هي تنتفض لأجل قضية عادلة وسؤال أكثر عدالة, القضية: هي فلسطين والسؤال..لماذا كل هذا الدعم المنقطع النظير لإسرائيل، ولماذا كل هذه التغطيات على مجازرها، وللعلم من يشعلون تسونامي الجامعات في أمريكا وأوروبا هم أبناء البلد..هم الذين ولدوا في أمريكا وعاشوا فيها، هم الذين يدفعون الضرائب ويشاركون في الإنتخابات...
الغريب في الأمر أن بعض العرب حين يتخرجون من جامعة كولومبيا وهارفارد وغيرها من أمهات الجامعات هناك،يأتون إلينا ويتسللون إلى المواقع القيادية ويكون همهم في الدرجة الأولى خلق مجتمع ليبرالي بتفكير أمريكي، وشطب الهويات الوطنية وتغيير المناهج، ثم الإنقلاب على القيم والموروثات...ومن بعد ذلك دعم ما يسمى مؤسسات المجتمع المدني حتى تكون بديلا للدول، ثم محاولات إفهامنا بأن العالم تغير وأن الزمن للسوشيال ميديا، وأن الأفكار العشائرية والقيم المجتمعية صارت بالية..
تبين أن الأمر كذبة، وتبين أن الجامعات الأمريكية تعلم المباديء أيضا، وتعلم الإنتصار للهويات الوطنية، وهي الوحيدة التي تجرأت على كشف انحياز العالم لإسرائيل..هي الوحيدة التي كشفت كذب الإعلام الأمريكي، حين قال أحد قادة الكونغرس: بأن الطلبة اليهود يتعرضون لمضايقات في الجامعات، وبعد التدقيق تبين أن نسبة كبيرة من الطلبة اليهود يشاركون في هذه الإعتصامات.
الجامعات في أوروبا وأمريكا، لاتعلم الناس شطب هوية الوطن...ولو كان الأمر حقيقيا لما أصر طلاب جامعة كولمبيا على رفع العلم الفلسطيني في قلبها، الجامعات هنالك تعلم المباديء الإنسانية أيضا....وتعلم العدالة والقيم.
في الجامعات الأمريكية بدأت أيضا حركة الحقوق المدنية وانتسب الكثير من طلبتها لمارتن لوثر كنغ ودعوته، الجامعات الأمريكية أيضا منها بدأت معارضة حرب فيتنام..وانتفض طلبتها على تلك المعارك التي يخوضها جيشهم كونها عبثية ولا تعني شيئا، وفيما بعد تبين أن رأيهم كان الصواب فقد هزمت أمريكا...هي ذات الجامعات التي رفضت حرب الخليج الأولى أيضا، لكن هذه المرة مختلفة تماما لأن الجامعات لا تطرح القضية الفلسطينية وشعبها المظلوم تاريخيا على أجندتها فقط بقدر ما تطرح سؤالا يقض مضاجع صناع القرار في أمريكا وهو: لماذا كل هذا الدعم لإسرائيل ولماذا التغاضي عن مجازرها...
الأمريكيون الان يرفعون علم فلسطين في مرافق جامعات جورج واشنطن وكولمبيا وميتشغن..و بعض المسؤولون السابقون في العالم العربي والذين تخرجوا من هذه الجامعات..ما زالوا يصرون على إرتداء الجينز والذهاب للسينما ودعم جمعيات (الأن جي أوز)...وتناول الهمبرغر والترويج للثقافة الأمريكية، ومهاجمة الهويات الوطنية....وهذه رسالة في النهاية لعالمنا العربي ولصناع القيادات في هذا العالم..رسالة مفادها: أن الغرب ذاته قد ضاق ذرعا بإسرائيل..وصار ينظر لها على أنها مجرد بؤرة توتر خلقت لنسف السلم العالمي وممارسة العربدة..ونقل مفهوم الدولة إلى مفهوم العصابة...فهل نبقى متخندقين في حروب التصريحات فقط؟
صدقوني أن القادم سيكون نسفا جذريا لكل السياسات الأمريكية والأوروبية اتجاه المنطقة إن تصاعدت هذه الحركة...لأن الذين ينتفضون هم نخبة المجتمع، ولأن القضية الفلسطينية لم تعد قضية الصحف العربية وقضية الفضائيات العربية وقضية التصريحات السياسية العربية..بل صارت قضية الوعي العالمي وقضية العقل الأمريكي والأوروبي أيضا.