لقد رغبت إسرائيل في ضربتها الأخيرة لأطراف مدينة أصفهان الإيرانية بحجم " الألعاب النارية " بتوصيل رسالة لأيران تدعوها للصلح و لنسيان الماضي القريب بعد قصفها للقنصلية الإيرانية في دمشق و التسبب في قتل عدد من قادة الحرس الثوري الإيراني المهمين في التخطيط اللوجستي العسكري المناهض لإسرائيل ، علما بأن سوريا حاضنة العمل الأستخباري الإيراني ، و رغم احتلال إسرائيل لجولانها ، و رغم قصف دمشق و الأراضي السورية من قبل إسرائيل عدة مرات واختراق سيادتها في وضح النهار و في عتمات الليالي ، الا أنها ، أي سوريا ليست في حالة حرب مع إسرائيل و لا في حالة سلام ، و لا تخطط لإعادة الجولان بقوة السلاح ، أو على طريقة القومية العربية – عبد الناصر و حافظ الأسد " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " .
و سبق لإسرائيل أن عرضت الجولان – الهضبة العربية السورية أكثر من مرة على سوريا في زمن جيمي كارتر و بيل كلينتون و اسحق رابين و يوفال رابين و أوردوغان ، لكن الرئيس حافظ الأسد و ابنه الرئيس بشار الأسد رفضا العرض لرغبتهما ومن زاوية قومية بعودة الجولان من دون شروط إسرائيلية بسبب الأحتلال له و لباقي الأراضي العربية عام 1967 .
و لا أستغرب أن ترسل ايران في الزمن القريب القادم " الحمام الزاجل " ليحمل رسائل لإسرائيل تؤكد موقفها الثابت و الصارم المواجه و المناهض لأحتلالها لفلسطين و القدس و لأراضي العرب . و إسرائيل المحتلة و الممارسة للإستيطان و العدوان و لجريمة الحرب و الإبادة و بطريقة نازية هتلرية على أرض فلسطين و العرب تتمسك بخط هجومي غربي – أمريكي بقيادة حلف " الناتو " و القطب الواحد . و ايران باقية ثابتة على موقفها و أيدولوجيتها الصفوية – الشيعية ،و هلالها ، لتثبت بأنها قوة إقليمية راسخة . و هي واحدة من أقطاب العالم المتوجه للمساهمة في تشكيل عالم متعدد الأقطاب الذي تقود توجهه روسيا الاتحادية ، الى جانب الصين ، و الهند ، و كوريا الشمالية ، و أفريقيا وسط شرق و جنوب العالم ،و هو المبقي للباب مواربا للغرب لدخول تعددية الاقطاب طوعا . و المعروف هو بأن في بقاء احادية القطب استمراية للحرب الباردة و سباق التسلح ، و توسع رقعة الحروب ، و في تعددية الاقطاب تجذيف صوب التنمية العالمية الشاملة من دون حرب باردة ، و من دون سباق تسلح ، ومن دون حروب .
وجود ايران و حضورها الإقليمي مهم جدا وسط الشرق الأوسط ، تماما كما وجود روسيا الاتحادية ، و الصين الشعبية ، و الهند ، و كوريا الشمالية ، و أفريقيا على المستوى العالمي . و الشرق أصبح ميزانا راجحا لهيجان سياسات الغرب . ووجود إسرائيل وحتى منذ تأسيسها عام 1948 عبثي تخريبي ، لا يؤمن بحقوق الغير من العرب ، و يمارس الأقصاء بقسوة غير مشهودة . و لا يحترم السلام الذي وقعه العرب معها بين عامي 1979 و 2020 مرورا بعام 1994 . وكا ربحت إسرائيل حربين كبيرتين 1948 و 1967 ، خسرت مثلهما عامي 1968 و 1973 .
و العرب يملكون المصادر الطبيعية الوفيرة و السلاح المتطور كذلك ، لكنهم لا يملكون الوحدة التي ناداهم اليها ملك العرب و شريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه ابان ثورة العرب الهاشمية الكبرى التي قادها عام 1916 . و ايران أكبر داعم لحركات التحرر العربية التي تحترمها روسيا ، و تملك ايران السلاح الكافي لدخول أي حرب اقليمية كبيرة قد تندلع وحتى من دون السلاح النووي ، وهي ليست وحدها في ميدان السياسة و العسكرة ، و روسيا و الصين الى جانبها دائما .
أكبر مشكلة تواجه العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 و تشكيل الأمم المتحدة و بعد ذلك مجلس الأمن لكي يتم لجم الحروب ، و الحرب الباردة و سباق التسلح ، هي ازدواجية معايير الدول الأعضاء فيها و فيه مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب و شمال الغرب عموما .و أكبر دول ميزان العالم هي روسيا الاتحادية، و الصين الشعبية ، و ايران . و ان أوان تغيير قواعد مجلس الأمن و توسيع شبكته دوليا ليستتب الأمن في العالم ، ولتسود العدالة . و الحروب تقود لغيرها من الحروب ، و السلام يقود للتنمية أكيد . ولا حاجة للعالم لحرب ثالثة مدمرة للبشرية و الحضارات . و لم يثبت العلم وجود حياة للبشر في الكواكب الأخرى و القريبة منها ،وفي هذا دعوة للمحافظة على كوكب الأرض " بيت البشرية جمعاء " .
تملك إسرائيل السلاح المتطور و ترسانة نووية ، لكن المقاومة العربية ومنها الفلسطينية أثبتت بأنها أقوى منها على الأرض ، ليس بحكم امتلاكها للسلاح الخفيف ، و لكن لامتلاكها للحق و الشرعية ، و الأرض ، و القضية العادلة . و ايران ومهما قيل عنها بأنها معادية للعرب و ليس لإسرائيل ، الا أن دورها التحريري وسط العرب مهم ، عبر تزويد العرب بالسلاح و ترك قرار الحرب لهم . و رغم شرعية المقاومة العربية ، و في مقدمتها حماس ، و التنسيق الدائم مع ايران ، الا أن قرار السابع من أكتوبر2023 ورغم أنه مشروع دفاعا عن الأقصى و عن مسيرة نضال فلسطيني و عربي عمرها 75 عاما ، الا أن قرار الرصاصة الفلسطينية الأولى ومع خالص الاحترام لم يأخذ بعين الاعتبار تواجد المقاومة الفلسطينية وسط سكان قطاع غزة البالغ تعدادهم أكثر من مليوني نسمة . و لا ردة فعل إسرائيل النازية .
و جريمة الإبادة الإسرائيلية التي وصل رقمها المرعب الى أكثر من 34 الف شهيد فلسطيني من الأطفال و النساء و الشيوخ في فترة زمنية قصيرة لم يحسب حسابها بدقة . و إسرائيل التي بالغت في ممارسة القتل العمد ، الأصل أن تعاقب قانونيا رغم تحججها بمقتل أكثر من الف يهودي عسكري و مستوطن مسلح ، و أسر غيرهم مؤقتا . و المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائلية يفوق تعدادهم عشرة الاف انسان . و إسرائيل مطالبة بعدم استفزاز ايران و تجريب صبرها ، في وقت خسرت فيها سمعتها دوليا ، وهي المحتلة و ناشرة للإستيطان و المدمرة لحاضر و مستقبل شعب جبار مناضل مثل الفلسطينيين أهلنا ، أصحاب الأرض ، و القضية العادلة .
على إسرائيل الاحتلالية أن تعرف ، و هي كما أخالها تعرف ، بأنها لا تملك حق الوجود في الاراضي الفلسطينية و العربية ، و لا تملك حق الدفاع عن النفس ، و لا الهجوم . وعليها كما راعيتها غير العادلة أمريكا الالتزام بقواعد القانون الدولي . و اذا كانت الصهيونية مهدت الطريق أمامها عبر الأمم المتحدة عام 1947 للتواجد في فلسطين ولكي تتوسع ، يترتب عليها اليوم قبل أي يوم قادم الأعتراف بحقوق الفلسطينيين و العرب ، و بقيام دولة فلسطين و قدسها بكامل عمقها الإسلامي و المسيحي ، أو تحزم حقائبها و ترحل.