التحديات التي تواجه الدول متغيرة بين محلية وخارجية، فمرة تكون الأولى غالبة، واخرى تكون الثانية متفوقة، والدول الحصيفة هي التي تعيد ترتيب هذه التحديات وتعدل من استراتيجياتها على أساسها.
دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأميركية تقوم أجهزة الاستخبارات فيها بإعداد تقرير سنوي يتضمن التحديات ويرتبها وتجري مناقشته في جلسات مفتوحة في "الكونغرس"، كما أن مراكز الدراسات التي تعتمد عليها الإدارة الأميركية تقوم بذات المهمة.
بالنسبة للأردن فأن هذه التحديات تكاد تكون ثابتة تزداد واحدة وتنقص اخرى، لكن لا أعرف ما إذا كانت هناك جهة ما تتولى مهمة تحديث هذه التحديات بشكل سنوي وترتيبها، ولم تقم أي من مراكز الدراسات التي نعرفها بمثل هذه الدراسات علنا.
التحديات التي تواجه الأردن ولدت معه، فهناك الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والضفة الغربية والاستيطان ومخاوف التهجير، الذي لم تزيله إسرائيل من قائمة أهدافها حتى بعد اتفاقية السلام عام ٩٤.
يمكن أن نجتهد فنضع إسرائيل وأطماعها في تهويد القدس وابتلاع الضفة الغربية وغزة في مقدمة هذه التحديات.
أما التحدي الآخر فهو المخدرات وتزايد تهريبها عبر الحدود وارتفاع عدد المهربين والمروجين والذين بلغت أعدادهم حسب أرقام ليست رسمية نحو ٣ آلاف مروج.
أما التحدي الثالث فهو الإرهاب، فهو يصعد ويتراجع حسب المتغيرات والتطورات في المنطقة.
أما التحدي الرابع فهو استمرار حالة عدم الاستقرار في سوريا واستمرار حالة الارتباك السياسي في العراق، أما التحدي الخامس فهو الصراعات الإقليمية، وتبذل مراكز القوى وكذلك المتغيرات على الساحة الدولية خصوصا في أميركا وروسيا والصين وأوروبا.
هذه هي التحديات الخارجية، أما التحديات الداخلية فبلا أدنى شك هي اقتصادية، وما ينجم عنها من بطالة وفقر وما إلى ذلك من مشاكل اجتماعية وسياسية.
يمكن إضافة تحد آخر لا يقل أهمية لهذه السنة وهو الانتخابات البرلمانية ونتائجها وهي التي ستحدد شكل الشريك القادم الحكومة لسنوات أربعة مقبلة.
الصعوبات التي يواجهها الأردن تعود إلى عوامل ومؤثرات خارجية، ولكن الأردن مؤهل للتعامل معها بقدر ما يستطيع، لكنه لا يستطيع أن يغيرها بأكثر مما يستطيع.
المشكلة الأهم هي داخلية بامتياز، مثل الضعف الاقتصادي، وارتفاع الأسعار، والبطالة، وموجات اللجوء التي يتعرض لها الأردن، وأزمة الثقة عموما والاعتقاد بانتشار الفساد!.
على رأس التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن ضعف الموازنة العامة وعجزها حتى بعد المنح الخارجية المتناقصة، مما يضطر الخزينة لسد الفجوة عن طريق الاقتراض الداخلي والخارجي مما يؤدي إلى تراكم المديونية.
في مطلع هذه السنة، أي مع انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، قفزت المديونية.
تحت هذه الظروف الضاغطة ليس غريباً أن تتصدى الحكومة لخطة تحديث اقتصادي، وأن يقاس إنجازها بالمقياس الاقتصادي والمالي.
الأردن الذي صمد طويلاً في وجه التحديات الوجودية، يستطيع أن يصمد أمام التحديات الاقتصادية وأن يخرج من عنق الزجاجة كما فعل دائماً.
لا نحتاج فقط إلى ترتيب التحديات بل أيضا إلى اقتراح حلول لمواجهتها.