زار وفد من حماس أمس تركيا و قبلها زار هنيّة إيران و يُفهم من الزيارتين أن حماس ترى أن الموقفين التركي و الإيراني يستحقان الشكر و الإشادة في موقفيهما ، بمعنى ما ، من العدوان على غزّة ، و قد قدّم هنيّة الشكر علناً لإيران ، قبل فترة وجيزة ، و ترحّم على خامئني فيها لموقفه و الثورة من القدس الشريف !.
أعتقد ان هذين الموقفين من الدولتين يعكسان بشكل كبير سياسة الحركة ، و مشايعيهما في الأردن ، و طبيعة فكرها الانتقائي و الانتهازي بآن ؛ و إلا كيف نفسر هذه الزيارة لوفد الحركة ، في ظل حركة شحن كبيرة تقودها تركيا نحو إسرائيل و بالأرقام المتوفرة في منصة Marinetraffic، التي تفيد بأن 253 سفينة شحن توجهت من تركيا إلى الموانئ الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر، هذا قبل أكثر من شهرين من الآن و الحركة بازدياد منذ تلك الفترة ، فضلاً عن أن تركيا استقبلت الرئيس الإسرائيلي بحفاوة بالغة ذات شتاء قريب ، صمت عنها الرقيب الديني عندنا من الإخوان ، و لم يصدر عنها ، أي تركيا ، إلا مواقف إعلاميّة مستهلكة دون أدنى فعل سياسي إتجاه غزّة !.
و على الجانب الإيراني الآخر ، لم يقدّم الإيرانيون سوى بضع تصريحات إعلاميّة كلاميّة فقط ، و ليتهم اكتفوا بها ، بل لقد قدّموا خدمة جليلة لنتنياهو بالضربة الاستعراضية التي وجهوها لإسرائيل ، تمثلت بحصول نتنياهو على الضوء الأخضر من الأمريكان لاجتياح رفح في مقابل رد باهت منه ، لم يعلن عنه رسمياً جرى لاحقاً ، على الإيرانيين ، و اللافت في الموقف الإيراني أن ضربته تلك لم تكن بدافع من الرد على المجازر في غزّة و لم تكن ، أيضاً ، بدافع من الرد على قصف القنصلية الإيرانيّة في دمشق و إنما لإسكات الداخل الإيراني من جهة ، و تحريض الداخل الأردني على الدولة بادعاء أن الأردن منع وصول المسيّرات و الصواريخ إلى إسرائيل من جهة أخرى ، و قد استمرّ هذا التحريض حتى بعد مقابلة وزير الخارجية الأردني لوزير الخارجيّة الإيراني مؤخراً ، و كان آخر هذه التصريحات التحريضية قد ورد أمس على لسان نعيم قاسم ، نائب الأمين العام لحزب الله ، إذ قال " لم يكن من اللائق أن تساند دول عربيّة الاحتلال بصد الهجوم الإيراني "، الذي لم يستخدم الأراضي اللبنانية و السوريّة المحاذية لإسرائيل و اختار سماء الأردن في ملحظ يدل دلالة واضحة على موقف عدائي من الأردن !.
في حين لم يحظ موقف الأردن ، المساند للضفة الغربية و غزّة على الصعيدين السياسي و الإغاثي ، بشكر من الحركة أو من مقاولها في الأردن ، من الذين تقمصوا دور المقاومة ، بل جوبه موقفها بالتشكيك الضمني مرة و العلني مرة أخرى ، و لا يحتاج ذلك لدليل ؛ إذ تكفي نظرة رائية إلى اليافطات و الأعلام و الصور المرفوعة و الهتافات الصادحة بالتنديد بجسر بري مُخْتَلق لا يوجد أي دليل علمي و واقعي يسنده ، في حين صمتوا عن جسر بحري تركي مسنود بالأرقام على المنصة أعلاه و احتفوا بالضربة الإيرانية القويّة جداً و كأنها قادت إسرائيل لوقف الحرب ، فهل يوجد انتهازية أكثر من هذه المواقف ؟!.