ان الأساس في بناء الدولة - اي دولة - وتطورها هو الإنسان الذي يجب اعداده اعدادا صحيحا على أسس علمية سليمة.
وبدون الإنسان لن نبني دولة أو نصنع انجازا، مهما استخدمنا من نظريات او طبقنا من استراتيجيات. فالاساس هو الإنسان الذي علينا ان نفكر بكيفية تنميته وبنائه والاستثمار فيه و يعتبر التعليم من اهم الأسس ونقطة البداية.
وبلدنا كغيره من دول العالم يعتبر المواطن عنصرا اساسيا في بنائه وتطوره ومصدرا فاعلا في قوته ومتانته.
لذلك لا بد من النظر والاهتمام في جميع الجوانب التي تخلق منه عنصرا فاعلا وتجعل منه قوة دفع واستقرار.
الا اننا وفي غفلة انشغالاتنا بأمور كثيرة وتشابكنا مع قضايا عديدة ومعقدة دون ترتيب للاولويات اختلطت علينا الامور ببعضها.
واصبحنا غير قادرين على التمييز او ترتيب الاولويات بعد ان حاولنا ركوب موجة السرعة والمدنية دون وجود طوافات نجاة او روافع تحمينا من السقوط، حيث غفلنا او تغافلنا عن قضية مصيرية بامتياز، لها علاقة بمصير جيل ومستقبل دولة تحدد مصيرها وشكلها وقدرتها على النهوض والبناء.
وقد نبهتنا اليه قضية او دراسة تستحق الوقوف، لا التوقف ، والتمعن بنتائجها التي أعلن عنها بداية الشهر الجاري بتذيل طلبتنا المراكز الاخيرة في مستوى التعليم ، بعد ان حصلوا على المركز 75 من بين 81 دولة في القراءة والرياضيات واللغة الانجليزية.
مستغربا حالة التفاعل مع المعلومة التي دخلت وخرجت دون تفاعل او حتى طرح تساؤل عن السبب الذي أدى إلى هذه النتيجة غير المرضية او المتوقعة بعد ان كنا نفاخر المنطقة بمستوى التعليم عندنا.
لنتفاجأ بأننا كنا نعيش بوهم او نحلم لنصحو بعدها على حقيقية مفجعة نكتشف حقيقتها نفسر اضغاث أحلامها كما حدث مع كثير من القضايا مثلها.
حتى ان الدراسة وما اسفر عنها من نتائج مرت وكأنها في بلد اخر دون ان يتم خضوعها للنقاش في مجتمع تشغله امور عادية وتقلب كيانه قضية اقل أهمية. لا بل على مجتمع يتفاعل مع قضايا في بلاد الهند والسند.
حتى ان الاغلبية الذين يقضون جل اوقاتهم على السوشال ميديا ويتنقلون عبر صفحاتها بحثا عن نقد او تشكيك لم يكلفوا أنفسهم بأن يتوقفوا قليلا ليروا هذه الدراسة المفجعة ، في دولة يعتبر الإنسان فيها الأغلى والأهم وثروته الحقيقية أصبح بعض من طلابه في ذيل العالم تعليميا لا يتقن بعضهم القراءة ولا الكتابة. ومع ان هذه المعلومة ليست جديدة الا اننا كنا نسلي انفسنا بأن في الامر مبالغة.
فالمواطن مسؤول بشكل مباشر عن هذا الوضع الذي تتحمل مسؤوليته ايضا الحكومات والمنظومة التعليمية والتربوية والمجتمع الذي يبدو أنه في غفلة ولديه انشغالات اهم من التعليم .
ان هذه اللامبالاة والطريقة التي تعامل معها مواطننا مع قضية وطنية مجتمعية حساسة وخطيرة في الوقت الذي قد ينشغل بقضايا اقل حدة تشي بمؤشر خطير بأن البوصلة مفقودة وان الرؤية غير واضحة، وان القيم والأهداف متناثرة ومبعثرة نحو اتجاهات مختلفة وان بعضها يغرد خارج السرب. فالوضع يستدعي حالة استنفار وطني من جميع أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني الوطنية - طبعا - لقراءة الدراسة وما أسفرت عنه من نتائج وتوصيات لمعرفة اسباب الحالة التي وصل لها أبناؤنا ، وما هي المبررات التي كانت وراء هذه النتائج ولماذا وصلنا الى هذا الحال غير المرضي في منظومة تعتبر ركيزة أساسية في بناء الدولة وتطورها.
فهل الخطط والدراسات المستورة التي ادخلناها على نظامنا التعليمي اثبتت عدم صلاحيتها و انسجامها مع طبيعة مجتمعنا
ام ان البرامح التعليمية التي لم يعد لدينا قدرة على حصرها لكثرتها وعجمية مصطلحاتها لم تتفاعل مع ثقافة المحتمع وعاداته وتقاليده.
ام ان الشهادات مدفوعة الثمن التي حصل عليها البعض من بعض الدول في ظل تعليمات وأنظمة غير واضحة قابلة للتزريق والتأجيل او الاختراق كانت هذه آثارها ونتائجها. ام ان نظامنا التعليمي في خطر يحتاج إلى مراجعة وإعادة قراءته من جديد وصياغة مناهجه بالقيم والقضايا الوطنية والتأكيد على الهوية الوطنية لتعزيز حالة الانتماء الوطني لنتمكن من بناء الدولة والنهوض بها.