رغم كل ما قارفته آلة القتل الصهيواميركية, من جرائم وحشية وإبادة جماعية وتجويع، ما تزال شعوب العالم تُشاهدها في بث حيّ ومباشر بالصورة والصوت، فضلاً عن ارتكاباتها بحق فرق الإغاثة الدولية, سواء كانت تابعة للأمم المتحدة ووكالتها المعروفة بِـ«الأونروا»، أم تلك ذات الطابع الدولي «الخاص» مثل منظمة «المطبخ العالمي المركزي» وإغتيالها 7 من مُتطوعيها, كان مسؤولو المطبخ العالمي قد نسقوا تحركات فِرقِهم مع قيادة جيش العدو، فضلاً عن المجازر التي ارتكبت بحق الطواقم الطبية الفلسطينية في مشافي غزة، وإخراج ما نسبته 95% من مستشفيات قطاع غزة عن الخدمة. أضف إليها دائماً الإنحياز بل الشراكة الأميركية المُعلنة, في حرب الكيان الصهيوني على القطاع الفلسطيني المنكوب. مع الإستخدام الأميركي الصلف والفظ حدود الوقاحة لـ«الفيتو» في مجلس الأمن, ضد «أربعة» مشاريع قرارات بوقف النار.
نقول: رغم كل ذلك التواطؤ الأميركي, خرج علينا رئيس الدبلوماسية الأميركية/انتوني بلينكن صاحب التصريح الشهير الذي أطلقه في زيارته «الأولى» والخاصة لدولة العدو الصهيوني (بعد السابع من أكتوبر) عندما قال لمُجرم الحرب نتنياهو: (إنني أزور إسرائيل كـَ«يهودي» وليس كأميركي)، قائلاً في دفاع عن إسرائيل أمس/الأربعاء, خلال مقابلة مع الشبكة الفرنسية LCI/TF1 أن (إسرائيل «إنسحبت» من غزّة العام 2005)، وذلك رداً على سؤال عمّا إذا كانت مواصلة الحرب ضد «حماس», تُعرض إسرائيل للخطر؟..في تجاهل مقصود بذاته من بلينكن للحقيقة المعروفة للعالم أجمع أن العدو الصهيوني لم ينسحب من قطاع غزة في العام 2005, وهو قرار اتخذه مُجرم الحرب ارئيل شارون، بل تم تحويل القطاع الفلسطيني إلى «أكبر سجن مفتوح في العالم» وها هو القطاع المنكوب يتحوّل بفضل الأسلحة والقنابل الذكية الأميركية الفتّاكة ووحشية جيش الفاشية الصهيونية إلى (أكبر مقبرة مفتوحة في العالم)، على نحو لم يكن يتم ادخال إبرة واحدة أو ليتر وقود يتيم إلى القطاع, بدون موافقة جيش العدو، فضلاً عن إغلاق المعابر والتنكيل بالغزيين ومنعهم من السفر, سواء عبر معبر رفح، أم تلك المعابر التي تربط القطاع بدولة العدو، وبخاصة في ابتزاز المرضى وقهر المصابين بالسرطان والأمراض المزمنة، فضلاً عن إغلاق «بحر غزّة» أمام الصيادين الغزيين، دون اهمال أن جيش العدو شنَّ «خمس» حروب على غزة أولها في العام 2008، ثم 2009، 2011، 2014، إلى العام 2021 (دون احتساب الحرب الحالية/ السادسة خلال 15 عاماً التي أطلقَ عليها العدو الاسم الكودي «السيوف الحديدية».
حملة التضليل والأكاذيب التي يقودها بلينكن وفريق الإدارة الأميركية, وبخاصة جيك سوليفان وجون كيربي, تروم من بين أمور أخرى صرف الأنظار عن جرائم الحرب والمجازر التي ما تزال تُرتكب في قطاع غزَّة، خاصة في تكرار بلينكن كما مستشار الأمن القومي/سوليفان ومتحدث مجلس الأمن القومي/الجنرال كيربي، الإسطوانة المشروخة عن حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها, في وقت لا يتردّدون في الزعم بأنهم «حريصون» على ايصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مع الحديث بلا توقف (دون أن يقصدوا ذلك أبداً)، عن الهدف الأميركي بـ"إقامة الدولة الفلسطينية»، رغم أنه (أضاف بلينكن أمس في مقابلته مع الشبكة الفرنسية) أنّ هذا الهدف «بعيد المنال»، مُشترِطاً بأن «يكون هناك اتفاق (حقيقي) بين الفلسطينيين والإسرائيليين, وليس اتفاقاً يتم تطبيقه (من جانب واحد من قِبل دول أخرى). ولم تكن العِبارة الأخيرة (عن حكاية «يتم تطبيقه من جانب واحد»)، سوى غمزه من قناة بعض الدول الأوروبية، وبخاصة إسبانيا، إيرلندا، سلوفينيا وبلجيكا, التي اتفقت فيما بينها على «الاعتراف» بالدولة الفلسطينية قريباً. (بل إن رئيس وزراء إسبانيا/ بيدرو سانشيز, حّدد المُدَّة التي لن تتجاوز تموز المقبل).
هنا يحاول بلينكن قطع الطريق على المحاولات الأوروبية، وخصوصاً اعتزام سُلطة الحُكم الذاتي في رام الله تقديم طلب رسمي للأُمم المتحدة/مجلس الأمن الدولي، لنيل العضوية الكاملة وليس بصفة مراقب كما هي الحال الآن.. زد على ذلك مواظبة بلينكن الدؤوبة, خلال زياراته الـ«6» الفاشلة للمنطقة (السابعة للكيان الصهيوني»، العمل على توسيع «دائرة التطبيع»,. مع تأكيده/أول أمس ومن باريس أيضاً, (التزام الولايات المتحدة «المديد» بضمان أمن إسرائيل).
أين من هناك إذاً؟.
تصريحات بلينكن المسمومة هذه، تأتي في غمرة «الضغوط التي يُمارسها الرئيس بايدن على الكونغرس الأميركي, لبيع إسرائيل طائرات F.15 بقيمة «18» مليار دولار, في الوقت ذاته الذي يتجاهل فيه بايدن نفسه «الدعوات داخل أميركا نفسها, كما معظم دول وشعوب العالم, لواشنطن للحدّ من بيع الأسلحة الأميركية لإسرائيل, بسبب حربها الوحشية المتواصلة على قطاع غزة، على ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أمس/الأربعاء.