أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات أحزاب رياضة وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: الناتو 75 عاما.. ماذا بعد؟


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: الناتو 75 عاما.. ماذا بعد؟

مدار الساعة ـ
لقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية السلاح النووي عام 1945 ضد اليابان لكي توقف الحرب العالمية الثانية حسب حجتها و يوم لم يكن " الناتو " مشكلا بعد ، ولم ت
ملك اليابان العسكرة النووية حينها ، وخططت أمريكا لأستخدامه ضد الاتحاد السوفيتي عام 1949 لكنها اكتشفت امتلاكه له و تراجعت عن خطتها ، وخطاب نيكيتا خرتشوف في الأمم المتحدة في النيويورك عام 1960 أكد ذلك . و شكلت الولايات المتحدة حلف " الناتو " عام 1949 للدفاع عن
الغرب ، و خوفا من هول الاتحاد السوفيتي الذي أصبح بالنسبة لها مرعبا بعد امتلاكه السلاح النووي ، لكنها بالغت في توسيع شبكة " الناتو " ليشمل دولا محاددة لروسيا الأتحادية مثل " السويد " ، و "فلندا"، ليصبح عدد الدول الأعضاء في الناتو 32 دولة غربية و شمال غربية . وثمة فرق بالنسبة لروسيا بين دخول الناتو و امتلاك سلاحه .
ويبدو أن أمريكا نجحت حسب اعتقادها في الترويج للناتو لمواجهة ليس الاتحاد السوفيتي المنحل عام 1991 ، و لكن روسيا الاتحادية و حلفائها من الدول المستقلة ماعدا أوكرانيا " كييف " التي قررت التغريد خارج السرب السوفيتي منذ انقلاب عام 2014 .
وجاء تشكيل الاتحاد السوفيتي لحلف ( وارسو) الدفاعي عام 1955 متأخرا ، و بظهور إسم روسيا الاتحادية منفردا ، وهي التي شكلت الاتحاد السوفيتي بين عامي 1922 و 1991 ، لم يتغير مشهد قوة روسيا العسكري و خاصة في المجال النووي ، فعملت على سحب القوة النووية من دول الاتحاد تجاهها ، و طورت سلاحها النووي و الفرط صوتي الى أن أصبحت تملك أكبر و أقوى قوة نووية في العالم ،ووصلت الى درجة فوق نووية . و تشترك مع الصين في غزو الفضاء لغايات نووية ، و تعزز سلاحها النووي في العاصمة موسكو و في مدينة " سانت بيتر بورغ " لمواجهة زحف " الناتو " في منطقة القطب الشمالي المطلة على العاصمة موسكو و على مدينة الحربية البحرية العملاقة سانت بيتر بورغ – ليننغراد سابقا . و مدت بيلاروسيا بالسلاح النووي الذي كانت تمتلكه ابان الاتحاد السوفيتي في وقت أصبحت فيه بيلاروسيا خط الدفاع الأول عن روسيا نفسها .
لعل من أهم اسباب الحرب الأوكرانية تضليلا ، و التي هي أمريكية – غربية و أوكرانية من وسط العاصمة " كييف " ، هو شروع حلف " الناتو " للعبور الى " كييف " وسط غبار الحرب الباردة و سباق التسلح ،و الرغبة في مماحكة روسيا الاتحادية و التخفيف من قوتها العسكرية – النووية خاصة ، و انكار حراكها بهذا الاتجاه بالتعاون مع نظام أوكرانيا الغربي ذات الوقت تحت شعار الحرب خدعة . و عملت أمريكا على الترويج سياسيا و اعلاميا في الغرب على أن روسيا محتلة لأوكرانيا و مخترقة لسيادتها المتفق عليها دوليا عام 1991 مع انهيار الاتحاد السوفيتي .
ولقد أوضحت روسيا حجتها في المقابل بعد توجهها للاراضي الأوكرانية التي لازالت تعسكر فيها من وسط عمليتها العسكرية الخاصة / الحرب . فهي من اكتشفت باكرا التدخل اللوجستي الأمريكي و الغربي في الثورات البرتقالية الاصلاحية و في انقلاب " كييف " الدموي بين عامي 2007 و 2014 ، فعملت على ضم إقليم " القرم " . و حركت عمليتها العسكرية الدفاعية الخاصة بتاريخ 24 / شباط / 2022 بالإرتكاز على الأحقية التاريخية في الاراضي الأوكرانية و حتى في كييفسكايا روس – العاصمة " كييف " ، و على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تخول الدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ، وعلى اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 المانعة للإنضمام للتحالفات المعادية مثل " الناتو " .
لقد صبرت موسكو على الحدث الأوكراني الداخلي بين غرب و شرق أوكرانيا ثماني سنوات عجاف ، و بعد أن تسببت " كييف " في مقتل و تشريد أكثر من 14 الفا من الأوكران و الروس ، و حركت صناديق الأقتراع في كافة الأقاليم التي حررتها مثل " القرم ، و لوغانسك ، و دونيتسك ( الدونباس ) ، و زاباروجا و خيرسون ، وكانت نتيجة التصويت لصالح الأنضمام لروسيا ، و لم تكن لصالح البقاء تحت لواء نظام " كييف " . وكانت الفرصة للسلام الأوكراني – الأوكراني ومع روسيا ، و بين روسيا و الغرب قائمة عبر اتفاقية " مينسك " و من خلال حوار تركيا ، لكن بريطانيا – بوريس جونسون و أمريكا – بايدن و ضعا العصا في دولاب السلام ، و جذفا معا تجاه ديمومة الحرب .
وفي حرب غزة لم يكن "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة برئيا ، سواء عبر التدخل المباشر و نشر البوارج في مياه القطاع ، أو من خلال استخدام أمريكا للفيتو في مجلس الأمن ضد قرار وقف الحرب في غزة رغم ما أودت به من خسائر بشرية فادحة فاقت التوقع و التصور ووصلت لمستوى حرب الإبادة ، أكثر من 32 الف شهيد ، و يصل العدد مع من هم تحت الأنقاض الى مائة الف شهيد . و صحيح هو أن قرار حرب غزة كان في السابع من أكتوبر بيد حماس – حركة التحرر العربية الإسلامية ( الأيدولوجيا ) بعدما طفح الكيل ، و بعد الاعتداء المتكرر على الأقصى المبارك ، و على أهلنا في فلسطين ، و هدم بيوتهم ، و تشريدهم ، الا أن المتسبب الحقيقي في الحرب هي إسرائيل التي أعاقت و بالتعاون مع أمريكا تقدم القضية الفلسطينية و حل الدولتين ، و اقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة و عاصمتها القدس الشرقية ومع ضمانة حق العودة .
و دول " الناتو " بقيادة أمريكا هم من يقودون احادية القطب اليوم ، و هو المتغول وسط أركان العالم ، و يخوض الحروب من دون اذن ، ومثلي هنا أوكرانيا ضد روسيا ، و العراق ، و كوسوفو ، و ليبيا ، و اليمن ، و فيتنام ، و سوريا . و يوقع صفقات سلاح مليارية الدولارات ، كما حصل مع خليج العرب عام 2017 . ومن مصلحة الغرب الأمريكي دائما بقاء الحروب ، و ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، ومحاولة اضعاف الأطراف المنافسة مثل روسيا المتفوقة في المجال النووي العسكري ، و الصين المتفوقة عالميا في الاقتصاد ، و التدخل في شوؤن دول العالم ليست الصديقة لها فقط ، و إنما المنفتحة على كبريات دول العالم .
بعد 75 عاما على تأسيس حلف " الناتو " بقيادة أمريكا ، تقود روسيا الاتحادية ، الدولة و القطب العملاق ، توجه عالم متعدد الأقطاب ، بهدف تحقيق عدالة عالمية ، و توازن دولي يلغي الحرب الباردة و سباق التسلح ، و يجذف تجاه التنمية الشاملة الخادمة للبشرية جمعاء ، وسبق لروسيا أن عرضت دخول (الناتو) عام 2000 و تشكيل خط دفاع مشترك مع أمريكا و أوروبا . وما يصرف عالميا الان على السلاح كفيل بمعالجة قضايا الفقر و البطالة و الأمية و التصحر و الصحراء و شح المياه و الفساد . و سلام ضعيف خير من حروب مدمرة مقولة شرقية سوفيتية سابقة و روسية صحيحة . و لا مكان و لازمان يقبل لحرب عالمية ثالثة أكثر تدميرا للحضارات و البشرية . و حياة الأنسان غالية ، و لم يثبت العلم وجود حياة خارج كوكب الأرض ، فالنحافظ عليه .
مدار الساعة ـ