لايجادل مخلص في ان وطننا الاردن مستهدف ومهدد، من مصادر تهديد متعددة، ونفي وجود هذه التهديدات، او التقليل من اهميتها لا يلغيها، بل يخدمها من خلال اغماض عيون الاردنيين عنها.
اول هذه التهديدات هي الاطماع التوسعية الصهيونية التي صار الكثير من جوانبها مكشوف ومتعدد، منها تصريحات قادة عسكريين مدنيين صهاينة، ومنها خرائط منشورة يتبنها هؤلأ القادة الصهاينة، تعتبر الاردن جزء من الكيان الصهيوني، ومنها اجراءات يتخذها كيان الاحتلال للتضيق على ابناء الاراضي المحتلة لدفعهم الى الهجرة طوعا او قصرا الى الاردن، ومنها الاعتداءت الصهيونية المتكررة على المسجد الاقصى لهز مفهوم ومعنى الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية و المسيحية في فلسطين، وكلها اجراءات تأتي من عدو من الثابت انه لايحترم لا مواثيق ولااتفاقيات ولامعاهدات.
وتتزامن التهديدات الصهيونية للاردن مع تهديدات مذهبية تتوارى وراء عصابات تهريب المخدرات والسلاح التي تستهدف المجتمع الاردني وانهاكه من الداخل وسلب ارادته بالمقاومة، قبل الهجوم المباشر عليه.وهذه حقيقة لاينكرها الا اعمى،
كم لايخفي ان هناك دولا في الإقليم لا ترتاح للاردن وهي غير معنية بامنه واستقراره.
كل هذه التهديدات التي تلوح في سماء الاردن، لايمكن مواجهتها بالثرثرة عبر بيانات فضفاضة، ولاعبر مقالات انشائية مكررة وممجوجة. فما يحتاجه الاردن هو مشروع وطني شامل متكامل، يشد العصب الوطني، عبر عمل تعبوي منظم يرفع الروح المعنوية للاردنيين، ويعيد رص صفوفهم، وسد الثغرات التي يمكن ان يتسلل منها العدو، اي عدو من الاعداء الذين يستهدفون بلدنا.
نعم نحن بحاجة الى مشروع وطني متكامل هدفه الاول تحصين الاردن فكريا ونفسيا ليتحول كل اردني الى خفير، يحمي ظهر قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية، فلا يجوز ان نلقي بالحمل كله على اكتافهما، ولا يحوز ان نتحول نحن أيضا الى عبئ إضافي على هذه الأكتاف. بل انني اعتقد ان قواتنا المسلحة هي اخر الكي الذي يجب ان نلجأ اليه في مواحهتنا لمصادر التهديد لبلدنا. فقبل ذلك لابد من مشروع للتعبئة الوطنية من خلال خطاب دولة واضح وناضج، يتم التعبير عنه بخطاب ديني وثقافي وتاريخي تحمله وسائل اعلام موثوقة ومهنية محترفة، بحيث يؤدي هذا الخطاب الى رفع الروح المعنوية للاردنيين ويشد عصبهم الوطني ويعيد اذكاء جذوة انتمائهم الوطني لرص صفوفهم لتكون قادرة على حماية ظهر قواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية، فهذه اول الخطوات للتصدي لمصادر التهديد المتعددة التي تواجه بلدنا.
ان اول خطوات تحقيق المشروع الوطني المنشود تتمثل في فتح قنوات التواصل الحقيقي والدائم والمقنع بين الاردنيين ومؤسسات دولتهم المختلفة، حتى ترتفع نسبة ثقة الاردنيين بهذه المؤسسات الى نسبة تقترب من نسبة ثقتهم بقواتنا المسلحة واجهزتنا الأمنية. وهذا يستدعي تطهير الادارة العامة في بلدنا من الشوائب التي علقت بها خلال السنوات الماضية من ترهل وفساد، ابشع مظاهره الرشوة. ونظن ان الوقت لم يفوت بعد، وان الخير مازال كامنا في الاردنيين وهو بحاجة إلى من يستفزه من خلال عمل وطني متواصل ومتراكم، يحمي بلدنا، لتنكسر على صخرته كل مصادر التهديد.