لقد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية السلاح النووي عام 1945 ضد اليابان لكي توقف الحرب العالمية الثانية حسب حجتها و يوم لم يكن " الناتو " مشكلا بعد ، ولم ت
ملك اليابان العسكرة النووية حينها ، وخططت أمريكا لأستخدامه ضد الاتحاد السوفيتي عام 1949 لكنها اكتشفت امتلاكه له و تراجعت عن خطتها ، وخطاب نيكيتا خرتشوف في الأمم المتحدة في النيويورك عام 1960 أكد ذلك . و شكلت الولايات المتحدة حلف " الناتو " عام 1949 للدفاع عن الغرب ، و خوفا من هول الاتحاد السوفيتي الذي أصبح بالنسبة لها مرعبا بعد امتلاكه السلاح النووي ، لكنها بالغت في توسيع شبكة " الناتو " ليشمل دولا محاددة لروسيا الأتحادية مثل " السويد " ، و "فلندا"، ليصبح عدد الدول الأعضاء في الناتو 32 دولة غربية و شمال غربية . وثمة فرق بالنسبة لروسيا بين دخول الناتو و امتلاك سلاحه .
ويبدو أن أمريكا نجحت حسب اعتقادها في الترويج للناتو لمواجهة ليس الاتحاد السوفيتي المنحل عام 1991 ، و لكن روسيا الاتحادية و حلفائها من الدول المستقلة ماعدا أوكرانيا " كييف " التي قررت التغريد خارج السرب السوفيتي منذ انقلاب عام 2014 .
وجاء تشكيل الاتحاد السوفيتي لحلف ( وارسو) الدفاعي عام 1955 متأخرا ، و بظهور إسم روسيا الاتحادية منفردا ، وهي التي شكلت الاتحاد السوفيتي بين عامي 1922 و 1991 ، لم يتغير مشهد قوة روسيا العسكري و خاصة في المجال النووي ، فعملت على سحب القوة النووية من دول الاتحاد تجاهها ، و طورت سلاحها النووي و الفرط صوتي الى أن أصبحت تملك أكبر و أقوى قوة نووية في العالم ،ووصلت الى درجة فوق نووية . و تشترك مع الصين في غزو الفضاء لغايات نووية ، و تعزز سلاحها النووي في العاصمة موسكو و في مدينة " سانت بيتر بورغ " لمواجهة زحف " الناتو " في منطقة القطب الشمالي المطلة على العاصمة موسكو و على مدينة الحربية البحرية العملاقة سانت بيتر بورغ – ليننغراد سابقا . و مدت بيلاروسيا بالسلاح النووي الذي كانت تمتلكه ابان الاتحاد السوفيتي في وقت أصبحت فيه بيلاروسيا خط الدفاع الأول عن روسيا نفسها .
لعل من أهم اسباب الحرب الأوكرانية تضليلا ، و التي هي أمريكية – غربية و أوكرانية من وسط العاصمة " كييف " ، هو شروع حلف " الناتو " للعبور الى " كييف " وسط غبار الحرب الباردة و سباق التسلح ،و الرغبة في مماحكة روسيا الاتحادية و التخفيف من قوتها العسكرية – النووية خاصة ، و انكار حراكها بهذا الاتجاه بالتعاون مع نظام أوكرانيا الغربي ذات الوقت تحت شعار الحرب خدعة . و عملت أمريكا على الترويج سياسيا و اعلاميا في الغرب على أن روسيا محتلة لأوكرانيا و مخترقة لسيادتها المتفق عليها دوليا عام 1991 مع انهيار الاتحاد السوفيتي .
ولقد أوضحت روسيا حجتها في المقابل بعد توجهها للاراضي الأوكرانية التي لازالت تعسكر فيها من وسط عمليتها العسكرية الخاصة / الحرب . فهي من اكتشفت باكرا التدخل اللوجستي الأمريكي و الغربي في الثورات البرتقالية الاصلاحية و في انقلاب " كييف " الدموي بين عامي 2007 و 2014 ، فعملت على ضم إقليم " القرم " . و حركت عمليتها العسكرية الدفاعية الخاصة بتاريخ 24 / شباط / 2022 بالإرتكاز على الأحقية التاريخية في الاراضي الأوكرانية و حتى في كييفسكايا روس – العاصمة " كييف " ، و على مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تخول الدولة المعتدى على سيادتها مثل روسيا الدفاع عن نفسها ، وعلى اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي عام 1991 المانعة للإنضمام للتحالفات المعادية مثل " الناتو " .
لقد صبرت موسكو على الحدث الأوكراني الداخلي بين غرب و شرق أوكرانيا ثماني سنوات عجاف ، و بعد أن تسببت " كييف " في مقتل و تشريد أكثر من 14 الفا من الأوكران و الروس ، و حركت صناديق الأقتراع في كافة الأقاليم التي حررتها مثل " القرم ، و لوغانسك ، و دونيتسك ( الدونباس ) ، و زاباروجا و خيرسون ، وكانت نتيجة التصويت لصالح الأنضمام لروسيا ، و لم تكن لصالح البقاء تحت لواء نظام " كييف " . وكانت الفرصة للسلام الأوكراني – الأوكراني ومع روسيا ، و بين روسيا و الغرب قائمة عبر اتفاقية " مينسك " و من خلال حوار تركيا ، لكن بريطانيا – بوريس جونسون و أمريكا – بايدن و ضعا العصا في دولاب السلام ، و جذفا معا تجاه ديمومة الحرب .
وفي حرب غزة لم يكن "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة برئيا ، سواء عبر التدخل المباشر و نشر البوارج في مياه القطاع ، أو من خلال استخدام أمريكا للفيتو في مجلس الأمن ضد قرار وقف الحرب في غزة رغم ما أودت به من خسائر بشرية فادحة فاقت التوقع و التصور ووصلت لمستوى حرب الإبادة ، أكثر من 32 الف شهيد ، و يصل العدد مع من هم تحت الأنقاض الى مائة الف شهيد . و صحيح هو أن قرار حرب غزة كان في السابع من أكتوبر بيد حماس – حركة التحرر العربية الإسلامية ( الأيدولوجيا ) بعدما طفح الكيل ، و بعد الاعتداء المتكرر على الأقصى المبارك ، و على أهلنا في فلسطين ، و هدم بيوتهم ، و تشريدهم ، الا أن المتسبب الحقيقي في الحرب هي إسرائيل التي أعاقت و بالتعاون مع أمريكا تقدم القضية الفلسطينية و حل الدولتين ، و اقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة و عاصمتها القدس الشرقية ومع ضمانة حق العودة .
و دول " الناتو " بقيادة أمريكا هم من يقودون احادية القطب اليوم ، و هو المتغول وسط أركان العالم ، و يخوض الحروب من دون اذن ، ومثلي هنا أوكرانيا ضد روسيا ، و العراق ، و كوسوفو ، و ليبيا ، و اليمن ، و فيتنام ، و سوريا . و يوقع صفقات سلاح مليارية الدولارات ، كما حصل مع خليج العرب عام 2017 . ومن مصلحة الغرب الأمريكي دائما بقاء الحروب ، و ديمومة الحرب الباردة و سباق التسلح ، ومحاولة اضعاف الأطراف المنافسة مثل روسيا المتفوقة في المجال النووي العسكري ، و الصين المتفوقة عالميا في الاقتصاد ، و التدخل في شوؤن دول العالم ليست الصديقة لها فقط ، و إنما المنفتحة على كبريات دول العالم .
بعد 75 عاما على تأسيس حلف " الناتو " بقيادة أمريكا ، تقود روسيا الاتحادية ، الدولة و القطب العملاق ، توجه عالم متعدد الأقطاب ، بهدف تحقيق عدالة عالمية ، و توازن دولي يلغي الحرب الباردة و سباق التسلح ، و يجذف تجاه التنمية الشاملة الخادمة للبشرية جمعاء ، وسبق لروسيا أن عرضت دخول (الناتو) عام 2000 و تشكيل خط دفاع مشترك مع أمريكا و أوروبا . وما يصرف عالميا الان على السلاح كفيل بمعالجة قضايا الفقر و البطالة و الأمية و التصحر و الصحراء و شح المياه و الفساد . و سلام ضعيف خير من حروب مدمرة مقولة شرقية سوفيتية سابقة و روسية صحيحة . و لا مكان و لازمان يقبل لحرب عالمية ثالثة أكثر تدميرا للحضارات و البشرية . و حياة الأنسان غالية ، و لم يثبت العلم وجود حياة خارج كوكب الأرض ، فالنحافظ عليه .