من حسنات معركة طوفان الأقصى انها كشفت الكثير من الحقائق ، اكدت حقائق أخرى في واقع أمتنا، من ذلك على سبيل المثال أثر التمويل على المواقف المعلن منها و المخفي والتي غالبا ما تكون متناقضة، وعلى سبيل المثال مرة أخرى، فان من يراقب تغطية وسائل الإعلام لمؤتمر من مؤتمرات القمة سيلاحظ ان هذه التغطية تختلف باختلاف الممول، فبعض القنوات الفضائية والاذاعات المسموعة تحرص على نقل مباشر لوصول هذا الرئيس وذاك إلى مقر القمة ولكلمته فيها، ثم تلحق ذلك بندوات تحليلية لمحورية وأهمية ما قاله، وكيف تابعه العالم، ثم تهمل سائر فعاليات المؤتمر والمشاركين فيه، وهنا لانتحدث عن القنوات والاذاعات الحكومية، لكننا نتحدت أيضا عن تلك التي يفترض انها قنوات واذاعات مستقلة.
هذه الممارسة غير المهنية، تكشف امرين اولهما أثر التمويل على المواقف، وتانيهما ان جل وسائل الإعلام التي تكثر الحديث عن وحدة الصف، تكرس في ممارستها الفعلية حالة التشرذم والانقسام.اما مز خلال تجاهلها للوقائع او تزويرها لها، او من خلال صبها للزيت على نيران الخلافات.
غير وسائل الإعلام وتأثير التمويل على مواقفها، فقد كشفت معركة طوفان الأقصى أثر التمويل خاصة الأجنبي منه على مواقف الكثير من مؤسسات المجتمع المدني، فهذة المؤسسات التي كانت تصم اذاننا بمناسبة وبدون مناسبة بالحديث عن حقوق الإنسان، وعن تمكين المرأة، وعن حماية الطفولة، التزم معظمها الصمت اتجاه مايجري في قطاع غزة، او اكتفى بعضها ببيان خجول، وكأن مايجري في قطاع غزة، ليس جرائم حرب تنتهك فيها كل حقوق الإنسان، وتداس فيها كل المواثيق والعود الدولية التي تتحدث عن هذه الحقوق، وكأن المرأة في فلسطين لاحقوق لها وليس من حقها التمكين في وطنها، وكان أطفال غزة ليس من حقهم الحياة، ناهيك عن الشعور بالأمن والأمان، ناهيك كذلك عن الحق في الغذاء والدواء والتعليم التي داسها جيش الاحتلال بدباباته، فصمتت عن ذلك كله مؤسسات المجتمع المدني خوفا على مصادر تمويلها، وهي في كثير من الأحيان نفس مصادر تمويل العدوان الصهيوني على أهلنا في قطاع غزة، وسائر فلسطين.
ومثل الكثير من وسائل الإعلام، والكثير من مؤسسات المجتمع المدني، كذلك بعض المؤسسات والتجمعات التي تصنف نفسها بأنها (علمائية) ، فقد ربطت هذه المؤسسات مواقفها بمواقف جهات تمويلها، فكان كل هذا التشرذم والتباين في المواقف التي تشهدها بلاد العرب.وكان كل هذا الصمت في بلادنا عن مايجري لاهل غزة.