أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

هل تنجح 'الصين' في تجسير الهوّة العميقة.. بين 'فتح' و'حماس'؟


محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo

هل تنجح 'الصين' في تجسير الهوّة العميقة.. بين 'فتح' و'حماس'؟

محمد خروب
محمد خروب
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
وفدان من حركتي فتح/ سلطة رام الله, وحماس/سلطة غزة, وصلا قبل يومين الى بيجين, في مسعى صيني لتحقيق «مصالحة» بين الحركتين المُتنافستين, بعد قطيعة توشك على إتمام عامها السابع عشر, وإن تخلّلتها جولات عديدة من اللقاءات, لم تُسفِر عن اي نتيجة تذكر, كان آخرها لقاء «الفصائل» الفلسطينية في العاصمة الروسية/ موسكو, بصدور بيان «طويل» في الأول من آذار الماضي, لم يُنفذ (كالعادة) اي بند من بنوده «العشرة».
جديد لقاء بيجين, هو انه مُقتصر على الحركتيْن, ما قد يسمح بتوفير وقت للطرفين كي يغوصا في عمق الخلاف (إن كانت ثمة نيّات حسنة), فضلاً عما يُمكن للوسيط الصيني ان يُسهم في تقريب وجهَتيّ النظر. وإبداء الإستعداد لتوفير أجواء ملائمة تساعد على بناء حدٍ أدنى من الثقة, بين طرفين لا يتورّعان عن تجاوز كل الحدود للإنتقاص من «وطنية» الآخر وشيطنته. ناهيك ان الوساطة الصينية الراهنة تكتسب أهمية إضافية, ليس فقط في أنها الأولى صينياً, بل خصوصا لأن بيجين سجّلت نجاحا مبهرا بل إختراقاً سياسيا لافتا, مثيرا وغير مسبوق, عندما نجحت في وضع حد للخلاف السعودي الإيراني مقبولاً عليهما, بل خصوصا ان أحدا لم يكن ليصدِّق ان الرياض وطهران يمكن ان تتجاوزا خلافاً, اوشك الوصول الى حافة القطيعة.
هنا أيضا يحضر الدور الصيني اللافت والنشط في قضايا المنطقة, وبخاصة الإهتمام المتزايد بالقضية الفلسطينية’ خاصة بعدما تكشفت أبعاد حرب ابادة والتجويع والتهجير الصهيوأميركية على قطاع غزة, ومحاولات تحالف الشر الاسرائيلي الأميركي تصفية القضية الفلسطينية. وهو ما عكسته ضغوط بيجين من أجل انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة، وما قال عنه وزير الخارجية الصيني/وانغ يي وقتذاك, بأن من شأنه أن «يُصحّح ظلماً تاريخياً طال أمده». زد على ذلك تصريحات الوزير الصيني الرفيع/وانغ يي لشبكة الجزيرة قبل يومين, بقوله: من الضروري تصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في وقت مبكر، باعتباره حلاً جذرياً للصراع في غزة. أثبتت هذه المحنةـ أضافَ ـ في غزة مجددا أن عدم تمكن الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة منذ زمن طويل, هو المصدر للقضية الفلسطينية وجوهر قضية الشرق الأوسط. لا يمكن الخروج النهائي ـ تابعَ ـ من دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي, وإزالة التربة التي تغذي الأفكار المتطرفة والكراهية بشكل جذري، وإحلال السلام الدائم في المنطقة، إلا من خلال إعادة العدالة للشعب الفلسطيني وتنفيذ «حل الدولتين» بشكل حقيقي, وتسوية الهموم الأمنية المشروعة لكافة الأطراف سياسياً.
ماذا عن حوار بيجين بين فتح وحماس؟
من السابق لأوانه التكهّن بدرجة النجاح «أو الفشل», التي سينتهي إليها الحوار الراهن بين طرفيّ معادلة الصراع على السلطة, بين الحركتين الأكبر في المشهد الفلسطيني المعطوب منذ العام 2007, نتيجة صراعهما المحموم على النفوذ والامتيازات, ما أسهم من بين أمور أخرى في تعميق الإنقسام وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية, على نحو بدت وكأنها «سقطتْ» عن جدول الأعمال الإقليمي/العربي.. والدولي وارتهان كل منهما لتحالفاته وارتباطاته, وكان الخاسر الأكبر بل الوحيد هو الشعب الفلسطيني داخل الوطن المحتل (فلسطين التاريخية), وفي الشتات. الى ان جاء «طوفان الأقصى» (الذي لم تنتهِ تداعياته بعد), ليضع القضية على رأس جدول الأعمال الدولي والإقليمي. وفي الوقت عينه, بروز مخططات صهيوأميركية لتهجير فلسطينيي القطاع المنكوب, وضمه الى مستوطنات غزة وتحويل شاطئه الى «ريفيرا يهودية», ناهيك عن سرقة بترول غزة وغازها, يضاف الى ذلك ضم «ما تبقى» من الضفة الغربية لإستكمال السيطرة الصهيونية على كامل فلسطين التاريخية. وهذا هو سر الرفض الأميركي المتواصل لوقف النار (عبر الفيتو وغيره), والإصرار على إستسلام المقاومة في غزة كسبيل وحيد لوقف النار.
لم يعد امام طرَفيّ الصراع الفلسطيني على السلطة «ترف» وضع شروط «تعجيزية» متبادلة, سواء عن قناعة ام لإرسال رسائل وأوراق إعتماد لعواصم دولية أو إقليمية. فالشعب الفلسطيني دفعَ وما يزال يدفع من دمه ولحمه الحيّ ومستقبل ابنائه الكثير, منذ نحو من قرن حتى الآن. والمشروع الوطني الفلسطيني يواجه اخطر مرحلة في تاريخ الصراع مع المشروع الصهيو اميركي/الغربي. وليس ثمة مزيد من الوقت لتقديم المصالح الشخصية والفئوية والفصائلية, بالضد من المصالح الوطنية. والتاريخ لن يرحم مَن يُهدِر الفرص القليلة المتبقية.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ