لو منح الله " كييف " العاصمة الأوكرانية قيادة تشبه زمن فيكتور يونوكوفيج وما قبله ، لحافظت أوكرانيا على سيادتها ، و لو تمكن بيترو باراشينكا من تسريع تطبيق اتفاقية " مينسك " لما خسرت أوكرانيا نصف سيادتها بعد سيطرة روسيا على " القرم " و " الدونباس – دونيتسك و لوغانسك ، و زاباروجا و خيرسون بعد تحريك عمليتها العسكرية الخاصة التحريرية الدفاعية ، و بعد الإرتكاز على الأحقية التاريخية ، ومادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 751 التي تخول الدفاع عن السيادة ، وعلى اتفاقية تفكيك الاتحاد السوفيتي التي تمنع إجراء تحالفات معادية .
ولم تنجح الثورات البرتقالية الأصلاحية الأوكرانية بين عامي 2007 و 2014 من ابعادها عن التدخل اللوجستي الأمريكي و الغربي ، و لم يخلو انقلاب " كييف " 2014 من نفس صبغة التدخل العجمي . و زج الرئيس فلاديمير زيلينسكي بلاده في حرب تصفية مع الجناح الشرقي و الجنوبي بهدف ضمهم قسرا . لكنهم رفضوا مشروعه عبر صناديق الأقتراع ، و بلغت فاتورة الحرب الداخلية الأوكرنية أكثر من 14 الف قتيل من الأوكران و الروس المواطنون هناك ، وتم تشريد غيرهم ، و توجيه تهمة باطلة من طرف سلطة " كييف " لموسكو مفادها بأنها ترحل أطفال أوكرانيا للداخل الروسي لدمجهم في المجتمع الروسي ، بينما قصدت موسكو حمايتهم من العملية / الحرب .
و الفرصة الأخيرة للسلام بالنسبة للعاصمة " كييف " كانت متوفرة في مفاوضات تركيا ، لكن أوكرانيا – زيلينسكي اختارت تسليم ملف أزمتها لأمريكا و الغرب ، لذلك بدا واضحا بأن الحرب التي تعتبرها موسكو مجرد عملية محدودة تستهدف تنظيف أوكرانيا من التطرف البنديري ، و عدم السماح لأمريكا و الغرب السيطرة على أركان الدولة الأوكرانية المجاورة لها من طرف الجنوب ، والتي لم تستهدف أوكرانيا ولا الأوكران ، تحولت الى عملية عسكرية خاصة ضد التطرف الأوكراني و سلطة " كييف " ومع الغرب الأمريكي بالوكالة . ولقد صرف الغرب أكثر من 200 مليار دولار بهدف ديمومة اشعال الحرب ، و لأستهداف أوكرانيا و روسيا معا ، و لازال الصرف الغربي ماثلا ، و السلاح كذلك يتحرك من جهة الغرب تجاه العاصمة " كييف " و بهدف استمراية الحرب الباردة و سباق التسلح و استهداف روسيا الناهضة بإستمرار .
لم تنج العاصمة الأوكرانية في حربها ، و لم يتمكن الغرب و بكل ما دفع من مال أسود و سلاح حديث و قديم من تحقيق نتائج عسكرية أوكرانية على الأرض ، وبقيت " كييف " تراوح المكان في حربها ، و في المقابل حققت روسيا نجاحات عسكرية تحريرية كبيرة ، وكلما طالت الحرب بجهد أمريكي – غربي واضح ، كلما خسر الجناح الغربي الأوكراني أكثر ، و أصبح الأمر أكثر وضوحا بعد حادثة غرب موسكو الإرهابية 2024 ، و ضلوع الأستخبارات الأوكرانية فيها ، و محاولة نظام " كييف " ابعاد التهمة عن حاله ، و كذلك الأمر محاولة أمريكا نفي التهمة عن سلطة " كييف " ، بينما التحقيقات الجنائية مع العصابة التي تم الاعلان على أنها تنظيم القاعدة – داعش الإرهابية أثبتت تورط " كييف " في الحادثة الإرهابية في موسكو ، و المعروف بأن تنظيم القاعدة متعهد أزمات و حروب ، وهو مجرم ، و يعمل على تجنيد المرتزقة لتحقيق أهداف الجهة المحركة له مقابل الحصول على مال وفير . و العين الروسي ايقور ماروزوف في مقابلة خاصة حديثة يشكك بأن العصابة من تنظيم القاعدة ، و إنما عصابة من أجل المال و مرتبطة بالأستخبارات العسكرية الأوكرانية .
و الان تطالب موسكو " كييف " تسليمها شخص مدير الاستخبارات لديها و المتورطين الأوكران بالحادثة الإرهابية ، و تتهرب " كييف " من الطلب الروسي مذكرة موسكو بطلب الغرب اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين . و بطبيعة الحال لا مجال للمقارنة بين حدث الأمس الأوكراني في موسكو ، و بين طلب الغرب السرابي وغير المعقول و لا المفهوم من موسكو . و من خسر الحرب ذهب الى الأرهاب مثل " كييف " و الغرب ، بحثا على ما يبدو عن أقصر الطرق . ومن توجه للحرب مع روسيا ، مثل " كييف " و الغرب ، خاصة أمريكا و بريطانيا – بوريس جونسون لم يحسنوا حتى الساعة التفريق بين ميدان الحرب و الأرهاب . و روسيا لا تستهدف في حربها الأوكران و أوكرانيا مثلما تستهدف التطرف ، بينما يستهدف الأرهاب المواطنين الروس ، النساء ، و الأطفال ، وهو عمل جبان و قذر وغير مقبول .
و بما أن " كييف " ترفض تسليم المتورطين الأوكران في حادثة موسكو الإرهابية وفي مقدمتهم مدير الأستخبارات ، فإن الخيار الوحيد المتبقي لها هو توجيه عقوبة للعاصمة " كييف " لا يعرف شكلها حتى الان . و الخطوة الأولى الروسية التي بدأت بالأقتراب من " كييف " ومن دون سلاح ، ستقود لخطوة ثانية تجاه " كييف " ، و الا فإن الأرهاب من طرفها تجاه روسيا سوف يستمر ، ومعالمة تكرر الان في المدن الروسية و المحررة روسيا مثل القرم ، و بيلغاراد ، و فارونيج ، وفي منطاق القفقاس . وهاهي موسكو تعلن عن تعبئة عسكرية جديدة لتعويض النقص الحاصل وسط العسكرية الروسية بعد اشتراك أكثر من نصف مليون جندي في العملية / الحرب الأوكرانية .
المشاركون في الحدث الأرهابي غرب موسكو من شبكة الأرهاب الواسعة ذات العلاقة مع القاعدة المسخة ، أصبح معظمهم خلف القضبان ، و يصعب على " كييف " انكار عدم الضلوع في الحدث المأساوي ، و أمريكا لن تكون عادلة اذا استمرت في حماية أوكرانيا – كييف و ابعاد الأنظار عن ضلوعها فيه ، و ملف التحقيق يثبت الحقيقة التي لا يمكن تزويرها . ومن بدأ الحرب و خسرها يسهل عليه انكار اليوم الثاني فيها ، و أقصد طريق الأرهاب ، وهو الذي لن يوصل لنتيجة ايجابية .
موسكو في عمليتها العسكرية الخاصة التي أطلقتها بتاريخ 24 شباط 2022 ، و هي لم تبدأ الحرب الأوكرانية ، و لم تبحث عنها فعلا . و تطور عسكري استراتيجي يحصل في القطب الشمالي ، وهو ليس بجديد منذ عشر سنوات ، لكنه مستمر ، و يعكس شروع حلف الأطلسي للتمركز قرب العاصمة موسكو و مدينة البحرية الحربية الروسية " سانت بيتر بورغ ، و روسيا متنبهة له و تواجهه بالمثل . و خطوة الحقبة القيصرية في بيع اقليم " الاسكا " عام 1867 لأمريكا رغم أهميته الاستراتيجية وسط القطب الشمالي كانت سلبية ، و تحمل روسيا المعاصرة جهدا مضاعفا في مواجهة تمدد حلف " الناتو " في عمق القطب الشمالي .
وفي المقابل فقدت روسيا حلف " و ارسو " مع انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 ، و شكلت حلفا عسكريا و اقتصاديا من الدول المستقلة عن الاتحاد ، و يواجهون مجتمعين " الناتو " ، و تمتلك موسكو لوحدها قدرة عسكرية فوق نووية يصعب على أي تحالف عسكري عالمي احراز نصر عليها أو على حلفاؤها .