أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين رياضة أحزاب مقالات مقالات مختارة أسرار ومجالس تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين ثقافة اخبار خفيفة سياحة الأسرة طقس اليوم

نتائج عكس الانطباعات


سلامة الدرعاوي

نتائج عكس الانطباعات

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
في الآونة الأخيرة، شهد الأردن تطورات إيجابية ملموسة في مؤشراته الاقتصادية الرئيسية، مما يعكس قوة ومرونة اقتصاده في مواجهة التحديات العالمية.
وتبدو الصورة الكاملة أكثر إشراقا عند تحليل الأرقام والإحصائيات الأخيرة التي تؤكد على الاستقرار الاقتصادي الذي يحققه الأردن. فهل هذه الأرقام مؤشرات على مسار اقتصادي إيجابي؟ وما الذي تكشف عنه فيما يتعلق بالاستقرار والنمو المستقبلي؟ بداية، تراجع معدل التضخم إلى 1.8 % في الشهرين الأولين من هذا العام من 4.2 % في العام السابق، يشير إلى كفاءة استثنائية في إدارة الأسعار وضبط السوق، إذ إن هذا التراجع ليس فقط يعزز القوة الشرائية للمواطنين، بل يسهم أيضا في تحقيق بيئة اقتصادية مستقرة، تشجع على الاستثمار والتوسع في الأعمال.
ومن جهة أخرى، شهد الاقتصاد الوطني زيادة في معدل النمو الاقتصادي إلى 2.6 % في عام 2023، مرتفعا من 2.4 % في العام الماضي، بينما هذه الزيادة، وإن كانت قد تبدو متواضعة، فهي دلالة على مسار نمو ثابت ومستدام ينعكس إيجابيا على الاقتصاد الوطني ومستوى معيشة المواطنين. علاوة على ذلك، يبرز انخفاض عجز الحساب الجاري إلى 3.5 % من الناتج المحلي، نزولا من 7.8 %، كمؤشر قوي على تحسن ميزان المدفوعات، وهو أمر حيوي لصحة الاقتصاد الخارجي، حيث إن هذا التحسن يعكس أيضا نجاح الأردن في تنويع مصادر الدخل القومي وتقليل الاعتماد على الواردات.
إضافة إلى ذلك، يستحق القطاع المصرفي الأردني تقديرا خاصا؛ حيث يُظهر النمو في التسهيلات الائتمانية وحجم الودائع قوة الثقة بالنظام المالي، بحجم تسهيلات ائتمانية يتجاوز 33 مليار دينار وودائع تفوق 44 مليار دينار، حيث يعكس هذا القطاع استقرارا يحسد عليه وقدرة على دعم النشاط الاقتصادي الوطني. الاحتياطيات الأجنبية التي بلغت مستوى غير مسبوق عند 18.6 مليار دولار، تعزز من قدرة الأردن على مواجهة الصدمات الخارجية، وتوفر مستوى قياسيا من الأمان لمستوردات البلاد لمدة 8.1 شهرا، فهذه الأرقام تؤكد على سلامة السياسات المالية والنقدية التي تتبعها البلاد.
وفي ذات السياق، نقف على عتبة تطور مهم؛ وهو التراجع التاريخي في الفجوة بين أسعار الفائدة على القروض والودائع لأجل الذي وصل إلى نقطة مئوية متدنية عند 2.75، فهذا التطور يعتبر مؤشرا مهما يعكس كفاءة البنوك الأردنية وتنافسيتها، فضلا عن إدارتها الحصيفة للموارد المالية.
هذا الهامش الأقل تاريخيا ليس مجرد رقم، بل هو دليل على الجهود المستمرة لتحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار وحماية مدخرات المواطنين، حيث يسهل هذا الانخفاض في الفجوة الوصول إلى التمويل بتكاليف أقل للأفراد والشركات، مما يحفز النشاط الاقتصادي، ويدعم النمو الشامل.
هذا المسار الإيجابي يشكل أساسا لتوقعات مستقبلية مشرقة للاقتصاد الأردني، فالإدارة الرشيدة للسياسة النقدية والمالية، بما في ذلك الاستجابة الفعالة للتحديات الاقتصادية، تضع الأردن في موقف قوي لمواجهة التقلبات العالمية واستغلال الفرص الاقتصادية الناشئة.
الرؤية الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة والبنك المركزي تعبر عن التزام عميق بتعزيز النمو الشامل والمستدام والشمول المالي، فالاستثمارات في البنية التحتية الرقمية والتكنولوجية، إلى جانب التركيز على الابتكار ودعم ريادة الأعمال، تشير إلى رؤية بعيدة المدى تهدف إلى تحقيق تحول اقتصادي شامل يسهم في تعزيز قدرات الأردن التنافسية على الساحة الدولية.
أخيرا، الأداء القوي للقطاع المصرفي، وتحسن ميزان المدفوعات، واستقرار النظام المالي، كلها تشير إلى مستقبل واعد، وفي ظل التحديات العالمية، يبرز الأردن كنموذج يُحتذى به في الإدارة الاقتصادية والمالية الفعّالة، مما يعزز من قدرته على جذب الاستثمار والتنمية.
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ