مدار الساعة - الصلاة عماد الدين, فهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين ، فالصلاة عليها قوام الإسلام، فلا إسلام بلا صلاة. فعن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما : عن النبي ﷺ أنه قال: «بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة » . رواه مسلم
سميت الصلاة صلاة؛ لأنها الصلة بين العبد وبين مولاه، ، فإن العبد إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه تبارك وتعالى، وقد وعد الله المصلين الذي هم على صلاتهم يحافظون بالفلاح والخلود في الفردوس ، قال تعالى : ﴿قَد أَفلَحَ المُؤمِنونَالَّذينَ هُم في صَلاتِهِم خاشِعونَوَالَّذينَ هُم عَنِ اللَّغوِ مُعرِضونَوَالَّذينَ هُم لِلزَّكاةِ فاعِلونَوَالَّذينَ هُم لِفُروجِهِم حافِظونَإِلّا عَلى أَزواجِهِم أَو ما مَلَكَت أَيمانُهُم فَإِنَّهُم غَيرُ مَلومينَفَمَنِ ابتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادونَوَالَّذينَ هُم لِأَماناتِهِم وَعَهدِهِم راعونَوَالَّذينَ هُم عَلى صَلَواتِهِم يُحافِظونَأُولئِكَ هُمُ الوارِثونَالَّذينَ يَرِثونَ الفِردَوسَ هُم فيها خالِدونَ﴾ [المؤمنون: ١-١١]
وأول ما يحاسب به العبد يوم القيامة هو الصلاة فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ؟ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ » . رواه أبو داوود والترمذي وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ ، وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ » . رواه النسائي وصححه الألباني
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
« أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة الصلاة ، وهذا بالنسبة لحق الله عز وجل ، فإن صلحت فقد أفلح ونجح وإلا فعلى العكس خاب وخسر والعياذ بالله . أما بالنسبة لحقوق الآدميين : فأول ما يقضى بين الناس في الدماء ؛ لأنها أعظم الحقوق » . من شرح رياض الصالحين
حكم تارك الصلاة
فصل العلماء بين حالتين :
الحالة الأولى : من ترك الصلاة مع الجحد للوجوب، فيرى فيرى أنها غير واجبة عليه وهو مكلف، وفي هذه الحالة أجمع العلماء على أنه يكون كافرًا كفرًا أكبر.
الحالة الثانية: من ترك الصلاة تهاونًا وكسلاً وهو يعلم أنها واجبة، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم :
منهم من كفره كفرًا أكبر ، وقال أنه يخرج من ملة الإسلام ويكون مرتدًا، كمن جحد وجوبها فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن مع المسلمين ولا يرثه المسلمون من أقاربه ، فعن بريدة بن الحصيب قال : قال النبي ﷺ : « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» خرجه الإمام أحمد، وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح عن بريدة
وقد جاء في الحديث أن تارك الصلاة يحشر مع رؤوس الكفرة وهذا ما يدل على أنه كافر كفرًا أكبر؛ لأن حشره معهم يدل على أنه قد صار مثلهم ، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في مسند أحمد بإسناد جيد عن النبي ﷺ أنه ذكر الصلاة يومًا بين أصحابه فقال: « من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف » .
منهم من قال أنه يكفر كفرًا أصغر؛ لأنه موحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويؤمن بأنها فريضة عليه وجعلوها كالزكاة والصيام والحج لا يكفر من تركها إنما هو عاصٍ، وقد أتى جريمة عظيمة .
نصيحة
حافظوا على الصلاة، وتعاونوا عليها وتناصحوا فيما بينكم واحذروا الغفلة عنها والتهاون بها حتى يخرج وقتها، وتذكروا قول الله تعالى : ﴿فَإِذا قَضَيتُمُ الصَّلاةَ فَاذكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وَقُعودًا وَعَلى جُنوبِكُم فَإِذَا اطمَأنَنتُم فَأَقيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَت عَلَى المُؤمِنينَ كِتابًا مَوقوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] ولا تغفلوا عمن تحت أيديكم وحثوهم عليها فقد أمركم الله بذلك ، يقول الله تعالى: ﴿وَأمُر أَهلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصطَبِر عَلَيها لا نَسأَلُكَ رِزقًا نَحنُ نَرزُقُكَ وَالعاقِبَةُ لِلتَّقوى﴾ [طه: ١٣٢] وتذكروا الوعيد الشديد لتارك الصلاة ، قال تعالى : ﴿في جَنّاتٍ يَتَساءَلونَعَنِ المُجرِمينَما سَلَكَكُم في سَقَرَقالوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلّينَ﴾ [المدثر: ٤٠-٤٣]