حدد الدستور الأردني حالات معينة يفقد فيها النائب عضويته في مجلس النواب؛ وهي الوفاة والاستقالة والفصل واسقاط العضوية، بالإضافة إلى صدور قرار قضائي بإعلان بطلان عضويته، حيث خضعت الأحكام الدستورية الخاصة بهذه المسائل لتعديلات جوهرية في عام 2022.
ففيما يخص استقالة النائب، جرى تعديل المادة (72) من الدستور بحيث أصبحت استقالة عضو مجلس النواب نافذة من تاريخ تقديمها إلى رئيس المجلس، في الوقت الذي كان فيه النص الدستوري السابق يشترط موافقة أعضاء مجلس النواب على كتاب الاستقالة.
كما انتقل الاختصاص في الطعن بصحة عضوية أعضاء مجلس النواب من محكمة الاستئناف التابعة لها الدائرة الانتخابية للنائب المطعون بصحة نيابته إلى محكمة التمييز، باعتبارها أعلى جهة قضائية في الأردن، وذلك بهدف توحيد الاجتهاد القضائي.
أما فيما يخص اسقاط العضوية في مجلس النواب، فإنه يقصد بها أن يفقد النائب المنتخب أحد شروط العضوية في المجلس النيابي التي جرى انتخابه على أساسها، بحيث يترتب على فقدان ذلك الشرط أن تسقط عضويته النيابية حكما وبموجب الدستور، وذلك دون الحاجة إلى أي إجراء دستوري آخر.
وقد جرى تحديد شروط العضوية في مجلس النواب في المادة (75) من الدستور، والتي تتمثل بأن يكون أردنيا، وغير محكوم عليه بالافلاس ولم يستعد اعتباره قانونيا، وغير محجور عليه، وغير محكوم عليه بالحبس مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يُعف عنه، ومن غير أقارب الملك في الدرجة التي تُعين بقانون خاص.
وأثناء مناقشات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية لقانون الانتخاب الحالي واقتراحها فكرة الدائرة الانتخابية العامة على مستوى المملكة وتخصيصها فقط للأحزاب السياسية للترشح لها، واجهت لجنة التعديلات الدستورية المنبثقة عن اللجنة الملكية، والتي تشرفت بالعمل مقررا لها، مشكلة دستورية تتمثل بصدور قرار تفسيري عن المجلس العالي لتفسير الدستور رقم (7) لسنة 2012 مفاده "أن اشتراط الانتساب إلى حزب للترشح ضمن القائمة غير جائز دستوريا ، لأن مؤداه حرمان غير المنتسبين للأحزاب من تشكيل قوائم أو المشاركة فيها ويتعارض ذلك مع حكم المادة (75) من الدستور".
ولغايات التعاطي مع هذا القرار التفسيري الذي أصبح جزءا من الدستور وإجازة الترشح للقائمة الانتخابية العامة لمرشحي الأحزاب السياسية فقط، كان لابد من إعطاء شروط الترشح الواردة في قانون الانتخاب بُعدا دستوريا. فجرى تعديل المادة (70) من الدستور لتصبح "يشترط في عضو مجلس النواب زيادة على الشروط المعينة في المادة (75) من هذا الدستور، أن يكون قد أتم خمسا وعشرين سنة شمسية من عمره، وأن تتوافر فيه شروط الترشح المنصوص عليها في قانون الانتخاب".
فهذه المادة الدستورية بحلتها المعدلة في عام 2022 قد أضافت إلى شروط العضوية في مجلس النواب الواردة في المادة (75) من الدستور، تلك الأحكام الخاصة بالترشح كما نص عليها قانون الانتخاب. فأصبحت شروط العضوية في المجلس النيابي، والتي يترتب على تخلفها سقوط العضوية، واردة في كل من الدستور الأردني وقانون الانتخاب لمجلس النواب.
وبالرجوع إلى قانون الانتخاب الحالي فيما يخص شروط الترشح للقائمة الانتخابية العامة، نجد بأن المادة (8/ج) منه تنص بالقول "يُخصص للدائرة الانتخابية العامة وفقا لنظام القائمة النسبية المغلقة (41) مقعدا تشكل بقوائم حزبية". فالمشرع الأردني في قانون الانتخاب قد اشترط العضوية في حزب سياسي لغايات الترشح والفوز بأي من المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية العامة وفق نظام القائمة النسبية المغلقة.
وعليه، فإنه يترتب على فقدان النائب لعضويته في الحزب السياسي لأي سبب من الأسباب، والذي هو شرط ترشح عن القائمة الانتخابية العامة، أن يُعتبر فاقدا لإحدى شروط العضوية في مجلس النواب، وبالتالي تسقط عضويته النيابية حكما بدلالة المادتين (70) و(75) من الدستور.
وهذا ما أكدت عليه المادة (58/4) من قانون الانتخاب الحالي لعام 2022 التي تنص بالقول "إذا استقال النائب الذي فاز عن القائمة الحزبية من الحزب الذي ينتمي إليه أو فُصل منه بقرار اكتسب الدرجة القطعية، يتم ملء مقعده من المترشح الذي يليه من القائمة ذاتها التي فاز عنها".
إن النائب عن الدائرة الانتخابية العامة يدين بمقعده في مجلس النواب إلى الحزب السياسي الذي ترشح عنه. فهذا المقعد النيابي هو ملك الحزب السياسي، والذي يمثله لغايات العضوية في مجلس النواب مرشحا معينا من أحد أعضائه. فإن رغب ذلك النائب أن يستقيل من الحزب أو صدر حكم قضائي بتأييد مشروعية قرار فصله من الحزب الذي ينتمي إليه، فإنه في هذه الحالة يعتبر قد فقد شرطا من شروط العضوية في مجلس النواب، فتسقط عضويته حكما وفق أحكام الدستور.
ومن الدلائل الدستورية الأخرى على أن سقوط العضوية في مجلس النواب مرتبطة بمخالفة أحكام الدستور وقانون الانتخاب، ما جاء في المادة (90) من الدستور التي تنص بالقول "يُشترط في غير حالتي عدم الجمع والسقوط المبينتين في هذا الدستور وبقانون اﻻنتخاب". فسقوط العضوية في مجلس النواب قد أراد المشرع الدستوري ربطها بمخالفة أحكام كل من الدستور الأردني وقانون الانتخاب فيما يتعلق بشروط العضوية الواردة فيهما.
وتجدر الإشارة إلى أن فكرة ربط العضوية في المجالس النيابية بالانتساب إلى الأحزاب السياسية قد قررتها العديد من الدساتير المقارنة. فالدستور المغربي، في الفصل (61) منه ينص بالقول "يُجرد من صفة عضو في أحد المجلسين، كل من تخلى عن انتمائه السياسي الذي ترشح باسمه للانتخابات، أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها".