من الصعب النظر إلى أرقام معالجة السرطان، دون أن يعتريك شعور بالقلق والدهشة، خاصة ونحن نتحدث عن فجوة تمويلية تقدر بـ173 مليون دينار سنويًا، في حين أن الكلفة التقديرية المباشرة للعلاج تصل إلى 273 مليون دينار، وذلك في مقابل 80 مليون دينار فقط مخصصة من الحكومة في الموازنة.
هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات؛ بل هي مؤشر على أزمة حقيقية يجب حلها على وجه السرعة.
في العام 2022، كان هناك حوالي 34 ألف مريض بالسرطان قيد العلاج، مع وجود أكثر من 12 ألف حالة جديدة، وهذا العدد من المتوقع أن يرتفع إلى 47 ألف مريض و17 ألف حالة جديدة بحلول العام 2030، مع ارتفاع متوقع أيضاً في الكلفة التقديرية المباشرة للعلاج لتصل إلى 377 مليون دينار.
أمام هذه الأرقام، لا بد من التساؤل كيف يستطيع مركز الحسين للسرطان إتمام مهمته على أكمل وجه في وجه هذه التحديات الجبارة. يواجه المركز تحديات اقتصادية واجتماعية ضخمة، كونه يسعى جاهدا لضمان حق الحصول على علاج السرطان وفق المعايير الدولية لجميع الأردنيين، إذ إن الجهود المبذولة في التعاون والتنسيق بين القطاعات المختلفة في المملكة لضمان هذا الحق هي جهود تستحق الثناء والدعم.
لكن الإعجاب لا يتوقف عند هذا الحد؛ فالمركز يتميز أيضاً بعدد من الإنجازات المهمة في دعم المرضى وتوسيع الرعاية الشاملة والبحث العلمي، لا سيما بعد تأسيس فرع جديد للمركز في العقبة لتسهيل الوصول إلى الخدمات لسكان الجنوب.
إضافة لذلك، تبلغ أعداد المرضى المستفيدين من خدمات المركز سنويا نحو 11 ألف مريض، وعدد الحالات من الجنسية الأردنية 7400 مريض، وألفا حالة لغير أردنيين بين لاجئين وسياحة علاجية.
وفي موازاة ذلك، استطاع المركز عقد شراكات إستراتيجية مع مؤسسات طبية وتعليمية وبحثية إقليمية ودولية، مما يعزز من قدرته على تقديم رعاية شاملة للسرطان ودعم البحوث العلمية، ويعتبر المركز رائدًا إقليميًا في مجال العلاج الإشعاعي التوافقي والجراحة التنظيرية الحديثة، مما يعكس التزامه بتطبيق أفضل وأحدث الممارسات الطبية.
وفي ضوء ما تقدم، لا بد من دراسة إنشاء صندوق وطني تكافلي لعلاج السرطان، فيبدو أنه خطوة في الاتجاه الصحيح لضمان توحيد جودة الخدمات وتحقيق تمويل تشاركي مستدام، ومن المهم تطبيق مفهوم الـ Copayment أو الدفع المشترك وهو طريقة لضبط النفقات في نظم التأمين الصحي حيث يتحمل المؤمن عليه جزءاً من تكاليف الخدمة الصحية، بالإضافة إلى توسيع منهجية مركز الحسين للسرطان في اعتماد الأدوية وبروتوكولات العلاج على المستوى الوطني، لضمان استفادة جميع المرضى من الخدمات المتقدمة التي يقدمها المركز.
وبالنهاية، لا يمكن تجاهل الدور الذي يلعبه مركز الحسين للسرطان في المعركة ضد هذا المرض الخبيث، لكن لا بد من الإسراع في اتخاذ الإجراءات الكفيلة باستدامته وتوسيع نطاق عمله بشكل يخدم المجتمع.