من يقرأ التاريخ عن ما يسمى بصكوك الغفران التي ازدهرت في العصور الوسطى في القارة الأوروبية، تلك الصكوك التي كان يصدرها قوى الدين السياسي أو زعماء الدين حيث كانوا يمارسون هذا الصلاحيات انطلاقا من مكانتهم الدينية وسلطاتهم الروحية التي ظنوا أن لهم الحق بممارسة التفويض في الغفران وإدخال الجنة لمن يشاءون أو بالحرمان وإدخال المغضوب عليهم والكفرة إلى ٱتون النار..
وللتنويه فإن هذه الصكوك لم تكن مجانية سواء لدخول الجنة أو جحيم النار بل كانت مسيسة مدفوعة الثمن، تهب وتعطى بمقابل مادي أو مساومة على قرار أو منصب أو التآمر على أشراف الخلق أو تجميل صورة اشرارها ، وماذا كانت النتيجة عصور من الظلمة والظلال والجهل والجوع والفقر والطبقية المقيتة والعبودية والاحتقان والإلحاد والبعد عن الأديان والانحطاط الأخلاقي والفكري والثورات والقلاقل، بالمقابل في عصور ظلامهم الناتجة عن مناهج التعصب الديني المنحرفة والمتطرفة كان عصر النهضة للحضارة العربية الإسلامية في أوجها وقوامها الفكر والفلسفة وعلوم الفلك والرياضيات والطب وغيرها وكانت المنطقة العربية حاضرة الحضارة العالمية، وهذا السرد التاريخي لعله معروف ومألوف لدى أغلب الطبقات الاجتماعية الأردنية.
وما أوردناه أعلاه ليس درسا في التاريخ أو نقدا لمقدمة ابن خلدون في علم الاجتماع وانما هي رسالة اوجهها إلى أحد مراهقي السياسة وهو الجاهل في ابجديات العرف والعادة الأردنية والكياسة والذي يوصف بأنه أحد قيادات كبرى أحزاب الاسلام السياسي الذين لم نعد نعرف مخاطبتهم ومعرفتهم لكثرة قياداتهم، بأن لم ينتظر أن يجف تراب أحد رفاقنا الذي غادرنا عند بارئه، حتى وإذ يكتب على صفحته صكوك النكران الموجبة لدخول رفيقنا النار وليس لأي ذنب لفقيدنا ولنا كلنا المنتمين للحزب الديموقراطي الاجتماعي الاردني ولكل أحزاب الديمقراطية والنهضة والحداثة إلا أننا نؤمن بهذا الفكر ولكن لا نكفر بربه ، ولكن ذلك الفتى كتب في ذلك الصك يتهمنا أننا قوم لاادريين، وحزب خاو من الفكر والجذور نعيش التيه والضياع وان استطعنا احداث اي إنجاز لصالح هذا الوطن وإنسانه، فهي محض صدفة عبثية علمانية، وأما الفضيلة فهذه منا براء على حد قوله ، الأمر الذي جعله يتنبأ لنا موقعنا من النار ، وليقحم ٧ اكتوبر وأحداثه في تقييمنا الأخلاقي وليضع ختمه المقدس على هذا الصك بعنوان "وضع القلم".
لذا وجب الرد من باب وجوب الرد وحرية التعبير التي كفلها الدستور المادة ١١:
*اسمع ايها الغلام وهي وصف وصفه رسولنا الكريم لابن عمه العباس ، ولا اقصد فيها أي إساءة وانما هو اقتباس واقتداء ، رفع القلم لو سألتك عن الروح ، لقلت : لا ادري ، لو سألتك : متى الساعة لقلت : ما السائل اعلم من المسؤول ، فإذا أنت لاتملك الغيب ولا تدري ، ومن يسأل ويبحث، انما يخشى الله من عباده العلماء ، فنحن حزب نهج وفكر وتدبر لا حزب تبعية وطاعة لشخوص وقد اضلوا كثيرا، فالاادريين قلقون لأنهم يريدون واقعا ، يصلح لأن يعيش ويمارس فيه الإنسان إنسانيته وحريته وكرامته ، ولا أن يكون مكبلا بفتاوي يخدع بها وفي الحقيقة هي أغلال عبوديته، ولا يهمهم من البشر من سيدخلهم الجنة أو النار ما يعنيهم من سيخدمهم، لتمكينهم من حرية الفكر والمعتقد وكرامة العيش وهو ما سيحاسبون عليه وليس انت .
*أما حقيقتنا فنحن حزب وسط يساري سياسي نؤمن بالعدالة الاجتماعية والحرية والتضامن وهذا أمر دنيوي لا يخالف شرع الله ولا صلة له بالدين وممارسته وعباداته، نحن نطمح أن نرى هذا الوطن الاردني العظيم غانما منعما يعيش مواطنه في حالة من الرفاه الاجتماعي الذي يستحق ويمكن مواطنه من عبادة الله بطمأنينة وفكر صاف وقلب عند ذكره يرق، وكل على طريقته، فكل الاتجاهات تشير إلى الله، ولا نخادعه بقليل من الخطب فوق المنابر بصوت عال من الحناجر بأدعية القنوت والصبر على الفقر والغلاء والبلاء والفساد لأنه يحتسب عند الله وانت تنعم بمال الصدقات والتبرعات ورصيدك من التنمية صفر أو أكثر بقليل، وهذه تقية ونفاق ولكن لا اعلم ما عقوبتها لأننا لسنا الله بل عباده ونقول اللهم خذنا برحمتك ولا تأخذنا بعدلك، والمنافقون في الدرك الاسفل من النار .
*ايها الغلام تطالب بإطلاق سراح المعتقلين عن حرية الرأي وتريد ان تحرمنا اياها وتحرمنا من الدفاع والتعبير والتغيير نحو التطور والتقدم والازدهار والدفاع عن هموم المواطن الأردني وأحواله ، وتمارس علينا قدسية ارهابك السياسي الديني، فنقول إن كان دينك سيدخلك الجنة ونحن النار فلك دين ولنا دين، والله ارحم الراحمين.
*أما ٧ اكتوبر ولا اعلم ماهي الأقنعة والخزعبلات المربوطة بفكرنا الديمقراطي الاجتماعي ، فعليك أن تصيب من الأدب من النصيب الذي يجعلك أن تخجل أن تقحم دماء الشهداء والجرحى من أطفال شعبنا الفلسطيني في الضفة وغزة لجذب عطف وتعاطف أبناء شعبنا الاردني الواعي اليقظ لهكذا ممارسة في الخطاب، وهكذا أساليب مكررة في التجارة بالقضية الفلسطينية لأجل حسابات انتخابية ورفع خزانات حزبك أو جماعتك الشعبية من ثم فليذهب الجميع إلى الهاوية.
ايها الغلام أن كنت تقبع هناك في أقصى اليمين مازلت اسير زمن العبودية وظلام عصورها الوسطى ، نطمأنك أننا في وسط اليسار نزدهر بفكر نير وفي المئوية الثانية من القرن الواحد والعشرين نتفاعل مع الشارع الأردني بكل حرية واريحية مادام سلوكنا وفق الأنظمة القانونية ، التي نحترمها ونسعى لتطويرها وتحديثها والتقدم في مظاهر التنمية والمدنية ، وعليه فأننا ماضون ومعنا روح الرفيق شادي ابو راشد الذي غادرنا جسدا ولكن فكرا هو في عقل كل شاب وشابة ومواطن ومواطنة يؤمنون بالله وهذا الوطن وقيادته وشعبه في مسيرة التنمية والتحديث الديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية.