بعد الأفطار اليوم استمعت لسيدة تهاجم رجال الأمن العام في مسيرة الرابية أمس, لفت انتباهي جملة قالتها لهم وهي ( يا قليلي الأصل) ...هنا علينا أن نتوقف , لأن مؤسسة الأمن العام لاتضم بين جوانحها أولاد الحرام ولا (قليلو الأصل) , هذه المؤسسات بنيت على القيم والشهامة والرجولة , فمعظم من انتسبوا لها جاءوا من خلفيات عشائرية وبدوية وحضرية , وحين انخرطوا في صفوفها حملوا سجايا أريافهم وعشائرهم وقراهم وبيئاتهم البدوية وأسقطوها على المؤسسة , لهذا كانت مثالا في التفاني والإخلاص .
الهوية الوطنية الأردنية مصدرها الجيش والقوى الأمنية , والهوية الوطنية من رسم معالمها وحددها هو الجيش ..الهوية الأردنية هوية شرسة ,مقاتلة, جامحة ومن رسخ هذه الهوية وفرضها في الإيقاع العربي والتاريخ , هو البندقية والرجولة و( ف ل س ط ين ) لهذا فالهويات لا تبنى على (قليلي الأصل) ..لأن هذه الفئة من الناس هي من تبني الخيانة والفوضى وبيع الأوطان , لوكانت تعرف هذه السيدة أنها بكلمتها المبتذلة شتمت عظام أهلنا في قبورها والذين أمضوا العمر بين (البوريه والقايش) , لو تعرف أنها شتمت التاريخ والشوامخ من التاريخ والسواري العالية وشتمت الكرامة والضمير لما تجرأت على قول ما قالته .
الجيش والمؤسسات الأمنية قادرة على حماية أفرادها , لكننا نحن الذين نشأنا على (صوت الكونتنتال) وعلى خبز الجيش حين يأتي في معسكرات الزرقاء طازجا , وعلى مدارس الجيش وهي تعلمنا الحرف والكتاب والعقيدة , وعلى مشافي الجيش التي خرجت أكفأ الأطباء في العالم العربي , وعلى مونة الشتاء التي كانت تأتي من مؤسسات التموين العسكرية ...نحن الذين نشأنا على الفخر بالرتبة , ونشأنا ونحن نتتبع (الحز) الموجود في رؤوس العسكر بفعل تأثير البوريه , لن نسمح لتلك السيدة بأن تعتبر من بنى تاريخنا ووجودنا وصاغ أحلامنا هو (قليل أصل ) ...
لقد صعقت وهي تصف جنود الأمن العام بأنهم (قليلو أصل) , أعتذر لكم فأنتم أصل الشرف ولانكم أصل الشموخ ولأنكم الأصل في الصبر والحياة , ولأنكم ارتضيتم أن تسمعوا كل شيء وتصمتوا ليس خوفا بل عفوا والعفو صفة الكريم الكبير ولم تكن صفة (قليل الأصل) يوما .
قد نمرر في لحظة شتيمة فردية هنا أو هنالك , لكن أهلنا لايشتمون ..أهلنا الذي حرسوا وضحوا وقاتلوا , أهلنا الذين تحملوا فوق ما تحتمله الجبال ..اهلنا الذين ظلوا على وفائهم لمؤسسات بنوها بعرقهم ودمع عيونهم ..أهلنا الذين طوروا في جهاز الأمن العام , وتحملوا المطاردات والنار ...جهاز الأمن العام الذي قدم فقط في مديرية واحدة من مديرياته وهي مكافحة المخدرات ..عشرات الشهداء كي يحمي أولادنا من هذه الظاهرة ..لايستحقون أبدا كلمة (قليلو الأصل) ...
فقط لو أن هذه السيدة راقبت أداء (عيالنا ) في هذه المديرية وحدها وهي مكافحة المخدرات, وهم يتصدون للرصاص بصدورهم ويقاتلون لأجل سلامة المجتمع والدولة ولأجل حماية أولادها وأهلها لما تجرأت بقول هذه الكلمة ...
إلى هنا ويكفي فالصمت عن هكذا كلام, وهكذا استعراض ..هو بحد ذاته جريمة لا تغتفر.
عبدالهادي راجي المجالي