضوع الحريات أمام حالة تتطلب مراجعة معاييرها، وأسسها، في ظل ما شهدنا ونشهد من عنف وقمع وظلم للصحفيين في غزة، دون أي ردة فعل من حرّاس حرية الصحافة، أو من وضعوا أنفسهم بهذا المكان، ليبدو المشهد قاتم التفاصيل، ويعيدنا لما قبل التاريخ بخصوص الحريات وحمايتها وسقفها.
نقيب الصحفيين الأردنيين، ورؤساء تحرير الصحف اليومية ورؤساء تحرير عدد من المواقع الإخبارية الإلكترونية، اعتبروا أن الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام يضع موضوع الحريات برمته على مفترق طريق، يحتاج إعادة النظر بأدبيات الحريات التي سمعنا عنها على مدى سنين، وانهارت في الشارع الغزّي، بل ما نشهده يأتي على خلاف كل ما وضع من أدبيات الحريات، في سعي واضح لكسر القلم الفلسطيني وكسر الكاميرا الفلسطينية.
وذهب المتحدثون لـ «الدستور» إلى القول إن الحريات بمفاهيم كثيرة سقطت سقوطا كبيرا وفقدت مبررات وجودها، بعدما شهدناه من حرب إبادة في غزة، وحرب على الحقيقة الفلسطينية، والرواية التي سعى الصحفيون الغزيون لنقلها، حيث انكشف للجميع غياب الموضوعية عن تلك الحريات التي سمعناها بها على مدى سنين.
وشدد المتحدثون على أن الأردن قطع شوطا كبيرا في موضوع الحريات، وحقق تقدما في مقاييس دولية، إضافة لوجود إجراءات يلمسها الصحفيون كافة في موضوع الحريات التي تحدث عنها جلالة الملك بأن سقفها السماء، وسعي الحكومية لتنفيذ توجيهات جلالته بالكثير من الخطوات العملية تحديدا فيما هو متعلق بحرية الوصول للمعلومة، وبموضوع التشريعات.
سقوط كبير
نقيب الصحفيين الزميل راكان السعايدة قال: سقط موضوع الحريات بعد حرب الإبادة على أهلنا في غزة سقوطا كبيرا، وفقد مبررات استمراريته، على وقع الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ويمارسها على الشعب الفلسطيني، وفي قطاع غزة، حيث شهدت غزة أعلى عدد شهداء بتاريخ الصحافة، وسجلت أعدادا غير مسبوقة بالتاريخ، دون حماية للحريات ولا للصحفيين، ومع عدم اتخاذ أي خطوة لحمايتهم.
وأضاف السعايدة: بدا واضحا في الحرب على أهلنا في غزة عدم حيادية الأخبار وغياب الموضوعية في الإعلام العالمي الذي كشف عدم مصداقية الكثير من المعلومات وعدم الموضوعية، بتجاوزات وأكاذيب تابعها العالم دون اتخاذ أي خطوة لحماية الصحفيين على سبيل حرية الإعلام.
كل هذا، يضيف السعايدة، يجعلنا نطالب بإعادة النظر في موضوع الحريات من جديد، وضرورة وجود رؤى مختلفة تحمي الحريات ويكون الجميع سواسية في هذا الموضوع، وهذه المفاهيم التي على ما يبدو استخدمت عبر التاريخ ليس لغايات الحريات وإنما لغايات أخرى، مبنية على خلل واضح كشفته لنا الحرب على غزة، ولم نكن لنعرف ذلك لولا حرب الإبادة على غزة.
ورأى السعايدة أن الاحتفال ليس له مبرر ولا يوجد ما يسمى بالحريات، وموضوعية الأخبار، وما كل ما سمعناه سوى غبار الهدف منه تمرير روايات بعيدة عن الحقائق، حتى الدول التي نادت وتنادي بالحريات، غابت تماما عن حمايتها في غزة، بل على العكس وظّفت لتمرير مفاهيم بعيدة كل البعد عن الحقائق، ولم تحم الصحفيين في غزة.
شوط كبير
رئيس التحرير المسؤول لجريدة «الدستور» الزميل مصطفى الريالات أكد أن الأردن قطع شوطا كبيرا في موضوع الحريات الصحفية، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني الذي طالما أكد في كل مناسبة أن الحرية في الأردن سقفها السماء، فكان الأردن دوما نموذجا يحتذى في موضوع الحريات لجهة التشريعات وكذلك التدريب والتمكين وتأهيل شبكة الناطقين الإعلاميين في المؤسسات والوزارات، إضافة لتوفير المعلومة من صانع القرار، ويعدّ أحدث هذه الخطوات تنظيم منتدى التواصل الحكومي الذي تضع به الحكومة كافة قضاياها على طاولة الإعلام والصحافة بكل شفافية.
وقال الريالات إن الأردن في مقياس حريات «مراسلون بلا حدود» حقق تقدما ملحوظا، لتأتي شهادة دولية بتقدّم مستوى الحريات وأننا نسير في الدرب الصحيح بهذا الشأن، ونحن كصحفيين يتضح لنا هذا الجانب بإجراءات عملية وملموسة نعيش بها سقفا واضحا من الحريات المتقدّمة، سواء كان في المادة الصحفية أو في الحصول على المعلومة، ذلك أن توفير المعلومة هو الدرب الأمثل لمواجهة الإشاعات والأكاذيب.
وبين الريالات أن الاحتفال بالحريات الصحفية هذا العام يقف على مفترق طرق بين ممارسة هذه الحريات على أرض الواقع وتوظيفها لخدمة قضايا الحريات، وبين ما يحدث في غزة من حرب أدت لاستشهاد مئات الصحفيين وهو العدد الأكبر بتاريخ الصحافة، ما يجعل من موضوع الحريات يحتاج مراجعة لجهة التأكيد أن تشمل الجميع دون استثناء.
البناء على الإنجاز
من جانبه، أكد رئيس تحرير جريدة الرأي الدكتور خالد الشقران أن الحريات الصحفية بشكل عام عربيا وعالميا بحاجة إلى مزيد من العمل في ظل عمليات التضييق في المناطق الساخنة وتحديدا في غزة، وما شهدناه من قتل متعمد للصحفيين دون حماية، ولم نر أي ردة فعل إزاء هذه الجرائم ولا يوجد أي ضمانات لحماية الحريات الصحفية بغزة.
وفيما يخص واقع الحريات محليا أكد الشقران أننا في الأردن شهدنا تقدما ملحوظا في الحريات والدليل التقدّم في تقرير مراسلون بلا حدود، حيث حققنا تقدما بـ (14) مرتبة، وهذه مسألة مهمة جدا، وخطوة مهمة نحتاج مزيدا من العمل بشأنها لتعزيزها والبناء عليها.
وأضاف الشقران أن الأردن دولة متقدمة بموضوع الحريات بشكل عملي وليس نظريا، في التشريعات وتوفير المعلومة، وسقف الحريات العالي، ما يجعل الأردن حالة متقدّمة لما يتخذه من إجراءات صحفية ورسمية.
مأزق الحريات العالمية
رئيس تحرير جريدة «الغد» الزميل مكرم الطراونة قال إن الصحافة العالمية وحرياتها سقطت سقطة مدوية نتيجة لما يحدث في غزة، وللأسف وقعت في مأزق في المهنية وسقطة للمبادئ التي تربينا عليها في منهج الإعلام، بالحريات والإعلام غير المنحاز الذي ينقل الحقيقة ويؤثر إيجابا في المشهد العام.
وأضاف الطراونة شعار حرية الصحافة والمهنية بعد السابع من أكتوبر لم يعد كما كان قبله، بفعل ما فعلته آلة الحرب الإسرائيلية وحلفاؤها، والرويات الإسرائيلية والغربية التي تنقل وجهة نظر الاحتلال وتقدم وجهة نظر واحدة للرأي العام العالمي، وهذا بالتأكيد يشكل لنا جميعا حالة صدمة من الصعب أن يستفيق منها أي صحفي ما زال يؤمن بحرية الصحافة وأهمية الإعلام في نقل الحقيقة.
وأعرب الطراونة عن أمله أن تعيش الصحافة بمهنية كما هي دون أن تتأثر بالأجندات السياسية والاقتصادية وحتى الأمنية، وقال «نتمنى في مثل هذا اليوم أن نشهد عودة للصحافة المؤثرة التي يثق بها متلقو المعلومات»، مشيرا إلى أن الأردن حقق تقدما في الحريات والصحافة المهنية.
تقدّم أردني
مدير عام جريدة الأنباط الزميل حسين الجغبير قال «في هذه المناسبة نترحم على زملائنا شهداء الكلمة في غزة، ونحن نعلم أن عدد شهداء الصحافة لم يحدث بتاريخ مهنة المتاعب كما حدث في غزة»، مشيرا إلى أن «ما شهدته غزة جعلنا نراجع موضوع الحريات ونرى أنه في بعض الدول بعيد كل البعد عما أشبعونا به تاريخيا بهذا الشأن».
ومحليا يؤكد الجغبير أن الأردن قطع شوطا كبيرا في موضوع الحريات، ويعد دولة متقدمة بهذا الشأن، وطالما أكد جلالة الملك أن الحريات سقفها السماء، وترجمت الحكومة هذه التوجيهات برؤى متعددة تشريعيا وتنفيذيا، وبتمكين الناطقين الإعلاميين في المؤسسات الرسمية، حتى في دعم الحكومة للصحافة الورقية، وهو تأكيد على حرصها على الحريات المسؤولة والمهنية.
وأضاف الجغبير «نحن في الأردن نرى الرأي والرأي الآخر، ونتفاجأ بما نراه في دول ادعت الديمقراطية والحريات خلال سنين وقمعها للرأي الآخر، بوسائل صادمة».
صدمة عالمية
رئيس تحرير وناشر وكالة عمّون الإخبارية الزميل سمير الحياري قال «صدمنا جميعا واقع الحريات في العالم وقد كشفته لنا الحرب على أهلنا في غزة، ولولا هذا الانحياز العالمي للحرب ولإسرائيل لما عرفنا كم أن هذا العالم كان يتعامل مع قضايانا بصورة بعيدة عن الموضوعية، فقد ظهر لنا كم كانت هذه الدول منحازة لروايات غير صحيحة وأنها كانت تضع مجرد شعارات على مدى سنوات طوال».
وأضاف الحياري «لكن يبقى لهذه المهنة أنصارها من العرب والغرب على حد سواء، وهناك أصوات تدافع عن الحقيقة لإخراج حرية الصحافة بصورتها الصحيحة، واستطاعت أن تقدم نموذجا من الإنجازات نحو الحقيقة».
ومحليا، قال الحياري «مقارنة بالكثير من الدول الأردن متقدّم ويتقدّم بصورة كبيرة، ونتمتع بسقف عال، وتابعنا تقرير «مراسلون بلا حدود» وما حققناه من تقدّم، وطالما أكد جلالة الملك أهمية الحريات، لذلك فإن وضع الحريات في الأردن متقدّم ومحترم، ونأمل أن نمضي في ذات الدرب لصالح القضايا الوطنية والعربية».
الإعلام المهني المتوازن
ناشر ورئيس تحرير موقع مدار الساعة الإخباري الزميل عواد الخلايلة أكد أن الحريات في الأردن مصونة ومتقدمة جدا، مشددا على أن كل حرية مسؤولة ومهنية هي مصانة ومحمية بالقانون والدستور.
وشدد الخلايلة على أن الإعلام المهني المتوازن الذي يأخذ الرأي والرأي الآخر يتمتع بحرية عالية، فكلما كان بعيدا عن الإسفاف ويحمل رسالة مهنية بمعلومات صحيحة حتما يتمتع بحرية عالية، مؤكدا أن الحرية الصحفية في الأردن مصانة بالقانون والدستور.
وأشار إلى أنه «بوجود صحافة الغث والسمين، ووجود أشباه الصحفيين أصبح هناك ضرورة للتأكيد على أن الحرية المسؤولة والمهنية هي مصانة ولا يمكن الحدّ من سقفها».الدستور