أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات جامعات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: 'لوسرن' وغياب روسيا.. لماذا ؟


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: 'لوسرن' وغياب روسيا.. لماذا ؟

مدار الساعة ـ
يجتمع العالم في منتصف شهر حزيران المقبل من هذا العام 2024 في مدينة " لوسرن " السويسرية لمعالجة الأزمة الأوكرانية وحربها ، ولكن من دون روسيا العظمى ، ومن دون الحاجة للإستماع لروسيا أثناء المؤتمر القادم " أونلاين " ، و هو المطلوب و الضروري . كما سبق و أن عقدت اجتماعات مماثلة في " ميونخ " في المانيا بتاريخ 16/ شباط / 2024 ، و في المملكة العربية السعودية من خلال قمة العرب بتاريخ 11 / نوفمبر / 2023 ، رغم أن روسيا طرف هام في الصراع القائم بينها و بين نظام " كييف " السياسي و التيار البنديري ، وفي الحرب و في السلام . وهما المصنفان من قبل روسيا بالتطرف .
و الواضح هو بأن روسيا نفسها ترفض حتى الساعة الاجتماع مع دول العالم للإستماع لشروط غرب أوكرانيا " كييف " ، و الغرب الأمريكي بشأن أفق العملية الروسية الخاصة الدفاعية التحريرية / الحرب الأوكرانية ومع " الناتو " بالوكالة ، و تتمسك بموقفها وبسلام الأمر الواقع لعدة أسباب قانونية و لكونها المنتصرة ، و عمليتها العسكرية الخاصة التي انطلقت بتاريخ 24 / شباط / 2022 من طرف روسيا مشروعة في وقت حاك الغرب الأمريكي عبر بريطانيا – بوريس جونسون ، و أمريكا – جو بايدن مؤامرة الحرب مبكرا عبر التدخل اللوجستي في الثورات البرتقالية الأوكرانية الاصلاحية ، و في انقلاب " كييف " في الفترة الزمنية الواقعة بين 2007 و 2014 .
فما هي شروط " كييف " العاصمة التي يتم تنسيقها مع الغرب ، وخاصة مع أمريكا بشأن وضع حد لنهاية الحرب ؟ وماهي شروط موسكو بصددها ؟ ومن يعتدي على من ؟ و من يحتل من ؟ ماهي حجج نظام " كييف " ؟ وما هي حجج موسكو في المقابل ؟ وهل من الممكن رؤية نهاية للحرب الروسية – الأوكرانية التي يراد لها في الغرب الأمريكي المشجع على استمرارية الحرب الباردة و سباق التسلح أن لا تنتهي ؟ دعونا نجيب على الأسئلة المذكورة هنا و بموضوعية و بالأدلة الدامغة مع ابقاء مساحة للقاريء لإبداء الرأي و انصاف جوانب قضية الأزمة الروسية – الأوكرانية برمتها .
كان بإمكان نظام أوكرانيا تفادي حدوث انقلاب " كييف " عام 2014 ، فلقد توجه حينها الرئيس المخلوع فيكتور يونوكوفيج لضم أوكرانيا للأتحاد الأوروبي و للسوق الأقتصادي الغربي ، و تم تفسير الأنقلاب من قبل موسكو على أنه ليس حركة اصلاحية بقدر ما هو اجتثاث للحضور الروسي داخل الأراضي الأوكرانية بعد 23 عاما على استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، فعملت روسيا على اعادة إقليم ( القرم ) لعرينه الروسي تفاديا لتغول حلف الناتو بقيادة أمريكا عليه ،و خوفا من استبدال الأسطول الروسي النووي بالسادس الأمريكي .
وشنت " كييف " حربا شعبية على سكانها الأوكران و الروس استمرت ثمانية سنوات راح ضحيتها أكثر من 14 الفا منهم و تشريد غيرهم ،و قابلت موسكو الخطوة الأوكرانية العدوانية غير المقبولة بتحريك اتفاقية ( مينسك ) وصناديق الأقتراع في كافة الأقاليم التي حررتها ( لوغانسك و دونيتسك " الدونباس " ،و زاباروجا ،و خيرسون ، و عمليتها العسكرية الخاصة الدفاعية التحريرية التي تحقق نجاحات يومية في أرض المعركة . وحوار تركي حول الأزمة الروسية – الأوكرانية كاد أن ينجح لولا تدخل الغرب سلبا . و تدعو موسكو لاعتماد وثيقة ما قبل عام 2022 ،و الحياد الأوكراني للوصول لسلام مع " كييف " مع ضرورة عدم المساس بشرعية روسيا في القرم .
و ارتكزت موسكو في حراكها العسكري تجاه أوكرانيا على الأحقية التاريخية ، و على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي خولتها الدفاع عن نفسها ، و على اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 المانعة للتحالف مع الأحلاف العسكرية المعادية و في مقدمتها " الناتو " ، علما بأن موسكو- بوتين بادرت عام 2000 في عرض دخولها للناتو ،و في عقد اتفاقية دفاع مشتركة مع الغرب . و رصدت روسيا ذات الوقت اعتداءات للغرب عبر " كييف " على خط الغاز " نورد ستريم 2 " ، و على جسر القرم ، وعلى حياة الصحفيين الروس ،وعلى المدن الروسية الحدودية و في العمق مثل " بيلغاراد ، و فارونيج ، و موسكو .
وعمل الغرب ، و خاصة أمريكا و بريطانيا على تشجيع " كييف " لصنع أكثر من قنبلة نووية لأحداث توازن استراتيجي عسكري مع روسيا ، وعلى الاعتداء على خط الغاز " نورد ستريم 2 " و تفجيره ، و على جسر القرم و تفجيره أكثر من مرة ، و التطاول على المدن الروسية الحدودية مثل " بيلغاراد ، و فارونيج ، و موسكو العاصمة ، و اغتيال صحفيين روس وفي مقدمتهم داريا غودينا ، و تفجير جديد جرى مؤخرا طال منطقة غرب موسكو و أكبر مركزا تجاريا فيها عبر عملية إرهابية نجحت روسيا في القبض على خليتها كاملة ،و اكتشفت الجهات التي تقف خلفها ،و راح ضحيتها عدد من المواطنين الروس ، و هي لم تكن العملية الإرهابية الوحيدة ضد روسيا وفي داخلها .
مؤتمر سويسرا القادم بشأن الحرب الأوكرانية ،و هو الداعي لدول عالمية عديدة سوف أذكرها هنا تباعا ليس حفل زفاف ، و سيبقى غير متوازن و غير عادل ما لم يستمع لروسيا و موقفها ، ومالم يدعو " كييف " للحياد و لعدم الأنخراط في التحالفات المعادية لروسيا جارة التاريخ . والمشاركين في مؤتمر سويسرا القادم هم ( مجموعة السبع ، و مجموعة العشرين ، و بريكس ، و الاتحاد الأوروبي ، و الأمم المتحدة ، و منظمة الأمن و التعاون في أوروبا ، و مجلس أوروبا ، و الفاتيكان ، وبطريركية القسطنينية .و المحرك لجمر التجمع من تحت الرماد هي الولايات المتحدة الأمريكية و جهازها اللوجستي ،و بالتعاون مع الأجهزة المماثلة في الغرب . و الصوت الروسي هام ، وهام جدا ، و هي دولة عظمى ، و قطب نووي عملاق ، بل فوق نووي و فرط صوتي ، و يحسب له في الغرب ألف حساب .
وزير دفاع روسيا سيرجي شايغو صرح حديثا بأن الجيش الروسي تمكن من تحرير 547 كيلومترا مربعا داخل الأراضي الأوكرانية هذا العام 2024 ،وهو مؤشر على ثبات الموقف الروسي رغم الدعم الغربي غير المشروع بالمال و السلاح ، و اعتقاد غربي بأن ما يقدمونه من مال و سلاح لغرب أوكرانيا " كييف " هو مشروع و لمساعدتها على تحرير أراضيها من الاجتياح الروسي و الاحتفاظ بحق الرد . وهو أمر لا يصب في قلب الحقيقة . و التصعيد الأوروبي ( الفرنسي و البريطاني ) المباشر مع روسيا فوق الأراضي الأوكرانية لن يجدي نفعا ، بل سيعقد المشهد الذي يترنح بين الحرب و السلام .
مدار الساعة ـ