أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مقالات مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: الأردن محتاج لمواصلة البناء


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: الأردن محتاج لمواصلة البناء

مدار الساعة ـ
كتب جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في مؤلفه "فرصتنا الأخيرة – السعي نحو السلام في زمن الخطر . ص 207 " عندما اعتليت عرش الأردن في شباط / فبراير من العام 1999 لم أشعر بأن التحدي الأول الذي سيقف في وجهي سيكون حربا يخوضها الأردن، أو عملا إرهابيا يهدد استقرارا ينعم به . كان همي الأكثر إلحاحا هو كيف أنهض باقتصاد الأردن من أزمة شبه عابرة كان يمر بها و أضعه على مسار من النمو القوي الثابت والمتكيف مع الحركة الاقتصادية العالمية". والأردن تاريخ عريق وحضارات تعود لمليون عام خلت، ومنارة عربية عمقها الحضارتان الإسلامية والمسيحية، وقلعة حصينة يتقدمها ملك ابن الملوك، ويحميها جيش عربي مغوار، قواته المسلحة أردنية باسلة، وأجهزة أمنية موقرة جبارة تعمل مدار الساعة. وفي المقابل أبوابه مشرعة على دول العالم الإقليمية والدولية.
لقد عبر الأردن مئويته الأولى تحت رعاية الملك المؤسس عبد الله الأول ، والملك طلال مؤسس الدستور ، والملك الحسين مؤسس البناء المعاصر ، والملك عبد الله الثانيمؤسس تعزيز البناء.
وبعد عام 2021 دخل الأردن بوابة المئوية الثانية بشموخ، ورافقت مسيرة البناء حروب فرضت عليه أو اختارتها القومية العربية . فربح الأردن معركة " الكرامة " عام 1968 في عهد مليكنا الحسين العظيم ، وبرز إسم مشهور حديثة الجازي ووصفي التل وقبلهما هزاع المجالي . وسجل الأردن مشاركة منتصرة في حرب تشرين عام 1973 التي أعادت مساحات واسعة من مدينة القنيطرة في الجولان العربية السورية ، ولم يستعجل السلام الذي وقعه مع إسرائيل عام 1994 لضمان سيادته الحدودية والمائية ، فانتظر مصر التي ذهبت اليه عام 1979 ، و حرر الأردن وبإصرار وحرص خاص من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله عام 2019 أقليمي الباقورة والغمر، وهو نصر يضاف لأنتصارات الأردن في حروبه . و اخفاق عامي 1948 و 1967 سببه عروبي يكمن في غياب وحدتهم .
ولقد شهدت المئوية الأولى عهد البناء الأول ، وكل ما لمسه الأردنيون من بناء لصروح الجيش والأمن والجامعات والمستشفيات وشبكات الطرق صنع في زمنها ، وجاءت المئوية الثانية لتعزز البناء و تواصله ولتحدث الفرق ، ولتركز على الجودة في كافة مناحي الحياة الأردنية . وتم توجيه علاقات الأردن الخارجية لتكون متوازنة انطلاقا من مصلحة الأردن العليا ، وهي الأساس ، فوازن بين الشرق و الغرب و تجاوز الحرب الباردة بينهما و سباقهما على التسلح . و شكلت الأوراق الملكية للملك عبد الله الثاني طريقا لبناء الداخل الأردني بالإرتكاز على الديمقراطية الحزبية التي من شأنها أن تقود لبرلمانات متقدمة و حكومات تكنوقراط وطنية اصلاحية .و لازال الأردن الوطن الغالي محتاج لتوسيع شبكة المعامل و المصانع و الشركات الأنتاجية الكبيرة و سطه ليتم تطويق الفقر (% 7،17 ) و البطالة ( %22،3 ) ونسبتهما المئوية .
و المساحة الصحراوية في الأردن واسعة ، و هي الغالبة جغرافيا ، ومن الممكن التخطيط للإستثمار التنموي فيها لصالح الطبقة الفقيرة الواسعة المتداخلة مع الطبقة الوسطى ، بحيث يتم تأجير قطع من الأراضي للسكان وسطهم لتشغيلها و بهدف تحريك السوق . و لدينا في الأردن مشكلة تصحر ناجمة عن شح المياه ، و لنا حقوق مائية في دول الجوار ، و تعداد سكان الأردن يزداد طرديا حيث وصل الى أكثر من 11 مليون نسمة ، و هو رقم يتطلب بنية تحتية أقوى ، و للمضي في توسيع العاصمة عمان عبر مشروعها الجديد المنتظر تنفيذه . و السياحة الأردنية محتاجة أيضا لبنية تحتية متطورة خاصة الدينية منها ، و منطقة المغطس ، حيث تعمد السيد المسيح عليه السلام بإعتراف " الفاتيكان " تنتظر بناء متحف الديانة المسيحية فيها ، و لزيادة اقبال الزوار المسيحيين لها من مختلف أنحاء العالم .
ماجرى و مايجري في غزة في الجوار الفلسطيني ، أمر جمع بين البطولة و المأساة ، و جاء قرار الحرب من الجانب العربي فرديا قادته منظمة حماس – حركة التحرر العربية الفلسطينية الإسلامية و ( الأيدولوجيا ) على قاعدة الضغط يولد الأنفجار ، و طفح الكيل ، و بعد تطاولات إسرائيلية على الأقصى و القدس و الأراضي الفلسطينية و العربية ، و على الإنسان الفلسطيني و العربي ، وعلى بيوته ، فكان السابع من أكتوبر عام 2023 ، و امتدت نيرانه لتصيب الأنسان الفلسطيني و ممتلكاته ، و تسببت إسرائيل بحرب إبادة لم يشهد التاريخ مثيلا لها منذ عهد النازية الألمانية بقيادة أودولف هتلر و التسبب في " الهولوكست " اليهودي ولباقي شعوب المنطقة الأوروبية خاصة الجناح الشرقي منه ، فتراوح عدد شهداء فلسطين بين 32 الفا الى مائة الف بما في ذلك منهم تحت الأنقاض ، و غيرهم في سجون إسرائيل و يتعرضون للتعذيب . و تطالب إسرائيل في المقابل بحفنة من الأسرى عددهم محدود ووجودهم مؤقت مرهون بالأفراج عن المعتقليين الفلسطينيين و عددهم يتجاوز العشرة الالف معتقل .
كل هذا يجب أن لا يعني ترحيل حرب غزة الى عاصمتنا عمان عبر مظاهرات و هتافات يومية بدأت تخرج عن مسارها القانوني حسب المادة 15 من الدستور الأردني التي سمحت بحرية التعبير في اطار القانون . و تبين بأن حماس تحركها من الخارج من خلال أسماء كبيرة معروفة ، في وقت محتاج فيه الأردن لعون الأشقاء الفلسطينيين وسط محنتهم . و جلالة الملك عبد الله الثاني بذل جهودا دولية مضنية لوقف الحرب و إستمرار تدفق المساعدات الإنسانية و الطبية لهم و عبر الممرات الممكنة و المسموح بها في ظرف الحرب و نيرانها المشتعلة . وفي زمن الحاجة للبناء الوطني الأردني المستمر .
الأردن لن يذهب بإتجاه الحرب في غزة و التي هي خيار حماس دفاعا عن النفس ، و قدم و يقدم للقضية الفلسطينية و للإشقاء الفلسطينيين كل مافي وسعه . و يتفرغ لتعزيز وحدته الوطنية عونا له على طريق البناء . وفي كل الحروب التي خاضها الأردن مع إسرائيل فرضت عليه من طرفها 1948 / 1966 / 1967 / 1968 / 1973 . وحتى حروب القومية العربية مثل حرب عام 1967 كان سببها الأحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية . و نؤمن في الأردن بخيار السلام العادل طريقا للبناء ، و نتمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 . و الخيار القومي " ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة " متروك ليوم تحقيق الوحدة العربية التي نادت بها ثورة العرب الكبرى الهاشمية بقيادة الشريف الحسين بن علي طيب الله ثراه ، و في حالة عدم استجابة إسرائيل للسلام المنشود القادر على تفعيل مادة القانون الدولي رقم 242 . و للحديث بقية .
مدار الساعة ـ