مدار الساعة - ذكرت صحيفة "إنديا تودي" الهندية، أن ثلاثة من الناجين من سجن أبو غريب العراقي، سينقلون قضيتهم أمام محكمة أمريكية، لتكون بذلك المرة الأولى التي يتمكن فيها ناجون من السجن من طرح قضية تعذيبهم أمام هيئة محلفين أمريكية.
وأشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى أن المحكمة ستبدأ يوم الاثنين المقبل في المحكمة الجزائية الأمريكية في منقطة الإسكندرية، وذلك بالتزامن مع الذكرى العشرين لنشر الصور الأولى للسجناء الذين تعرضوا للانتهاكات فيما يبتسم الجنود الأميركيون الذين كانوا يحرسونهم في سجن أبو غريب، وهي فضيحة أثارت صدمة في أنحاء العالم.
الناجون الثلاثة
وتابع التقرير أن ثلاثة من الناجين من أبو غريب سيحصلون أخيراً على فرصة عرض قضيتهم أمام محكمة أمريكية ضد الشركة الأمنية المتعاقدة مع الأميركيين والتي يعتبرونها مسؤولة عن سوء معاملتهم.
ونقل التقرير عن المحامي باهر عزمي، من "مركز الحقوق الدستورية" الذي يمثل المدعين، قوله إن المحاكمة هي الأولى من نوعها، ستبدأ يوم الاثنين في الإسكندرية.
ولفت التقرير إلى أن شركة "سي ايه سي اي" الأمريكية المدعى عليها في القضية، هي التي كانت مسؤولة عن توظيف المحققين الذين عملوا في سجن أبوغريب، إلا أن الشركة المقاولة التي تتخذ من فيرجينيا مقراً لها، تنفي ارتكاب أي مخالفات، وتؤكد منذ سنوات عديدة أن أياً من موظفيها لم يرتكب أي إساءات بحق الأشخاص المتقدمين بالدعوى ضدها.
ولكن التقرير قال إن أصحاب الدعوى يحاولون تأكيد مسؤولية الشركة لأنها هي من حددت الظروف التي قادت إلى تعذيبهم، مستشهدين بأدلة في التحقيقات الحكومية تفيد بأن مقاولي الشركة أصدروا تعليمات للشرطة العسكرية من أجل "تليين" المعتقلين خلال إخضاعهم للاستجواب.
ولفت التقرير إلى أن الجنرال الأمريكي المتقاعد أنطونيو تاجوبا، الذي قاد التحقيق في فضيحة أبو غريب، بشهادته أمام المحكمة، مشيراً إلى أن التحقيق الذي قاده تاجوبا خلص إلى ضرورة محاسبة محقق واحد على الأقل من موظفي الشركة لأنه أصدر تعليماته للشرطة العسكرية بوضع شروط ترقى إلى مستوى الاعتداء الجسدي.
الاعتداءات الجنسية
لكن التقرير قال إنه ما من خلاف على أن انتهاكات أبو غريب كانت مروعة، مشيراً إلى أن الصور التي نشرت في العام 2004 أظهرت سجناء عراة مكدسين في فوق بعضهم البعض كالأهرامات، فيما أظهرت صور أخرى جندياً أمريكياً يبتسم وهو يرفع أبهاماً بالقرب من جثة، أو معتقلين يتم تهديدهم بالكلاب، أو تغطية رؤوسهم وربطهم بالأسلاك الكهربائية.
وبينما قال التقرير إنه لا يمكن تحديد هوية المدعين بوضوح في أي من هذه الصور، إلا أنهم يشرحون طبيعة الانتهاكات التي تعرضوا لها.
ونقل التقرير عن سهيل الشمري، وصفه لحالات الاعتداءات الجنسية والضرب خلال الشهرين اللذين قضاهما في السجن، وتعرضه أيضاً للصعق الكهربائي، إلى جانب سحبه حول السجن بحبل مربوط حول رقبته.
أما صلاح العجيلي، وهو مراسل سابق لقناة "الجزيرة"، فيتحدث عن إخضاعه لأوضاع مجهدة تسببت في تقيؤ سائل أسود، بالإضافة إلى حرمانه من النوم وإجباره على ارتداء ملابس داخلية نسائية، وتهديده بالكلاب.
إدانة الجيش الأمريكي
لكن التقرير نقل موقف الشركة الأمريكية التي تعتبر أن الجيش الأمريكي هو الجهة التي تتحمل مسؤولية تحديد الظروف في أبو غريب وأن موظفيها لم يكونوا في وضع يسمح لهم بإعطاء الأوامر للجنود.
وبحسب أوراق المحكمة، فإن الشركة تقول إن "القضية بأكملها ليست أكثر من محاولة لفرض المسؤولية عليها لأن موظفيها عملوا في سجن في منطقة حرب في مناخ كريه".
وتعبر الشركة أيضاً أنه وفقاً للقانون، فإنه لا يوجد ذنب بسبب الارتباط بسجن أبو غريب.
وذكر التقرير أن هذه القضية ظلت تتنقل ما بين المحاكم منذ العام 2008، فيما حاولت الشركة نحو 20 مرة إسقاطها خارج المحكمة، لكن المحكمة العليا الأمريكية رفضت في العام 2021 جهود الاستئناف التي بذلتها الشركة، وأعادت القضية لكي يتم النظر فيها أمام محكمة محلية.
وأشار التقرير إلى أنه وفق إحدى حجج الاستئناف التي قدمتها الشركة، فقد اعتبرت فيها أن الولايات المتحدة تتمتع بحصانة سيادية ضد اتهامات التعذيب، وأن الشركة بالتالي، تتمتع بحصانة باعتبار أنها جهة مقاولة تنفذ عطاءات الحكومة.
الحكومة الأمريكية بلا حصانة
لكن القاضية الأمريكية ليوني برينكيما، في حكم هو الأول من نوعه، قررت أن الحكومة الأمريكية لا يمكنها المطالبة بالحصانة عندما يتعلق الوضع بادعاءات حول انتهاك المعايير الدولية، مثل تعذيب السجناء، وبالتالي لا تستطيع الشركة المتعاقدة معها، نتيجة لذلك المطالبة بأي حصانة.
وذكر التقرير أن الحكومة الأمريكية قد تبادر إلى تقديم ورقة قوية خلال المحاكمة التي من المتوقع أن تستمر لأسبوعين، حيث أنه سبق لجهة الادعاء والشركة الأمريكية أن قالا إن قضاياهم كانت تتعرقل بسبب تأكيدات الحكومة بأن بعض الأدلة، إذا تم نشرها علناً، من شأنها أن تفضح أسرارا للدولة، وهوما سيلحق أضراراً بالأمن القومي.
ومن بين المدعين الثلاثة، من المتوقع أن يدلي العجيلي، الذي يعيش الآن في السويد، بشهادته بشكل شخصي، بينما سيدلي الآخران بشهادتهما عن بعد من العراق. ولفتت القاضية برينكيما في جسلة عقدت في الخامس من نيسان/ أبريل الجاري إلى أن المدعين الثلاثة احتجزوا لفترات تراوحت بين شهرين وعام من دون توجيه أي اتهامات لهم.
وقالت إنه "حتى لو كانوا إرهابيين، فهذا لا يبرر السلوك المزعوم هنا".