حطّ جلالة الملك رحاله على أطراف مضارب البادية الشمالية، في العشر الأواخر من رمضان، وفي مدينة أم الجمال الأثرية العابقة بالمجد والتاريخ، فارساً تعرفه البيداء والخيل والليل والسيف والرمح، يعشق الصحراء وربعها، يفخر بالجندية ورجالها، أمضى سحابة ليلة بين "رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً" .
أهل البادية هم حجر الرحى، لطحن عظام الأعداء، وإذا ما قيلَ : ألا يا خيل الله اركبي، تجدهم قوّة الطلائع، أولي بأسٍ شديد، أبت البادية الشمالية أن تكون خاصرةً رخوةً للتهريب، ولا بيئة حاضنة للتطرف، دوماً رديفاً للجيش الباسل، وسنداً لأجهزة الأمن الواعية، فوق ثراها كسر الجيش ظهر المتسللين من الشمال، يذودون عن حمى أوطانهم بشجاعةٍ ونخوةٍ، يفتخرون بأنسابهم وولائهم وإخلاصهم لله و للوطن والملك.
جلالة الملك يميل بطبعه إلى حياة البادية، بهدوئها ونقائها وسكونها وعذوبة جوّها وبساطتها، يشعرُ بتعثّر حظها وبُعدها عن المركز، يحاول الأخذ بيدها ليسعفها على النهوض والإرتقاء بمستوى الخدمات، وتوفير وسائل الحياة الكريمة، يفتح لهم قلبه، يبسط لهم وجهه، فينشرح صدره ويرتفع ذكره، تراهُ يدني القاصي، ويعطف على الصغير، وينظر بإجلالٍ إلى الكبير.
البادية الشمالية ضدّ المشاريع الحزبية الخارجية، تقفُ جداراً صلباً خلف قيادة جلالة الملك، لا تناكف الدولة، ولا تسعى لخلخلةِ الأمنِ والإستقرار، لا تحرّض ضدّ القيادة، تستنكر تأليب الشارع، ولا تسعى لتثوير المجتمع، قابضين على جمر الوطن، حتى لا تعلو سلطة فوق سلطة العرش.