الاقتصاد الوطني هو الأكثر عرضة لتداعيات أزمة حرب الإبادة في غزة، وهي تتعمق يومًا بعد يوم، وتلقي بظلال قاتمة بشكل تدريجي على مختلف القطاعات الحيوية لهيكل الاقتصاد الأردني، وهو ما يستدعي من المعنيين أخذ الحيطة والحذر مبكرًا قبل أن تتسلل هذه التداعيات بشكل كبير، وتشكل ضغوطًا حقيقية على الاستقرار العام. هذا الموضوع يجب أن يحتل سلم أولويات السياسة الاقتصادية للحكومة، وأن تبحث بشكل جدي وصارم موضوع الإنفاق العام وترشيده بالشكل الذي يقلل قدر الإمكان تداعيات حرب غزة على النشاط الاقتصادي في الدولة من إنتاج واستهلاك واستثمار وادخار أيضًا، فكل القطاعات بلا استثناء معرضة لهذه التداعيات الوخيمة. الحكومة مطالبة بتدارك الوضع مبكرًا وترشيد إنفاقها العام بسرعة خاصة في ظل التراجع الحاد في الإيرادات غير النفطية وبعض الإيرادات العامة بمقدار يناهز 200 مليون دينار في الربع الأول من العام الحالي، فكيف ستعوض الحكومة تلك التراجعات من خلال عمليات ضبط نفقاتها وإدارة المال العام في الخزينة بشكل أكبر تحوطًا مما هو عليه في الوقت الراهن. أمام هذه التحديات، سلكت الحكومة منحى خارجيا لمعالجة التحديات ومواجهتها بشكل مباشر دون اللجوء في هذه المرحلة على أقل تقدير لاتخاذ تدابير داخلية صارمة في الإنفاق. المعلومات التي سيتضمنها هذا المقال هي معلومات اقتصادية في غاية من الأهمية لدفع عجلة الاستقرار الاقتصادي من خلال التدابير الخارجية التي كانت على الدوام في كل الأزمات لاعبًا رئيسا وحاسمًا في تعويض الضغوطات المالية الداخلية وتنامي العجز، فكانت دائمًا المنح الخارجية والمساعدات ضامنة لاستقرار الاقتصاد وعدم انجرافه نحو نفق مظلم في حال تُرك وحده في مواجهة تداعيات الأزمات الخارجية التي أحاطت وتحيط بالاقتصاد الوطني.
آخر هذه المعلومات الاقتصادية هو موافقة الإدارة الأميركية مدعومة بموقف إيجابي من الكونغرس الأميركي بزيادة استثنائية لحجم المساعدات السنوية ضمن مذكرة التفاهم الأردنية الأميركية البالغ مدتها سبع سنوات بمقدار 200 مليون دولار، لتضاف سنويًا على المساعدات الكلية الأميركية البالغة 1.45 مليار دولار، ليصبح إجمالي تلك المساعدات التي تقدم على شكل منح مباشرة للاقتصاد ما قيمته 1.65 مليار دولار سنويًا ولمدة سبع سنوات متواصلة ابتداءً من هذا العام. المعلومة الأخرى هو موافقة دولة قطر على تقديم قرض للحكومة بقيمة 350 مليون دولار بفائدة مخفضة تبلغ 2.5 %، وهو مؤشر إيجابي في غاية الأهمية على تطور العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ومن المرجح أن تصل أموال القرض القطري الميسر للخزينة خلال أيام قليلة، وهي باكورة تعاون إيجابي مهم مع الدوحة خاصة في ظل شح المساعدات العربية للمملكة تحديدًا في هذا الوقت. هذه المساعدات لها أهمية كبيرة في دعم صمود الخزينة أمام تداعيات حرب غزة التي تتعمق آثارها على الاقتصاد الأردني، وتلقي بظلال قاتمة على مستقبل المديونية في حال عدم تدارك هذا الأمر بالشكل الصحيح والرشيد.