تواظب إدارة الرئيس الأميركي/بايدن وفريقه السياسي والدبلوماسي, كما جنرالات البنتاغون والوكالات الإستخبارية, (وسبقتها بالطبع الإدارات الأميركية المُتعاقبة خاصة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/2001 وغزو العراق/ آذار 2003), الحديث عن ضرورة «إلتزام» دول العالم بالنظام «القائم على القواعد», دون أن تأتي بذكر على القانون الدولي الذي جسّده ميثاق الأمم المتحدة والوكالات والهيئات والمؤسسات التي إنبثقت عنه, خاصة بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية, دون أن يعرف أحد في العالم ماهية هذا النظام «المبني على القواعد», ومَن هي ا?جهات التي وضعته, أو قامت بالتوقيع عليه واكتسبت «شرف» الإنضمام» إلى ناديه, ناهيك عن غموض معانيه كونه لم يُنشر, ولم يتم إعتماده في أي هيئة أو منتدى دولي.
ما لفت الإنتباه هو أن إدارة بايدن استخدمت بشكل مُفرط «همروجة» كهذه, عند بدء حرب الإبادة والتجويع والتهجير, التي شاركت فيها واشنطن جيش النازية الصهيونية, على قطاع غزة بعد عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023. ما أثار إنتباه دول العالم, ليس فقط في رفض الإدارة الأميركية وقف النار عبر إستخدامها «الفيتو» خمس مرات لإحباط مشاريع قرارات دعت إلى ذلك, وليس فقط في تزويدها الدولة الصهيونية الإستعمارية بصفقات أسلحة وقنابل ثقيلة ومقاتلات بمليارات الدولارات, فضلاً عن إرسالها حاملتيّ طائرات بينها واحدة هي الأحدث في الأسط?ل الأميركي, ترافقها غواصات نووية وبوارج وكتائب النُخبة من المارينز, بل خصوصاً ودائماً نفّيها أمام محكمة العدل الدولية, أن الدولة الصهيونية الفاشية لم تشنّ حرب إبادة وتجويع على القطاع الفلسطيني المنكوب.
وها هي/إدارة بايدن «تُطارِد» اليوم المحكمة الجنائية الدولية, ولا تتورّع عن تهديدها والتلويح بإنخاذ «عقوبات» ضد مُدعيها العام/البريطاني كريم خان (الذي مارست ضغوطاً هائلة على الدول «الأعضاء» هي وحليفتها الصهيونية, كي تأتيان به, علماً أن واشنطن وتل أبيب لا تحملان بطاقة العضوية في هذه المحكمة), بعد أن راجت شائعات «غير مؤكدة حتى الآن", بأن كريم خان بصدد إصدار مذكرة إعتقال بحق مُجرم الحرب نتنياهو, ومُجرمان آخران هما يوآف غالنت/وزير الحرب الصهيوني, وهيرتسي هليفي/ رئيس الأركان, وقد يترافق ذلك, مع إصداره مذكرات إعت?ال بحق بعض قادة حركة حماس, بإعتبارعملية طوفان الأقصى, تندرج تحت بند إرتكاب جرائم حرب, وهو/كريم خان كان قال ذلك علناً وبحماسة, عندما زار مستوطنات غلاف غزة, مُطلقاً تصريحات مُنحازة تفيض تزلفاً ووقاحة, دون أن يتطرّق لجرائم الجيش الصهيوني, وخصوصاً للتحقيق الذي فتحته في عام 2021 سلفه المدعية العامة الغامبية/ فاتو بن سودا, في إرتكابات مجرم الحرب/بيني غانتس بحق أهالي القطاع عام 2014.
رد الفعل الهستيري على شائعات إصدار مذكرات إعتقال بحق مُجرم الحرب/ نتنياهو, لم تقتصر على الأخير الذي قال بعد سماعه الخبر: إن «إسرائيل تحت قيادتي لن تقبل أبداً أي محاولة من جانب المحكمة الجنائية في لاهاي, لتقويض حقها الأساسي في الدفاع عن نفسها». مُضيفاً ومُكرراً الأكذوبة الصهيونية المُتهافتة: «التهديد ضد الجنود ومُنتخَبي الجمهور الإسرائيليين/ في الدولة الديمقراطية الوحيدة بالشرق الأوسط, والدولة اليهودية الوحيدة في العالم، هو أمر فاضح ولن نرضخ له». لافتاً إلى أنه رغم أن قرارات المحكمة في لاهاي, لن تؤثر على ما?تقوم به إسرائيل، «إلا أنها ستُشكل سابقة خطيرة تهدد الجنود ومُنتخبي الجمهور, في أي ديمقراطية تحارب «الإرهاب الإجرامي والعدوان الخطير».
بل إنضمت الجوقة الأميركية إلى «مهرجان» شيّطنة المحكمة, ورفع البطاقات الحمراء في وجه مُدّعيها العام ومُحققيها, بدأ بإدارة بايدن وليس إنتهاء بأعضاء مجلسي الكونغرس شيوخاً ونواباً ومن الحزبين الديموقراطي والجمهوري, خاصة أنهم على أبواب التجديد النصفي لأعضاء المجلسيْن, و"تبرعات» أغنياء اليهود مضمونة, لمن يرفع عقيرته ويدعم الدولة الديموقراطية «الوحيدة» في المنطقة العربية «الإستبدادية». إذ قالت متحدثة البيت الأبيض، كارين جان-بيار الإثنين الماضي: إن موقف الولايات المتحدة «بغاية الوضوح» في ما يتعلّق بتحقيق المحكمة ا?جنائية الدولية، نحن «لا نُؤيده، ولا نعتقد أنه من اختصاصها».
أما رئيس مجلس النواب الجمهوري/مايك جونسون، فقال: إنه إذا أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضد رئيس الوزراء/نتنياهو، فسيكون تطوراً خطيراً، ويجب الرد عليها. مُضيفاً: «يجب أن نرد على المحكمة الجنائية الدولية, بفرض العقوبات وقلب الطاولة عليهم». زاعِماً أن «الجمهوريين والديمقراطيين, مُتحدون في رفض صدور مُذكرة اعتقال من الجنائية الدولية ضد نتنياهو». علماً أن أعضاء في الكونغرس هدّدوا أول أمس/الثلاثاء، محكمة الجنايات الدولية بـ«إجراءات انتقامية» في حال إصدارها مذكرات اعتقال ضد مسؤولين إسرائيليين كبار.
هذا هو إذاً «نظام القواعد الصهيو أميركي", أما القانون الدولي فإلى...الجحيم.
** إستدراك:
أفادت شبكة «CBS» الأميركية. أمس/الأربعاء أن الولايات المتحدة تدرس السماح للفلسطينيين من قطاع غزة بالانتقال إلى الولايات المتحدة كـ«لاجئين«, من الذين لديهم «أفراد من عائلاتهم يحملون الجنسية الأميركية». وإذا حدث ذلك، فسيتعين على سكان قطاع غزة «الخضوع للإستجواب والتفتيش», قبل الموافقة على قدومهم إلى الولايات المتحدة. وأشارت الشبكة الأميركية, إلى أن «معلوماتها تستند إلى وثائق داخلية للإدارة الأميركية».
هل قُلتم انها الصافرة الأولى لـِ"قطار التهجير»؟.