فيما تُواصل حكومة الفاشيين في تل أبيب, حرب الإبادة والتجويع على قطاع غزَّة, ويعلن جيش النازية الصهيونية تجنيد «لواءين» جديدين, للإنخراط في الحرب على القطاع الفلسطيني المنكوب, تتزايد التسريبات متعددة الجنسيات والمصادر, بعضها يندرج في إطار بالونات الإختبار وجلّها يروم منح مزيد من المكاسب لنتنياهو شخصياً ولإئتلافه الفاشي, خاصة بعد الهجوم الإيراني أول أمس, على نحو يمنح نتنياهو فرصة طالما سعى إليها منذ السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى), وهو ما بدأ وزير الحرب الصهيوني/يوآف غالنت يدعو إليه, في حين أطلق عضو مجلس الحرب/ غانتس دعوة مماثلة ولكن بصياغة أخرى, ونقصد الدعوة إلى تشكيل «تحالف استراتيجي ضد التهديد الإيراني», على ما قال غالنت الذي وصفَ ليلة السبت/الأحد، التي شهدت أول هجوم مباشر تشنه إيران على إسرائيل، بأنها «واحدة من أكثر الليالي دراماتيكية في تاريخ إسرائيل»، مُعتبراً أن الهجوم الذي شنته إيران «منح الفرصة لتشكيل تحالف إستراتيجي ضدها».
فيما قال غانتس رئيس حزب «همحني همملختي»/المعسكر الوطني، وعضو كابينيت الحرب، مُتطرقاً إلى الهجوم الإيراني إن «طهران واجهتْ قوة النظام الدفاعي الإسرائيلي». مُضيفاً أن «إيران مشكلة عالمية، إنها تحدي إقليمي وهي أيضاً خطر لإسرائيل، وأمس وقف العالم بوضوح إلى جانب إسرائيل في مواجهة الخطر». زاعماً أن «هذا إنجاز استراتيجي، يجب علينا الإستفادة منه من أجل أمن إسرائيل».. لافتاً أن «هذا الحدث لم ينتهِ بعد - يجب تعزيز التحالف الاستراتيجي ونظام التعاون الإقليمي, الذي بنيناه وصمدَ أمام اختباره المهم، الآن بالذات. في مواجهة التهديد الإيراني ختمَ غانتس - سنقوم ببناء تحالف إقليمي وسنُدفِع إيران «الثمن» بالطريقة وفي الوقت الذي نراه مناسباً.
أين من هنا؟
رغم كل هذه العنتريات والقرع الذي لا يتوقف لطبول الحرب في دولة العدو, خاصة في اعتبار ما جرى بأنه «إنجاز إستراتيجي», ثمة مؤشرات على إرتباك ملحوظ لدى صُنَّاع القرار في الكيان الصهيوني, عكسته من بين أمور أخرى, تسريبات وسائل الإعلام الصهيونية, كما الغربية خاصة الأميركية منها. وهو ما تجلى على سبيل المثال في قرار نتنياهو «تأجيل» اجتياح مدينة رفح, بعدما كان حدّد موعداً «نهائياً» لهذا الإجتياح, على ما أكدت قناة «كان 11» الصهيونية. ناهيك عن «إلغاء» نتنياهو، هجوماً إسرائيلياً «فورياً» على إيران, ردّاً على الهجوم الإيراني على إسرائيل، ليلة أول أمس، وذلك في أعقاب «مُحادثة هاتفية بينه وبين الرئيس الأميركي/بايدن، وأيضاً بسبب «الضرر الصغير» الذي ألحقه الهجوم الإيراني، حسبما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولَين إسرائيليين الأحد. رغم أن الهجوم «الفوري» كان يحظى بدعم مُطلق من أعضاء كابينيت الحرب، بما في ذلك من قِبل الجنرالين.. غانتس وآيزنكوت وفق قناة «كان 11».
زد على ذلك ما تمخّض عنه اجتماع كابينيت الحرب الإسرائيلي، مساء الأحد، الذي تواصلَ لساعات طويلة, إذ تركزت النقاشات حول طبيعة الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني؛ وشهد الاجتماع نقاشات حادة في ظل «الإجماع» على ضرورة الرد, و«الاختلاف» بشأن توقيته ونطاقه. وفق تقارير صهيونية عديدة قالت أن أغلبية أعضاء كابينيت الحرب (الذي كان مُنعقداً خلال الهجوم الإيراني على أهداف إسرائيلية)، أيّدوا هجوماً مُضاداً على إيران «كان على وشك التنفيذ»، وتم إلغاؤه في اللحظة الأخيرة.
في حين ذكرت القناة/13 أن «نقاشاً حاداً اندلع بين القيادة «السياسية» و«الأمنية» الليلة الماضية، حول كيفية وتوقيت الرد على الهجوم الإيراني». وأضافت أن «غانتس وآيزنكوت دعماً «الرد بأسرع ما يمكن على الهجوم الإيراني». مُضيفة: «رأى كبار المسؤولين السياسيين (تقصد نتنياهو) وكبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية، أنه يجب «إرجاء الرد لعدة أسباب»، بما في ذلك «الضغط الأميركي» ولأن «نتائج الهجوم الإيراني لم تكن واضحة».
وفي النهاية ـ وفق القناة13، قرّر (كابينيت الحرب) «إرجاء» اتخاذ قرار بهذا الشأن للجلسة المُوسعة لـ(الحكومة وكابينيت الحرب)، حييث خلصت إلى «تأييد» الرد على إيران بسبب هجومها، فيما «ظلّت مُنقسمة بشأن توقيت الرد ونطاقه».
فهل ترد حكومة نتنياهو على الهجوم الإيراني, أم تجد في «رفض» بايدن مشاركة تل أبيب في هجومها المحتمل..ذريعة للتأجيل أو الإلغاء؟.
من السابق لأوانه التكهن بالخطوة أو الخيار الذي يفضله نتياهو, بعد أن بدا له ولأنصاره أنه «نجحَ» في كسر طوق العزلة الذي كان يشتد حول عنقه شخصياً, بل وحول كيانه الغاصب, جرّاء حرب الإبادة والتجويع المُتمادية فصولاً دموية ووحشية, منذ ستة أشهر في قطاع غزة المنكوب. خاصة أن تياراً في دولة العدو الصهيوني «رأى» أن إسرائيل حصلتْ على «فرصة من أجل ترميم شرعيتها السياسية والإدراكية في الحلبة الدولية، التي تبدّدت طوال حرب السيوف الحديدية». على ما قال رون بن يشاي/ المُحلل العسكري في موقع «واينت» الإليكتروني.