أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مناسبات جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

نهاية الرأسمالية كما هي! نهاية العولمة كما هي!


عصام قضماني
qadmaniisam@yahoo.com

نهاية الرأسمالية كما هي! نهاية العولمة كما هي!

عصام قضماني
عصام قضماني
qadmaniisam@yahoo.com
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
لا يعني أن النظام الراسمالي سينتهي إلى الأبد لكنه في اقل تقدير لن يستمر كما هو اليوم!
ولا يعني أن العولمة ستنتهي إلى الأبد لكنها ستنحسر في حدود مقيدة جداً..!.
عندما رفع الرئيس الأميركي السابق شعار أميركا أولاً، تلقف العالم هذا الشعار في اتجاهين، الأول هو أن أميركا القوة الوحيدة والأعظم ستنكفئ على ذاتها، أما الثاني فهو أن الراسمالية الأميركية ستزداد توحشاً وأنانية وتفرداً وأنه حتى الهيمنة لها سعر يجب أن يسدد.
لكن كان مجرد رفع هذا الشعار في أميركا وكثير من دول العالم بمثابة انسحاب غير معلن من العولمة والانفتاح، وكان أيضاً بداية لتعديل النظام العالمي السائد كما هو.
لم يكن ذلك بعيداً فقد بدأنا نسمع أصواتا لكثير من المفكرين السياسيين والاقتصاديين محاولات لصياغة أفكار لنظام عالمي جديد يقوم على انقاض النظام الذي ساد مع نهاية الحرب العالمية الثانية قبل أن يصبح نظاماً احادياً مع سقوط الاتحاد السوفييتي وانهيار جدار برلين الذي شمل بوابة الانتقال إلى عالم متغير يسير بسرعة نحو اقتصاد السوق وحرية التجارة والعولمة بينما كانت المبادئ السياسية المصاحبة لهذا النظام تداهم العالم بسرعة كان نقل التكنولوجيا المصاحبة للعولمة محدودة.
لا يمكن فصل الحراك الشعبي ذا الطابع السياسي ضد آثار الراسمالية المنفردة بقطب واحد ضد مذابح إسرائيل في غزة عن الحراك الذي سبق ذلك بكثير ضد الراسمالية والعولمة الضارة، ليس لأن الأول كان شكلًا بشعاً للثانية فحسب، بل أيضاً لأن الراسمالية التي لا تزال جالسة فوق برجها العاجي لا تكترث لحقوق الضعفاء بينما تنهار مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بإسرائيل كنموذج للنظام الراسمالي المتهالك في منطقة لم تنضم بعد إلى نادي الديمقراطية والراسمالية.
لنكن صرحاء إذ لا يجب أن ننظر إلى الحراك الطلابي المتزايد في الجامعات الأميركية ضد الإبادة الجامعية في غزة على أنه بعيد عن نتائج ما يسمى بالوحشية الراسمالية، بل أنه تحرك بفضلها عندما بددت تكنولوجيا الاتصالات ووسائل التواصل أوهام الإعلام التقليدي بقدرته على التضليل، وأظن أن الشعارات الطلابية التي طالت شكل تعاون الجامعات واستثماراتها في إسرائيل ستبدأ قريباً في طرح اسئلة عن الاستثمارات الأميركية والدعم اللامحدود لإسرائيل وعن شكل العلاقة وأهدافها وفوائدها.
الحراك الطلابي في الولايات المتحدة الأميركية المعقل الأول للصهيونية العالمية، ليس مثل أي حراك في العالم، ليس لأنه تجاوز المحرمات التي فرضت قيودها الصهيونبة فحسب، بل لأنها تطرح الاسئلة الكبرى وهي لماذا إسرائيل؟.
من يعتقد أن هذا الحراك سينتهي بمجرد توقف الحرب فهو مخطئ، هو ربما سيتوقف كحركة لكن ذات المختبرات التي كانت تفكر لإسرائيل ستبدأ جدلاً سياسياً وفكرياً سيتسع وسيلقي بتأثيره على اتجاهات السياسة الأميركية وعلى شكل القيادات الأميركية القادمة لكن هذا التأثير سيأخذ وقتاً مثل كل مراحل التغيير التي مرت بها الولايات المتحدة.
بلا شك أن هناك إرهاصات كثيرة وأن هناك مؤشرات ونذر سبقت هذه الإرهاصات والحديث عن نظام عالمي جديد كان سابقاً لهذا كله، والحديث عن نهاية العولمة المقيدة كان سابقاً لهذا كله، لكنها الأحداث الجيوسياسية هي ما يعجل في بروزها وسرعة دورانها مثل الحرب الروسية الأوكرانية وقبل ذلك وباء كورونا الذي من أهم نتائجه كانت انكفاء الدول على نفسها وأخيراً الحرب على غزة التي قوضت كل ما كان يعرفه العالم عن حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وهي المبادئ الأساسية التي حملها اقتصاد السوق وساقتها العولمة كأدوات تضمن سيادتها، وانحسر العالم عن ازدواجية فاضحة للمعايير قوضت كل مبادئ الحقوق الأساسية وعدالة مزعومة طالما بررت القوى العالمية الحروب التي خاضتها لفرضها.
ستستمر العولمة مع تدفق التجارة، لكن العولمة التي بدأت واستمرت مرتبطة بمقدار المصالح التي تسمح بالمعرفة في حدودها، يبدو أنها قد انتهت أو في طريقها كما أن الراسمالية التي أتت بحرية التجارة واقتصاد السوق في حدود ما يخدم الطرف القوي فيها تتصدع بفعل المنافسات السياسية والتحديات الأخلاقية لعنوان واحد للهيمنة.
تحتاج نظريات السوق الآخر ومبادئ العولمة إلى أن تحدد ذاتها وهي قادرة على ذلك، لكن تحت شروط محددة أهما إعادة توجيه الشق الإنساني وحقوق الإنسان وحقوق تقرير المصير وهي المبادئ المرافقة للراسمالية أو ما يسمى بمساحيق التجميل والنأي بها عن الازدواجية في المعايير، وفي المواقف وفي التضليل وفي الكذب، أما الثاني فهو موقف موحد في مواجهة تحديات المناخ وهو اختبار لا زال العالم يسجل فيه علامات متدنية. وتصحيح مفاهيم حرية السوق التي انحرفت عندما ضمنت للأقوى بالهيمنة وبتقييد حرية نقل التكنولوجيا.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ